IMLebanon

حكومة الثلث المعطّل الأميركي أم السباق الرئاسي المعلّق أم المثالثة المقنّعة؟!

حكومة الثلث المعطّل الأميركي أم السباق الرئاسي المعلّق أم المثالثة المقنّعة؟!

تتلمّس طريقها فيما البحث العبثي قائم عن هويتها السياسية وتوزيعاتها

 

 

يعتبر البعض ان تأخير ولادة الحكومة جاء نتاج مخاض خلاف روسي – سوري – إيراني فرض أثلاثها

 

امتزج حابل الداخل بنابل الخارج في الحكومة الوليدة. وُلِدت بعدما خُيّل لبعض حائكيها أن إستيلادها بات مستحيلا، وحملت منذ نفَسها الأول وزر ٣٠ عاما من تعثر السياسات المالية والإقتصادية وفضائح الفساد ونهب، ومشقّة فظاعات «أمراء الحرب السابقين»، أولئك الذين سمتهم كذلك سيغريد كاغ في معرض إستعراضها واقع الأزمة اللبنانية وعوارض الفشل الدولتي، في تلك الجلسة الشهيرة ضمن ملتقى دافوس.

 

وللمناسبة، التوصيف الدقيق والحاد لكاغ للواقع المأسوي اللبناني، وهي التي تشغل راهنا منصب وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي في هولندا، ناتج من معايشتها عن كثب هذا الواقع إبّان ولايتها الأممية في بيروت منسّقة خاصة للأمم المتحدة.

 

قالت كاغ في دافوس إن «لبنان بلد أعاقه فساد على كل المستويات» وإنّ «النظام الطائفي المتحالف مع أمراء الحرب السابقين أخذ الدولة بأسرها رهينة». لكن هذا الكلام – الإدانة لطبقة هؤلاء الأمراء، أمراء السياسة الراهنين، ناهبي الدولة ودافني النظام (لمصلحة إستبداله بمنظومات مصلحية بائسة تموّل هؤلاء وأحزابهم وحروبهم وفتنهم)، ضاع لبنانيا في خضم سفاهة الضخ الذي سبق ورافق مشاركة جبران باسيل في المنتدى السويسري. فدقيقة واحدة في بداية اللقاء إختصرتْ بها سفاهة الشكل على حساب المضمون، ٦٠ دقيقة من الحوار السياسي عن «عودة الاضطرابات إلى العالم العربي» وهو العنوان المفترض للندوة، لولا لم تقرر مستضيفة الحوار المذيعة الأميركية هادلي غامبل التناغم مع الحملة التي سبقت مشاركة باسيل، وهي حوّلت نفسها ومن ثمّ منبرها جزءا منها، ولولا لم تقرر سيغريد كاغ الإنتقام منه على خلفية الإشتباك الحاد بينهما في ملف اللجوء السوري إبان عملها الأممي في بيروت.

 

المهمّ لبنانيا أن الحكومة الوليدة بدأت تتلمّس طريقها في مسار مليء بالمطبات على خلفية الأزمة القائمة، فيما لم يخمد بعد البحث (العبثي في أحيان كثيرة) عن هويتها السياسية وتوزيعاتها، بل يكاد يغطّي على مشروعها الأساس، وهو المشروع الإنقاذي المنتظر:

 

١- البعض قال عنها انها حكومة الثلث الأميركي المعطّل، نسبة الى صبغتها الأميركية (أكاديميا؟) من رئيسها الى غالبية وزرائها، حتى جاء من يصفها بالـ American Board.

 

٢- البعض الثاني يعتبرها نتاج مخاض خلافيّ روسي – سوري – إيراني أخّر ولادتها وفرض أثلاثها.

 

٣- البعض الثالث يربطها بالصراع الرئاسي المعلق، وبالتنافس على كسب الوزارات والثلث المعطّل ربطا باستحقاق رئاسة الجمهورية، تسهيلا بما يؤدي الى إنتخاب رئيس جديد مع نهاية العهد القائم، او تعقيدا بما يؤدي الى تعثر الإنتخاب، وتاليا تنكّب الحكومة الراهنة المسؤولية الرئاسية الموقتة بإعتبارها مجلسا رئاسيا، على غرار ما واجهت حكومة فؤاد السنيورة مع نهاية عهد إميل لحود، وحكومة تمام سلام مع ختام عهد ميشال سليمان.

 

٤- البعض الرابع، وهو من أشد معارضيها، لا يزال على وصمها بحكومة حزب الله، باعتبار أنه القادر الوحيد على الحكم استنادا الى سلاحه ووظيفته السلطوية!

 

٥- أما البعض الأخير فيراها انعكاسا لرغبة شيعية بتكريس المثالثة عرفا في تشكيل الحكومات اللاحقة، امتدادا للمثالثة المقنعة القائنة راهنا، وصولا يوما ما الى النظام المرغوب وفقا لمؤتمر تأسيسي جديد يقوم على أنقاض إتفاق الطائف والجمهورية الثانية التي نعاها أمس وليد جنبلاط، داعيا الى «إعادة النظر في دستور الطائف، وقيام الجمهورية الثالثة على أنقاض الجمهورية الثانية، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، وأن ترسي لبنان على قاعدة قانون انتخابي لا طائفي، وأن تعطي طمأنينة كبيرة إلى الطائفة الشيعية وضمانات إلى حزب الله تحديداً، إذا فتح النقاش الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية».

 

وليس في المستطاع، في سياق الكلام هذا، سوى تلمّس تغطية جنبلاطية لأي مثالثة قد تطرح لاحقا. فطمأنة الطائفة الشيعية التي نادى بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي هي، في المفهوم الشيعي (المكتوم حتى الآن)، الترجمة العملية لإعادة توزيع السلطة والحكم بما يتناسب مع الموازين الراهنة للقوى الإقليمية حيث النفوذ الإيراني في موازاة الضمور العربي، خلافا لما كان عليه الزمن يوم صيغ نظام الجمهورية الثانية في مدينة الطائف السعودية بتغطية واسعة عربية ودولية، ما خلا طهران. وهو ما يفسّر رفض حزب الله الاتفاق في حينه، والمجاهرة لاحقا بوجوب التعديل أو التغيير بما يتلاءم والموازين الجديدة!