لاتزال الحالة الرمادية ، أو حالة الغموض والضبابية تخيّم على ماتبقى من لبنان ، والتي ازدادت غموضًا ؛ عقب اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن مهمته بعد نحو ٩ أشهر من تسميته من قبل الاستشارات النيابية في شهر سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٠ ؛ في إطار القلق من فوضى هدّامة تحمل معها العديد من السيناريوهات السوداء تتقاطع عند إحداثيات غير مبشرّة بأي حلول على المدى المنظور .
فمن أزمة التكليف قبل الاستشارات النيابية في محاولة جديدة من حاكم قصر بعبد لتمزيق دستور ١٩٩٠ ، الذي أقسم في ٢٠١٦/١٠/٣١ على الحفاظ عليه ، يعود ما تبقى من لبنان بسب الفشل السياسي لهذا العهد الذي يسميه صاحبه”العهد القوي” ، يعود إلى أزمة التأليف لتتراكم الأزمات في زاوية تلقي بثقلها على شعب معتّر مقهور أمسى عاجزًا تمامًا عن توفير مستلزمات حياته اليومية ، بسبب ضغط حالة “الإفلاس والمجاعة” الذي تسبّب بها فشل “العهد الضعيف” ، وهذا ما سيؤدي حتمًا إلى تداعيات أشد اسودادًا على حال البلاد والعباد .
لذا خذّرت أول من أمس الأمم المتحدة المسؤولين السياسيين بضرورة تشكيل حكومة قوية تتمتع بكامل الصلاحيات ، كما جدّدت دعوتها لإجراء تحقيق نزيه وشفاف بانفجار مرفأ بيروت ( أي التفجير الجهنمي الذي أطاح بحوالي ربع مساحة بيروت في ٢٠٢٠/٨/٤) ، الذي لم يعد يفصلنا عن سنويته الأولى الا حوالي عشرة أيام .
كما سارعت باريس أول من أمس أبصا إلى توجيه إنذار شديد اللهجة إلى المسؤولين السياسيين اللبنانيين بضرورة تشكيل حكومة قوية بكامل الصلاحيات قبل ٤ أغسطس/أب المقبل ، وإلّا فإن العقوبات ستفرض على مسؤولين لبنانيين بما فيهم حاكم قصر بعبدا .
وأتى هذا الإنذار الأخير للمسؤولين السياسيين اللبنانيين قبل حلول السنوية الأولى للتفجير الجهنمي لمرفأ بيروت .
وقبل انعقاد المؤتمر الدولي الجديد الذي دعت إليه فرنسا في ٤ أغسطس/ آب المقبل في باريس ، للاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني الغارق في أزمة ” الإفلاس والمجاعة” ، التي تفاقمت بعد اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة المستحيلة التي لم تبصر النور خلال الشهر التا.سع بالرغم من العملية القيصرية التي تمت لتسيهيل ولادة هذه الحكومة المستحيلة!!
هذه التحذيرات الدولية الجديدة للمسؤولين السياسيين اللبنانيين بضرورة تشكيل حكومة قوية تتمتع بكامل الصلاحيات ، والّا فإن العقوبات الأوروبية تحديدًا ستطالهم جنيعًا وفي مقدمهم حاكم قصر بعبدا ، تشير إلى أن سياسة “الفرص المفتوحة” التي دأب المجتمع الدولي على تبنيها مع لبنان ، تاكّد له الآن على أنها لم تعد تجدي نفعًا .
خصوصًا أن التجربة أكدت على أن الضغوط الدولية التي مارستها فرنسا ، خصوصًا منذ زيارة رئيسها إلى لبنان عقب التفجير الجهنمي ؛ على المسؤولين اللبنانيين في تسريع عملية التأليف لم تنجح ، رغم أن المجتمع الدولي اشترط تشكيل حكومة من اختصاصيين تقوم بإجراء إصلاحات جذرية مقابل الدعم المالي الدولي .
هذه المشهدية السياسية المعقّدة الأولى من نوعها في تاريخ لبنان بعد ١٠١ سنة من ولادته على خريطة المنطقة السياسبة.، رأى المجتمع الدولي “الاتحاد الاوروبي” تحديدّا أن لا حل مع هذه المشهدية السياسية المعقّدة إلًا الضغط على المسؤولين السياسيين بالعقوبات لدفعهم إلى مغادرة مواقعهم التي اعتادوا عليها ، بينما الشعب المعتّر المقهور يلفظ أنفاسه الأخيرة ولا من مغيث له من حاكم قصر بعبدا .
كما رأى الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا وبعد فشل الانفتاح على المبادرات المطروحة دوليًا ، وفي الوقت الذي يرجِّح فيه البنك الدولي أن يكون الانهيار الاقتصادي في لبنان من بين ثلاث أشد أزمات في العالم منذ عام ١٨٥٠.
ولكن هل ستنجح سياسة الضغط الأوربي هذه على الإسراع في تأليف الحكومة المستحيلة قبل ٤ أغسطس/آب المقبل ..؟
معظم المؤشرات تشير إلى أن خطوة التأليف مستبعدة حتى الآن ، وفي ظل الضغوطات الأوروبية، وفي مقدمها الضغوطات الفرنسية ، وذلك بالنظر إلى حالة التشتّت والارتباك السائدة على المشهدية السباسبة اللبنانية الحالية الفريدة من نوعها في تاريخ لبنان منذ ولادته في١٩٢٠/٨/٣١ ،
وتشير معظم هذه المؤشرات إلى أنه استادًا إلى ما سبقه من تمسك مختلف الأطراف السياسية.بشروط لم تخففّها حتى الضغوط الخارجية ، وتلويح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات مباشرة على السياسيين المعرقلين لتشكيل الحكومة المستحيلة ..
ومما يثير القلق دوليًا في هذا السياق هو أن إحداثيات المشهدية السياسية الحالية في لبنان ، تعكس انطباعًا واحدًا وهو فشل المسؤولين السياسيين في التغيير والإصلاح ، فيما يمكن اعتباره تعنتًا جراء حسابات سياسية ضيّقة تستهدف تدوير الأزمة لإطالة أمدها ( أي الرهان على عامل الزمن) بما يخدم مصالح حاكم قصر بعبدا في توريث غير شرعي للصهر سند الضهر لحكم ماتبقى من لبنان ..!!!
وإن بعد غدٍ لناظره قريب ..