يُنتظر أن يُفصح الرئيس نبيه بري، في غضون الأيام القليلة المقبلة، عن المدى الذي بلغه المسار الذي يقوده الهادف إلى تمهيد الطريق أمام تشكيل الحكومة المفترض أن تؤلَف ليس فقط تحت إلحاح الخارج، خصوصاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنما تحت ضغط الحاجة الشعبية، والوطنية عموماً، إلى انتظام السلطة التنفيذية في خضم هذه الأزمات والكوارث المصيرية التي تضرب لبنان، وما أكثرها، وكلٌ منها يكفي للعمل لكي يصل هذا المسار إلى خاتمته المرجوة في أقرب فرصة ممكنة.
الجميع يُقر ويعترف بأننا لا نملك ترف الوقت في التأخير والمماطلة. فالبلد في قلب البركان المشتعل، إضافة إلى المتغيرات التاريخية في لبنان والإقليم بالنسبة إلى المخططات المرسومة للمنطقة والموضوعة على نارٍ حامية، والتطور الستراتيجي المستجد على الصعيد العربي – الإسرائيلي، وما يبدو من بوادر تسويات من سوريا إلى اليمن، كان العراق سباقاً في التعامل معها.
وثمة حقائق لا يمكن تجاهلها:
أولاً- من الواضح أن تجارب حكومات الوحدة الوطنية، التي عرفناها في حقبة ما بعد الحرب كانت «تسووية» أكثر منها وفاقية. والتسوية هي في حقيقتها تقاسم مغانم أكثر مما هي توافق وطني عام. بدليل أن الوحدة الوطنية (ولنقلها بصراحة) كثيراً ما لم تكن وحدةً ولا وطنية، إذ بقيت الخلافات مستعرةً على الخيارات الوطنية الكبرى. لذلك كان «طبيعياً» أن تسقط تلك التسويات عند أول منعطف كبير.
ثانياً- أما الحكومات التي تقوم على التوافق فتنطلق من حتمية تحقيق «ربط نزاع» من دون الإلتزام، سلفاً، بانتخابات رئاسية وبتقاسم مصالح ونفوذ إلخ…
ثالثاً- إن حكومات الوحدة الوطنية تُعطي «حق النقض» (الفيتو) لكلٍ من أطرافها الرئيسة وهو «بريستيج» من شأنه أن يشل السلطة التنفيذية.
رابعاً- وأما أن يتّجه طرفٌ من هنا وآخر من هناك لئلا يُسمي رئيس الحكومة الآتية، ولأن يُعارضها سلفاً، فهذا لا يُسقط الميثاقية.
وأخيراً، إننا نرى أن أفضل الحكومات وأكثرها إنتاجاً تلك التي تجمع حولها التفافاً وطنياً وتحقق الإنجازات ليس بتقاسم المغانم إنما بدرء الأخطار عن البلاد والعباد.
خليل الخوري