Site icon IMLebanon

تعويم الحكومة: آخر الدواء الكيّ

 

قبل شهر ونصف تقريباً قدم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية ميشال عون تشكيلة حكومية كانت الاسرع التي تقدَّم على امتداد كل الفترات الماضية. والتشكيلة عبارة عن اسماء الوزراء الحاليين مع اجراء تعديل بسيط يطاول عدداً من الوزراء لا سيما السنّة من بينهم. يرغب ميقاتي بتعيين وزير من عكار في الحكومة. يومها بدا واضحاً لرئيس الجمهورية ان ميقاتي بدّل في الوزراء المحسوبين على «التيار الوطني» فيما لم يمس بغيرهم من الوزراء ما أثار استياءه و»التيار الوطني الحر». وعلى زعل انتهى اللقاء وغاب ميقاتي وغادر في اجازة عائلية ثم عاد ثم غادر من دون ان يعاود زيارة بعبدا. بالامس اعلن ميقاتي ان البحث في التشكيلة تم بينه وبين عون متحدثاً عن وجهات نظر متقاربة ما يجعل للحديث صلة.

بتفسير مصادر على صلة فإن ميقاتي بصعوده إلى قصر بعبدا من دون أن يحدد له الرئيس موعداً يكون قد اعترف بأنه لم يكن ينتظر موعداً وان غيابه عن القصر كان بقرار ذاتي سببه عدم الرغبة‏ بتشكيل حكومة، ولذلك أثار جدلاً حول انه اتصل بالرئيس طالباً موعداً وينتظر. كان يريد تمرير الوقت والمهم الآن معرفة السبب الذي لأجله فك ميقاتي الحظر عن زيارة الرئيس؟

الاجابة على السؤال تكمن في ما افصح عنه مصدر وزاري بالقول ان اجتماع الوزراء مع رئيس الحكومة في السراي الحكومي هدفه استئناف العمل الحكومي، استعداداً للمرحلة المقبلة بعيد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون ومغادرته قصر بعبدا.

يتهيّب ميقاتي الموقف ويتحضّر لفراغ حكومي يراه الكثيرون واقعاً لا محالة بالنظر الى انعدام المؤشرات التي توحي بإمكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتحسباً للاصطدام الكبير يبذل جهوده في سبيل إيجاد حل يؤهل حكومته للقيام بمقام رئيس الجمهورية متى وقع الفراغ الدستوري. يمكن اعتبار الاجتماع الوزاري الموسع امس الاول اختباراً أولياً لحكومة ما بعد الفراغ الرئاسي. كان بمثابة اجتماع وزاري بجدول اعمال عادي لولا غياب امين عام مجلس الوزراء ومدير عام القصر الجمهوري. في مستهل الاجتماع قدم ميقاتي مطالعته لعمل الحكومة في المرحلة المقبلة، لم يخف خشيته من الفراغ في سدة الرئاسة وكأن المطلوب البحث عن آلية تؤمن للحكومة العمل في منطقة آمنة من الناحية الدستورية. المطروح حالياً ان يتم تعويم الحكومة الحالية واعادة مثولها كما هي امام مجلس النواب لنيلها الثقة، وبهذه الصيغة يمكن الخروج من الجدل الدستوري المرتقب في حال استمرار حكومة تصريف الاعمال حول أحقية الحكومة في العمل في ظل الفراغ الرئاسي. يراهن ميقاتي على النص الدستوري الذي يجيز التئام الحكومة لتسيير شؤون الدولة والناس. وهو فاتَح الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب وبشكل غير مباشر بالصيغ المطروحة والبحث بما يمكن فعله. لا يزال ميقاتي على موقفه بتغيير الوزراء السنّة في الحكومة وتوسيع رقعة تمثيلهم مناطقياً.

وبخلاف المرة الماضية فان ميقاتي عرض على رئيس الجمهورية الاسماء التي يرغب بإضافتها والتغيرات التي يراها مناسبة للبحث بشأنها. ليبدو بذلك وكأنه يريد اطلاق يد حكومته المكبلة بحبل تصريف الاعمال والتوافق مع عون وبري على مخرج مناسب لمواصلة عملها في حال وقوع الفراغ الدستوري المحتمل.

القصة وما فيها تكمن في الحاجة الى صلاحيات دستورية وقطع الطريق على التشكيك بعمل حكومة تصريف الاعمال في ما لو طال امد الفراغ الرئاسي، لكن السؤال في ظل اتهام «التيار» لرئيس الحكومة المكلف بتقصّد عدم تشكيل حكومة هل يُقدم وزراؤه على الاعتكاف خلال فترة تصريف الاعمال؟ هذه النقطة ايضاً مثار نقاش دستوري خاصة وان الوزير مجبر على مواصلة عمله لتسيير المرفق العام. سؤال ثانٍ حول احتمال ان يدعو عون بدوره وزراء حكومة تصريف الاعمال الى جلسة دردشة مماثلة على فنجان قهوة لشرعنة عمل الحكومة والتمهيد لتعويمها رسمياً. المقصد هو التحايل لتشريع العمل الحكومي لان الجميع ينادي بسرعة تشكيل الحكومة فيما لا احد يريدها. منطق الامور يقول باستحالة تشكيل اي حكومة على مسافة شهرين من نهاية العهد وانتخاب رئيس جديد للبلاد. تشكيل اي حكومة يتطلب في لبنان أشهراً قد تزيد على ما تبقى من عمر العهد، فكيف سيتم التشكيل والوضع على تعقيداته الراهنة والتنبؤات التي تقول إنها ستكون حكومة بصلاحيات رئاسية؟ التعويم قد يكون هو الحل الأنجع ولكن دونه، وفق توقعات المصدر الوزاري، رغبة رئيس «التيار» جبران باسيل بالثلث المعطل؟