ستمرّ اليوم جلسة مجلس النوّاب وسينتخب الرئيس نبيه برّي للمرّة السّابعة لنفس المنصب وستنتخب الهيئات واللجان ونائب الرئيس، عسى أن يوفّر المبتهجون دماء الأبرياء فلا يبتهجون برصاصهم العشوائي وإن كُنّا نشكّ كثيراً أنّهم لن يطلقوا الرّصاص، وأن يمرّ هذا النّهار من دون ضحايا، وأن تقتصر أضراره على الماديّات، المهم هو ما بعد اليوم الثّلاثاء والسّؤال المطروح: هل سيدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فوراً إلى استشارات نيابيّة ملزمة، أم أنّه سيناور كما فعل في المرّات السّابقة عندما عطّل عملية التّسمية الملزمة لرئيس حكومة محاولاً القفز فوق الدّستور لفرض رئيس يحظى برضى صهره المدلّل؟! عمليّاً أقصر الطرق إجابة على السّؤال هو أنّ غداً لناظره قريب..
ربّما من الأفضل قول الأمور كما هي والاعتراف أنّ رئاسة الحكومة فقدت دورها منذ عمد فريق سياسي إلى تمريغ أنفها في وحول الحكم وإضعافها إلى حدّ بتنا نترحّم فيه على رؤساء وحكومات ما قبل “الطائف”، لأنّه ومنذ ما بعد اتفاق الطائف أصبح تشكيل الحكومات بيد الاحتلال السّوري ففرضت على لبنان الحكومات الثلاثينيّة وحضر جواسيس الاحتلال في كلّ الحكومات التي تمّ تشكيلها أو كما كان يُطلق عليهم “ودائع” وانحصرت مهمة هؤلاء في أمريْن الأوّل نقل تفاصيل ما يقوله رئيس الحكومة وكلّ ما يجري بحثه خلال اجتماعات الحكومة، وسمّيت كلّ الحكومات باسم الوفاق والوحدة الوطنيّة، والثّاني في الحرتقة وتعطيل مراكب أي حكومة وعرقلة مسيرها وشنّ الهجوم على رئيسها وتخوينه متى أتت أوامر الاحتلال بذلك!
ليس صحيحاً أبداً ولا بأي شكل من الأشكال أنّ الحكومة هي “مؤسسة لترجمة الوفاق الوطني وإدارةِ شؤون الدولة تحت سقف القانون والعدالة والدستور والعيش المشترك”، وهذا كلام بعيد جداً عن الحقيقة ويجانبها تماماً، هذا ما تفترضه النصوص المفرغة من مضمونها والمعطّلة بقوة الاحتلال وبقوة بدعة التعطيل الميثاقي، منذ اخترع الاحتلال السوري للبنان بعد حرب السنتين بدعة “حكومة وفاق وطني” أو “حكومة وحدة وطنيّة” أو مهما كانت تسميتها صار الاحتلال شريكاً في الحكومة، وليس دقيقاً أبداً بل ليس صحيحاً القول إنّ “مجلس الوزراء ليس ساحة لتصفية الخلافات السياسية أو للانتقام”، فمنذ العام 2006 تمّ تعطيل كلّ الحكومات التي تمّ تشكيلها بطريقة ما، حتى استحصل فريق حزب الله والتيار العوني على الثلث المعطّل فتحوّلت الحكومة مع أدائهم السياسي “العاطل” إلى ساحة لتصفية الخلافات السياسيّة والانتقام وفرض الرأي وشلّ البلد وأكثر من ذلك أيضاً!!
من حيث الشّكل الوقت أضيق بكثير من تمكين أي اسم سيكلّف بتشكيل حكومة، لأنّ أحداً لن يكون قادراً على التّشكيل. بقاء الأمور بحكومة تصريف الأعمال سيتيح إقفال جدل المداورة في الوزارات فلا جبران باسيل سيترك مغارة الذّهب في وزارة الطّاقة ولا الرّئيس نبيه برّي سيترك وزارة الماليّة وقد نجح حتى الآن في جعل توقيع وزير شيعي ومساواته بتوقيعيْ رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة وعدم توقيعه على أي قرار قادر على تعطيل توقيع الرؤساء، ولن يكون بمقدور أحد الادّعاء أن البلاد ستكون بين يدي حكومة تصريف أعمال في حال تمّ تعطيل انتخابات الرّئاسة ـ كما درجت العادة ـ لأنّ البلاد بقيت بلا رئيس بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وحكومة الرّئيس تمّام سلام كانت أيضاً حكومة تصريف أعمال!