Site icon IMLebanon

حكومة الوحدة الوطنية مرفوضة من المعارضة والحراك الشعبي

خيار الحكومة الحيادية يتقدّم بعد فشل تجارب حكومات الوحدة أكثر من مرّة

 

قوبل طرح تأليف حكومة وحدة وطنية كبديل عن حكومة حسان دياب المتهالكة كخيار للخروج من المأزق الصعب الذي يعيشه لبنان حالياً، بفتور ظاهري ورفض ضمني من قبل قوى المعارضة، باعتبار ان مثل هذا الطرح الذي تردّد انه نوقش خلال لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع الزعماء السياسيين كحل وسطي مقبول يُرضي الأطراف السياسيين المختلفين، لم يعد مجدياً ولا يصلح لمقاربة الأزمة المستفحلة والتي تزداد تعقيداً وصعوبة مع بروز مشاكل تضاف الى الأزمة الأساسية المتعددة الجوانب، سياسياً، مالياً، وأمنياً واجتماعياً على حدٍ سواء.

فهذه الصيغة، صيغة حكومة الوحدة الوطنية، جربت مراراً بالممارسة خلال السنوات العشر الماضية، تحت عناوين تفادي الانقسام السياسي، ومنع الفتنة وتوحيد القوى السياسية للنهوض بالوطن وما إلى هنالك من شعارات فضفاضة، ولكنها كانت تخفي وراءها نوايا مبطنة، لا تلبث ان تظهر إلى العلن وتؤدي إلى تفاعل الخلافات بين مكوناتها بسبب تملص «حزب الله» وحلفائه من التزاماتهم وتعهداتهم وخرقهم المستمر وتجاوزهم للبيانات الوزارية وللدستور ولمقتضيات النأي بالنفس عن الأزمات والحروب المشتعلة والخطط العامة للنهوض وحل المشاكل المالية والاقتصادية وقضايا الكهرباء والنفايات وما إلى هنالك، كما حصل في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري عام 2010 والحكومتين الأولى والثانية من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وكان مصير كل هذه الحكومات الفشل الذي أدى إلى ظهور نقمة شعبية عارمة، ضد هذا النوع من الحكومات أيضاً.

وكما فشلت صيغ حكومات الوحدة الوطنية السابقة لمرتين في العهد الحالي، وأكثر من مرّة في السابق، وكذلك فشلت حكومة اللون الواحد الحالية، حكومة حسان دياب المدعومة من «حزب الله» و«التيار العوني» بالكامل، فلم يعد بالإمكان تكرار أيّ من الصيغتين الفاشلتين في تأليف الحكومة المرتقبة التي تشكّل خياراً مؤاتياً ومقبولاً للخروج من الأزمة الحالية، لأن جوهر المشكلة أصبح معروفاً ولا يكمن في شكل الحكومة وتركيبتها كما يروّج البعض لذلك، بل تكمن المشكلة في ناحيتين اساسيتين، الأولى، الأداء السيىء لرئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه الرئاسي والثانية، في إمعان «حزب الله» بالهيمنة واستغلال مؤسسات وادارات الدولة لتنفيذ خططه وارتكاباته ضد الدول العربية الشقيقة والصديقة على حساب مصالح لبنان وشعبه.

لذلك، فإن البحث عن أي طرح لتأليف حكومة جديدة تكون قادرة على مقاربة المشكلة القائمة وتستطيع ممارسة مهامها بنجاح للخروج من المأزق الحالي، لا بدّ أن تتجاوز أو تستطيع تحييد أو تجنّب العوامل السلبية عن التحالف السلطوي القائم بين فريق الرئاسة العوني و«حزب الله»، لكي تستطيع القيام بالمهام المنوطة بها وتحقق النتائج المرجوة منها، وإلا سيكون من الصعب تسويقها واخراجها إلى حيِّز التنفيذ الفعلي في ظل التماهي الحاصل بين الطرفين المذكورين، وهذا لا يبدو ممكناً في الوقت الحاضر.

إزاء هذا الواقع، لا يبدو خيار تأليف حكومة جديدة على قياس صيغ الحكومات السابقة الفاشلة ممكناً، فيما يذهب البعض إلى إعطاء تفسيرات تجميلية للصيغة التي طرحها الرئيس الفرنسي للحكومة المقبلة تصلح للخروج من المأزق الحالي، وهي صيغة متقدمة على صيغة حكومة الوحدة الوطنية وليس مطابقة لها، وهو ما يفسّر بأنه أي صيغة يمكن أن يتفق عليها اللبنانيون.

أما ما يتردد عن تقدّم طرح حكومة حيادية أو حكومة مستقلين أو حتى حكومة انتقالية، فإنه يتقدّم على سائر صيغ الحكومات السابقة، بالرغم من وجود اعتراضات من «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» ولكنها أقل حدة من السابق، ما يُشكّل اطاراً لمناقشته والتداول فيه من كل الأطراف بعد استقالة حكومة حسان دياب، فيما يلاحظ ان مسألة تشكيل الحكومة الجديدة قد دخلت بالفعل في جانب منها ضمن المداولات والتفاهمات الإقليمية والدولية منذ لقاء الرئيس ماكرون مع الزعامات اللبنانية، وستكون حاضرة في لقاءات ومداولات المسؤول الأميركي دايفيد هيل وبالطبع ولادتها تأتي في إطار هذه التفاهمات وليس خارجها كي تكون قابلة للاستمرار، وإذا تعذر التفاهم الداخلي على صيغة الحكومة المقبلة في ظل أي خلاف إقليمي وانقسام دولي حولها، فهذا يعني مرحلة دخول لبنان مرحلة طويلة من الفراغ الحكومي واستفحال وإطالة أزمة تشكيل الحكومة الجديدة حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة على الأقل.