حجب دخول معركة رفح “مرحلة الجد”، ومعها الوضع على الجبهة الجنوبية، في ظل التقارير عن حشود عسكرية هجومية، معززة بجولات قيادات العدو الاسرائيلي على المستعمرات الشمالية، الغبار الوردي الذي انتجته زوبعة الحركة الداخلية والخارجية حول الملف الرئاسي، الذي يجزم المطلعون على خفايا الاتصالات ان لا شيء يوجب التفاؤل، خصوصا بعد زيارة الموفد الفرنسي وما رافقها من اجواء ومواقف، وتمخض عنها من كلام مستور.
فالواضح ان الاسبوع الذي اريد له ان يكون رئاسيا بامتياز، خلص الى ان لا إمكانية لتحقيق أي خرق في في الملف على المدى المنظور، نتيجة ربط الحلول اللبنانية بالتطورات الإقليمية، حيث تعيش المنطقة أجواء الحرب غير المعلنة، مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية، تزامنا مع ارتفاع حدة مواقف التهديد والوعيد بالثبور وعظائم الأمور.
مصادر مواكبة للاتصالات والحركة الدولية تحديدا، رأت ان عواصم دول “خماسية باريس” مصابة بالاحباط، بعد توقف مساعيها عند حدود تحضير الارضية اللبنانية الصالحة وتهيئتها، لاستقبال الحل الرئاسي متى حان وقته، بعد اكتمال رسم “البروفايل” الرئاسي الجديد.
وتشير المصادر إلى أن “الخماسية” وضعت خارطة طريق اعتمدت في نص بيانها مفردات مشابهة، او على الاصح تكاد تتطابق مع ما ورد في بيانات ما قبل اتفاق الطائف، والذي أمن لها منصة لبنانية لاخراج الحل العتيد، وهو ما يعني عمليا ترسيم حدود الاتفاق السياسي واخراجه من دائرة التكهنات، خصوصا باعتبارها ان نواب المجلس يشكلون هيئة للتشاور، وهي الصفة نفسها التي اجتمع تحت عنوانها النواب في الطائف عام 1989، بوصفهم هيئة حوار لا كمجلس نيابي.
وتتابع المصادر بأن التفويض الاميركي المعطى لسفراء “خماسية باريس”، ينحصر راهنا في إعداد تلك “الخارطة”، ومعرفة مدى التغيير الذي لحق بمواقف الأطراف السياسية المعنية والمؤثرة في انتخاب الرئيس، واستعدادها للسير بتسوية رئاسية وفقا “للشروط” الدولية، وهو امر وان دل على شيء فعلى ان واشنطن نسفت عمليا المبادرة القطرية واوقفت مسارها، وسط حديث عن “دفش” باريس، التي فهمت اللعبة وعدّلت مسارها بما يتلاءم والمواقف الأميركية.
وكشفت المصادر عن مواصلة العواصم الكبرى في مطابخها السرية اتصالاتها لحماية لبنان من حرب “اسرائيلية” جدية متوقعة، وفقا لآخر التواريخ المضروبة في حدود 15 حزيران، حيث يتركز البحث بحسب المعطيات على ضبط حدود العملية التي ستنجز واهدافها، وعلى ان تحقق فصلا بالنار لساحة لبنان عن تطورات المنطقة قبل التسوية المفترضة. وهو ما تؤكد عليه اوساط متابعة بعد جولة خارجية لها شملت اكثر من عاصمة اوروبية وصولا الى واشنطن، التقت خلالها وزيرا سابقا في ادارة الرئيس ترامب وسفيرا خدم في بيروت قبل عام 2005، يؤديان دورا اساسيا هذه الايام في ما خص الملف اللبناني، وان الثنائي المذكور قد انشأ فريقا بدأ التواصل بموافقة “ديموقراطية” مع بعض العواصم، لتسهيل مهمته وتسويق حلوله.
وختمت المصادر ان المخاض سيكون صعبا، وان الاسابيع والاشهر المقبلة ستكون مؤلمة لبنانيا، اذ ان الاطراف اللبنانية اظهرت مرارا ميلها الى تبني الحلول “عالسخن”، خصوصا ان الحرب في غزة مستمرة وستتوسع الى خارجها، وقد يكون ابعد من الساحة اللبنانية، ناصحة الجميع باعادة قراءة خريطة المنطقة التي تتشكل والتوازنات الجديدة المطلوبة، وعدم البناء على المعادلات السابقة التي حكمت لفترة طويلة.