IMLebanon

غير ذي شأن

 

وجهتان في تحليل الأوضاع اللبنانية الراهنة لم تعودا “ذات شأن”. الأولى تتمسك برواية السلطة والحكم الآفلة، فتكررها وتجترّها من دون النظر الى الوقائع الجديدة الناتجة عن تحكم فرقاء تلك السلطة بالتفاصيل منذ خروج الجيش السوري من لبنان في ربيع 2005.

 

والعودة الى هذا التاريخ تحديداً ضروري لمنع تجهيل الفاعل وتضييع المسؤولية، فقبله كان جلّ الحكام يتناتشون الدولة بوصفها ” بقرة حلوباً” على وصف الرئيس الياس الهراوي، لكن مرجعيتهم في الحكم والتناتش والمحاصصة وتبادل المنافع، كانت السلطة السورية الحاكمة والمتحكمة اولاً وأخيراً.

 

بعد رحيل النظام السوري دخل السلطة شريكان جديدان، “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وسرعان ما اندمجا في آليات “البقرة” إياها الى جانب قدامى “المحاربين”. تلبنن الفساد لكن مركز القرار انتقل من عنجر الى “حزب الله”، الذي فرض وجهة نظره في رئاسة الجمهورية، بالطريقة التي فرض نظام الأسد وجهة نظره في التمديد للرئيس أميل لحود.

 

الحصيلة السياسية والاقتصادية والمالية لهذا الفريق المهيمن منذ 2005 هي ما يعيشه لبنان اليوم من أزمة وانهيار، ومع ذلك يسمح الأقوى في الفريق لنفسه بالتهديد: إما حكومة دياب وإما الفوضى وحكم الأقوى!!! تُرى ألا يشعر صاحب هذا القول أن كلامه قد تخطاه الزمن وهو “غير ذي شأن”؟.

 

التحليل الثاني يتناول الانتفاضة الشعبية، ويذهب في نظرته الى القول بتراجعها وهمودها، لكن ذلك غير صحيح ولا يتمتع بالدقة. فالغضب دخل المنازل والقرى والمدن، وهو يستند الى البرنامج الذي فرضه أركان السلطة على الناس وقوامه تعميم الفقر وتوحيد الصفوف أمام المخازن والمصارف والمستشفيات…

 

مثل هذا “البرنامج” الذي لم تقدم السلطة غيره حتى الآن كاف وكفيل بأن يبقي جذوة الغضب مشتعلة، لتتحول في لحظات الى مسيرات وحشود.