مُخطِيءٌ كُلُّ من يَعتَقِدْ أنَّه يُمكِنُ تَمريرُ المَرحَلَةِ الانتِقالِيَّةِ القادِمَةِ بحُكومَةِ تَصريفِ أعمالٍ في ظِلِّ الظُّروفِ القاهِرَةِ التي يَمُرُّ بها لبنان، وتلك التي قد يواجِهُها في مُقبلِ الأيَّامِ مَهما قَصُرَت مُدَّةُ ولايةِ الحُكومَةِ العَتيدة، لأن أهميُّةُ الإدارةِ السِّياسيَّةِ لا تُقاسُ بالفَتراتِ الزَّمَنِيَّةِ التي تَستَغرِقُها إنَّما بأهَمِّيَّةِ وطَابَعِ الأحداثِ التي قد تواجِهُها السُّلْطَةُ السِّياسِيَّةُ والظُّروفِ القائمَةِ دولِيَّاً وإقليمِيَّاً ومَحلِّيَّا.
إن السُّلطَةَ التَّنفيذِيَّةِ، وفقَ الدُّستور اللبناني، مُناطَةٌ بمَجلِسِ الوزراءِ، فهو الذي يُقرِّرُ سِياسَةَ الدَّولَةِ وخُطَتَها التَّشغيلِيَّةِ، وإن كانَ لرئيسِ الجُمهوريَّةِ بَعضُ الصَّلاحيَّاتِ التي تَندَرِجُ ضِمنِ إطارِ الأعمالِ التَّنفيذِيَّةِ، إلاَّ أنَّهُ يبقى الحَكَمَ والرَّاعي لأعمالِ السُلُطاتِ الدُّستوريَّةِ كافَّةً. وعليه يكونُ الأَصلُ أن تُدارَ سِياسَةُ الدَّولةِ بحُكومَةٍ حائزَةٍ على ثِقَةِ السُّلطَةِ التَّشريعِيَّةِ وبكامِلِ صَلاحِيَّاتِها، هذا في الحالاتِ العادِيَّةِ فكيفَ الحالُ إذا كانت الظُّروفُ التي يَمُرُّ بها الوَطَنُ هي ظُروفٌ استِثنائيَّةٌ بامتياز.
لبنانُ أمامَ استِحقاقٍ دُستورِيٍّ يُعتَبَرُ الأهمُّ بينَ الاستِحقاقاتِ الدُّستورِيَّةِ إذ شارَفَت ولايَةُ رَئيسِ الجُمهوريَّةِ على نِهايَتِها، ومن واجِبِ السُّلطَةِ التَّشريعِيَّةِ أن تَنتَخِبَ رَئيساً للبِلادِ خِلالَ مُهلَةِ الشَّهرينِ التي تَسبُقُ تاريخَ انتِهاءِ الوِلايَةِ الحالِيَّةِ أي 31/10/2022. والكُلُّ يَعلمُ أن هذا الاستِحقاقَ لطالَما كان مَوضِعَ أخذٍ وردٍّ وتَجاذُباتٍ سياسيَّةٍ في الماضي القريب، وعلينا أن نَكونَ مُتَحَضِّرينَ لأيَّ فراغٍ دُستورِيٍّ قد يَحصلُ في سدَّةِ الرِّئاسةِ (لا سمَحَ الله) فيما لو لم تَتوافَقُ القِوى السِّياسِيَّةِ الرَّئيسيَّةٍ للبِلادِ على مواصفاتِ الرَّئيس، ويخاصَّةٍ في ظِلِّ تباينُ المَواقِفِ من تَفسيرِ بَعضِ الموادِّ الدُّستورِيَّةِ ذاتِ العلاقَةِ، وإيلاءِ مُهمَّةِ تَفسيرِ النُّصوصِ الدُّستوريَّةِ لمَجلِسِ النُّواب، وتَدارُكاً لأيِّ فَراغٍ في السُّلطَةِ التَّنفيذِيَّةِ، في ظِلِّ الظُّروفِ الاستِثنائيَّةِ التي نَمُرُّ بها، ينبغي أن تَكونَ الحُكومَةَ القائمَةَ مُتمتِّعَةً بكامِلِ صَلاحِيَّاتِها، تدارُكاً لأيٍّ شَللٍ في السُّلطةِ التَّنفيذيَّةِ نتيجةَ شُغورٍ في سُدَّةِ الرِّئاسَةِ، وخاصَّةً أن صَلاحِيَّاتِ رَئيسِ الجُمهوريَّةِ تنتقلُ بحُكمِ الدُّستور إلى مَجلِسِ الوزراء.
الإستِحقاقُ الدُّستوريُّ المُنوَّهِ عنه وإن لم يكُن قدومَهُ مُباغِتاً إلاَّ أنه يأتي ولُبنانُ في مَعرَضِ نِزاعٍ حُدودِيٍّ مُحتَدِمٍ مع العَدوِّ الإسرائيلي المُتَربِّصِ على حُدودِهِ الجَنوبِيَّة، وقد استَقدَمَ حَفَّارَتينِ ويَنوي المُباشَرَةَ في أعمالِ التَّنقيبِ عنِ الغازِ في المِياهِ الإقليميَّةِ المُتنازَعِ عَليها، وما يَزيدُ الأُمورَ تَعقيداً أن ثَمَّةَ حُقولُ غازٍ مُتداخِلَةٍ بينَ حُدودِ لُبنانَ وفِلسطينِ المُحتلَّةِ، وبالتالي أيَّةَ عَملِيَّةِ استِخراجٍ للغازِ من قاعِ البَحرِ في تلك المِنطَقَةِ من جهةِ أيٍّ من البلدينِ تَنطَوي على اعتِداءٍ على الثَّروَةِ النَّفطيَّةِ للآخَر. وهذا ما يَجعلُ احتِمالَ وقوعِ الحَربِ قائمٌ في أيَّةِ لَحظَة، فَكيفَ الحالُ إذا كان العَدوُّ الإسرائيلي يوحِي بأن استِعجالَهُ لاستِخراجِ الغازِ يأتي في إطارِ التَّخفيفِ من أزمَةِ الطَّاقَةِ العالَمِيَّةِ المُتأتِّيَةِ عن حَربِ أوكرانيا، وسَدِّ حاجَةِ بعضِ دوَلِ أوروبا من هذِهِ المادَّةِ الحَيَوِيَّة.
هُمومُ لُبنانَ واللُّبنانيين اليومَ لا تَقتَصِرُ على المَخاطِرِ الإسرائيلِيَّةِ، لأن تلك المَخاطِرِ تأتي بالتَّزامُنِ مع مَخاطرَ أُخرى داخِليَّة مُربِكَة، حيثُ يَمرُّ لبنانُ في أوقاتٍ عَصيبَةٍ حَرِجَة لم يَشهَدَها من قَبلُ، نتيجَةَ الوَضعِ المَأزومٍ الذي وَصَلَ إليهِ على أثَرِ تَفاقُمِ الأزَماتِ الشَّائكَةِ التي ألَمَّت به واحِدَةً تِلوَ أُخرَى وتَداخُلِها مع بَعضِها البَعضِ على نَحوٍ يَستحيلُ حَلُّ إحداها بمُعزَلٍ عن باقي الأزَماتِ رَغمَ تَنوُّعِها وخُصوصِيَّةِ كُلٍّ منها. تُعزى أسبابُ التَّأزُّمِ غيرِ المَسبوقِ إلى الخَلَلِ في الأداءِ السِّياسِي، الذي كان ولاَّداً لأزَماتٍ سِياسِيَّةٍ مُتعاقِبَةٍ، ما لَبِثَ أن توَّلدَ عنها أزمَةٌ مالِيَّةٌ ذاتُ بُعدٍ مَصرِفي، انبَثَقَ عنها أزمَةٌ نَقدِيَّةٌ تَمثَّلَت بانهِيارِ قيمَةِ العِملَةِ الوَطَنِيَّةِ مُقابِلِ العُمُلاتِ الأجنَبِيَّةِ وافتِقادٍ للسِّيولَة؛ أدَّت تلك الأزماتٌ مُجتمِعَةً إلى أزماتٍ أُخرى يصعُبُ حَصرُها، أهمُّها وأخطَرُها الأزمَةُ المَعيشِيَّةُ الدَّهِمةُ التي يُعاني منها مُعظَمُ الشَّعبِ اللبناني نَتيجَةَ شُحِّ المَداخيلِ الفَردِيَّةِ، ونُدرَةِ السِّلَعِ الاستِهلاكِيَّةِ الأساسِيَّةِ وعَدَمِ قُدرَةِ الأفرادِ على شِراءِ ما هو مُتَيَسِّرٌ منها، وهزالةِ حجمِ الإحتِياطي النَّقدي لدى الدَّولَةِ لدَعمِ السِّلَعِ الاستِهلاكِيَّةِ الأساسِيَّة. الأمرُ الذي يُنذِرُ بارتِفاعِ مُعدَّلاتِ الجَريمَةِ ورُبَّما بِفَلتانٍ أمنِيٍّ نتيجَةَ قُصورِ الدَّولَةِ بمُختَلِفِ إداراتِها ومُؤسَّساتِها وأجهِزَتِها العَسكَرِيَّةِ والأمنيَّةِ عن القِيامِ بأدنى مهامِها وواجِباتِها.
كُلُّ تلك الاعتِباراتِ تُوحي بأنَّهُ لا يُمكِنُ للسُلطاتِ الدُّستوريَّةِ وبخاصَّةً السُلطَةِ التَّنفيذِيَّةِ، المُناطِ بها دُستوريَّاً إدارَةِ الشُّؤونِ الحَياتِيَّةِ للمُواطِنينَ وتوفيرِ حاجِياتِهِم والحِفاظِ على أمنِهِم الاجتِماعي والأمني البَحت، الاستِنكافَ عن القِيامِ بواجِباتِها، وبالتالي من غَيرِ المَقبولِ أن تكونَ هذه السُّلطَةِ بالذِّاتِ مُغَيَّبَةً عن مُجرَياتِ الأحداثِ والمُستَجدَّات، أو واقِفَةً مَوقِفِ المُتَفَرِّجِ لكونها قاصِرَةً عن مُواكَبَةِ ما يَحصلُ جَرَّاءَ تَقييدِ صلاحِيَّاتِها في حُدودِ تَصريفِ الأعمَال، ذلكَ أنَّ خَوضَ النِّزاعاتِ وإدارَةَ الأزَماتِ تَتطلَّبُ التَّوافُقَ على مُبادَراتٍ وطنيَّةٍ رؤيَويَّةِ تَقومُ على التَّخطيطِ المُسبَقِ، والتَّنسيقِ بين مُختلِفِ الجِهاتِ المَعنِيَّةِ في الدَّولَة، واتِّخاذُ قراراتٍ جَريئَةٍ مَدروسَةٍ وَفقَ الظُّروفِ السَّائدَةِ والامكاناتِ المُتاحَة، وهذا يَعني ضَرورَةَ أن تكونَ لدينا حُكومَةٌ بكامِلِ صَلاحِيَّاتِها.
وإذا كان تَشكيلُ حُكومَةٍ ونَيلِها ثِقةَ المَجلِسِ النِّيابي أمراً حَتمِيَّا، إلاَّ أن ذلك لا يَعني السَّيرَ بأيَّةِ تَشكيلَةٍ حُكومِيَّةٍ في هذه المَرحلةِ، أو تَشكيلُها من وزراءَ غُبَّ الطَّلَب. وعليه لا بُدَّ من مُسلَّماتٍ أو مُرتَكزاتٍ يَنبغي أن تُؤخَذَ بِعَينِ الاعتِبارِ في تَشكيلٍ الحُكومَة العتيدةِ، أهَمُّها:
– ضرورةُ مُقارَبةِ المَرحَلَةِ القادِمَةِ بحُكومَةٍ مُتماسِكَةٍ سِياسِيَّاً إن لم نَقُل حُكومَةَ وِحدَةٍ وَطَنِيَّة، يُحتَرمُ في تَشكيلِها ما أفرَزتْهُ الانتِخاباتُ البَرلُمانِيَّة، كما الإلتِزامُ بقَواعِدِ الاختِصاصٍ إلى حَدٍّ مَعقولٍ وخاصَّةً في الوزاراتٍ ذاتِ العلاقَةِ بالأُمورِ المِفصلِيَّةِ في هذه المَرحَلَة؛ ويأتي في صَدارَةِ ذلكَ: إدارَةُ عَمَلِيَّةِ التَّفاوُضِ في ما خَصَّ النِّزاعِ على الحُدودِ البَحرِيَّةِ مع الكِيانِ الإسرائيلي والإشرافِ عليها ومُتابَعَتِها (تَطلُّبُ وزيرِ خارِجِيَّةٍ من السِّياسِيينَ المُخَضرَمين)؛ إدارَةُ الأزَماتِ المَعيشِيَّةِ والاقتِصادِيَّةِ والمالِيَّةِ والنَّقدِيَّةِ (تَطلُّبُ وزيرِ مالِيَّةٍ من المُتَخَصِّصينَ في إدارَةِ المالِ العامِّ، ومن ذَوي الخِبرَةِ في التَّعامُلِ مع الأزَماتِ المالِيَّةِ والنَّقدِيَّةِ والمَصرِفِيَّةِ الحادَّة)، التَّحسُّبُ لأيَّةِ مَعرَكَةٍ عسكريَّةٍ مع العدو الإسرائيلي في حال تعثُّر التَّفاوضِ على الحُدودِ البَرِّيَّةِ واستِخراجِ الغازِ أو لأيِّ سَبَبٍ آخَرَ (تَطلُّبُ وزيرِ دِفاعٍ يَتحلى برؤيَةٍ استراتيجِيَّةٍ عَسكَرِيَّةٍ تَقومُ على التَّكامُلِ ما بينَ المُقدِّراتِ العَسكريَّةِ لكُلٍّ من الجَيشِ والمُقاوَمَة، وبارِعٍ في إدارَةِ المَعارِكِ والتَّكتيكاتِ الحَربِيَّة، ومُلمٍّ بمُتطلِّباتِ الحَربِ تَسلُّحاً ولوجِستيا)؛ الإمساكُ بالوَضعِ الأمنِيٍّ وتوطيدُ الأمنِ على امتِدادِ الأراضي اللُّبنانِيَّة حرصاً على هيبةِ الدَّولةِ وسِمعتِها، من خلالِ مُكافَحَةِ مُختَلِفِ ظَواهِرِ الإجرامِ المُنَظَّمِ وفي طَليعَتِها الأنشِطةُ الجرمِيَّةُ ذاتُ العلاقَةِ بالتَّداولِ غيرِ المَشروعِ بالمُخدِّراتِ سَواء كان زراعةً أو تَصنيعاً أو تَهريباً (تَطَلُّبُ وزيرِ داخِلِيَّةٍ يتحلّى برؤيَةٍ أمنيَّةٍ استراتيجِيَّة، والقُدرَةِ على تنفيذِ خطَّةٍ أمنيَّةٍ جريئةٍ ومُتكامِلَةٍ من شأنها إحكامُ سَيطَرَةِ الدَّولَةِ على إقليمِها كامِلاً، والقَضاءُ على الجَماعاتِ الإجرامِيَّةِ والمُسلَّحَةِ، والتَّخلُّصُ من ظاهِرَةِ السِّلاحِ المُتفلِّت)؛ تفعيلُ إداراتِ الدَّولَةِ من خِلالِ عَمَلِيَّةِ إصلاحٍ إدارِيٍّ شامِل، تَقومُ على تَرشيدِ استِغلالِ الطَّاقاتِ البَشرِيَّةِ والإمكانِيَّاتِ المادِّيَّةِ «لوجِستيَّةِ ومالِيَّةِ»، كما من خِلالِ الَحَدِّ من الهَدْرِ في كِلَيهِما من خِلالِ إعادَةِ هَيكَلَةِ الإداراتِ والمؤسَّساتِ العامَّةِ ومُختلِفِ الأجهِزَةِ على نَحوٍ يَرفَعُ من إنتاجِيَّتِها ويَرفَعُ من مُستوى جَودَةِ الخَدَماتِ التي تُقدِّمُها (تَطلُبُ وزيرٍ إصلاحِ إداري يَتَحلَّى بمَعرِفَةٍ واسِعَةٍ بطَبيعَةِ عَملِ مُختلِفِ وَحداتِ القِطاعِ الرَّسمي، وضالِعٍ أيضاً في مُكافَحَةِ الفَساد)؛ تَحقيقُ العَدالَةِ بِشِقَّيها المَدني والجزائي على نَحوٍ يَحفَظُ حُقوقَ المُواطنينَ وبخاصَّةٍ المُتَضرِّرينَ من السِّياساتِ المالِيَّة، كما من إنفِجارِ مَرفأ بيروت، وَفقَ الأُصولِ الدُّستوريَّةِ والقانونِيَّةِ وإجراءاتٍ قَضائيَّةٍ مُتجرِّدةٍ تحترمُ مَبادِئَ الوَجاهِيَّةِ والشَّفاهِيَةِ والعَلنِيَّة، وتُولي احتراماً ملموساً لحقِّ الدِّفاعِ وَفقَ ما يَنُصُّ عليه القانون.
السُّؤالُ الذي يَطرَحُ ذاتَهُ كيفَ للمَعنيينَ أن يأخُذوا في هذه المُسلَّماتِ أو يبنوا عليها ويَنجَحوا في تَشكيلِ حُكومَةٍ بهذه المُواصَفاتِ في ظِلِّ الإصطِفافاتِ السِّياسِيَّةِ الحالِيَّةِ والتَّمايُزِ الحادِّ في المَواقِفِ حِيالَ المَسائلِ المَطروحَة؟ والجَوابُ سَهلٌ وغيرُ مُمتَنَع، إذ لم يَعُد من حَقِّ أيِّ مَسؤولٍ سِياسِيٍّ وليسَ من مَصلَحَةِ أحَدٍ منهُم التَّماهي في أساليبِ المٌماطَلَةِ والتَّسويفِ واعتِمادِ أساليبِ المُناكَفَةِ والتَّناحُرِ السِّياسي لابتِزازِ الأخرينَ سَعياً لِمَكسَبٍ سِياسيٍّ، خاصَّةً وأن لا ظُروفَ مالِيَّةِ الدَّولَةِ ولا احتياطي مَصرِفِ لبنانَ ولا الدُّولُ والمؤسَّساتُ المُقرِضةُ أو المانِحةُ أو الواهِبَةُ تسمَحُ بالمزيدِ من الهَدرِ وتقاسُمِ المَغانم؛ وبالتالي لم يَعُد من مَجالٍ للمُحاصَصاتِ المالِيَّةِ في ظِلِّ الظُّروفِ الاقتِصادِيَّةِ والضَّائقَةِ المادِّيَّةِ والأحوالِ المَعيشِيَّةِ التي يُعاني منها الشَّعب، وأنَّه في حالِ استمرَّتِ الأمورُ في التَّفاقُمِ قد يَنفَجِرُ الوَضعُ شَعبيَّاً ويَنقلِبُ السِّحْرُ على السَّحَرَةِ الذين يُحَمِّلُهُم الشَّعْبُ مُجتَمعينَ مَسؤولِيَّةَ الانهِيارِ التي وَصلَ البلدُ إليه.
وعليه ينبغي أولاً التَّعالي عن الصَّغائر، وعَدمُ التَّصلُّبِ في المَواقِف، والابتعادُ عن روحِيَّةِ الاستِفرادِ أو الانتِقامِ أو استِضعافِ مَسؤولٍ مُغادرٍ أو استَعطافٍ آخرٍ موعودٍ وقادِم، كما ينبغي التَّحلي بروحٍ وَطنِيَّةٍ رَفيعَةٍ على قَدرِ التَّحدِّياتِ الحالَّةِ بِنا، وإخلاصُ الوَلاءِ للوَطَن، والتَّصرُّفُ بحِكمَة، وتسميَةُ الوزراءِ من ذوي الحِكمَةِ والاعتِدالِ أي من غيرِ الحِزبيينَ الفاقِعين في انتِماءاتِهِم الفئويَّةِ أو الحِزبِيَّة، ومن المُختَصِّينَ كُلٌّ في مَجالِ اختِصاصِ الوزارَةِ التي سَيوكَلُ إليهِ تَدبيرُ شُؤونِها والنُّهوضُ بها، ومِمن يَتمتَّعونَ بروحِيَّةِ الانتِماءِ الوَطني، ويَمتلِكونَ روحَ المُبادَرَةِ ويتَحلُّونَ بالمَسؤولِيَّة.
وأخلُصُ للقولِ بأن «من يتَّقِ الله يَجعَلْ له مَخرَجا»، وإن عَزمْتُم فإن الله ولي التَّوفيق.