IMLebanon

«جبهة لبنانية جديدة»

بين مجلس وزراء الاثنين ومجلس وزراء الخميس ، الرئيس تمام سلام في زيارة رسمية للسعودية. ،محصنا بحكومة تجاوزت المطبات الآن بينما تنتظر المطبات الاقليمية تسويات لا تزال مشاريعها غير واضحة ، ومجلس النواب يقلب الصفحة الرابعة والعشرين من دفتر انتخابات رئاسة الجمهورية، التي جمعت «الحكيم» و«الجنرال» في الرابية لاعلان ورقة نوايا حمالة للاوجه ، مع اعلان الاخير ادخال الحكومة في اجازة الزامية حتى ايلول، على وقع تحرك الموفد البابوي دومينيك مومبرتي حيال ملء الشغور الرئاسي في وقت شددت القمة الإسلامية – الإسلامية في دار الفتوى على حماية المسيحيين في المنطقة مؤكدة على رص الصف اللبناني.

مصادر مسيحية قرأت لقاء عون – جعجع ان الثنائي المسيحي يدفع في اتجاه استعادة المبادرة والانتقال من ضفة ردّ الفعل الى ضفة الفعل، بالتزامن مع احتدام الاشتباك الداخلي حول التعيينات الأمنية وعرسال وتشريع الضرورة، التي غابت بالطبع عن الكلام العلني، وزيارة سلام الى السعودية، عبر ترجمة دقيقة عبرت عن التوازنات الدقيقة شكلا ومضمونا،في ورقة اعلان النوايا التي تميزت بعدم ذكر حزب الله أو المستقبل مباشرة.

بكركي اول المرحبين علنا بالزيارة، تضيف المصادر بعدما كانت علمت بموعدها خلال اللقاء الذي جمع البطريرك الراعي بكل من كنعان ورياشي يوم الاثنين، واللذين فاجآ الموفد البطريركي على الواقف اثناء مغادرتهما الصرح «بالهدية»، حاصدين بركته ودعمه وتأييده على امل الخطوات اللاحقة، رأت ان المطلوب اليوم الانتقال الى المرحلة الثانية والاهم، بعدما كسر الجليد بين الشخصين، معتبرة ان الاساس هو الاتفاق حول الملفات المفصلية المتعلقة بالوجود المسيحي، في مقدمتها ملف الرئاسة اللبنانية وما يتفرع عنه، مشيرة الى ان الغرب يتطلع منذ زمن الى هذا اللقاء ليبنى على الشيء مقتضاه.

وفيما تبدي المصادر القواتية حذرا في مقاربتها ، متحدثة عن امتعاض مفهوم لدى قواعدها على شكل اللقاء ، متحفظة عن الذهاب بعيدا في تفسير بنود اعلان النوايا ، تاركة الامر للاسابيع القادمة التي ستكون المحك، تذهب المصادرالمسيحية غامزة من قناة لقاء بكركي الاخير الذي جمع قوى الرابع عشر من آذار مع البطريرك الماروني، وما رافقه من اخذ ورد، خاصة لجهة موقف الراعي الذي لاقى في العديد من جوانبه مبادرة «الجنرال» الرئاسية، ما اجهض الهجوم المضاد الذي شن على جوهر المبادرة العونية، التي نجحت الاتصالات بشأنها عشية لقاء بكركي في تطمين البطريرك الماورني الى عدم وجود قرار بالدفع في اتجاه الانقلاب على الدستور أو الدعوة الى مؤتمر تأسيسي، معتبرة ان ذلك شكل محطة اساسية في تسريع اللقاء بين عون وجعجع، غير متوقفة عند شكل اللقاء وان كان يحمل رمزيات معينة لجهة الزمان والمكان، «المهم ان الجنرال ربح صورة «المرشح الوفاقي» شكلا، ما سيسمح له برفع فرص وصوله الى الرئاسة، على قاعدة «الرئيس القوي» الذي تصدّر إعلان النيات، وتحسين شروط معركة تحصيل الحقوق المسيحية في الدولة، تحت سقف الشراكة والتوازن المندرجين في إعلان النيات».

المصادر اعربت عن تفاؤلها ، وان ابدت اعتقادها بان التحرك جاء متأخرا، اذ ان ورقة الرئاسة خرجت من اليد اللبنانية واصبحت على طاولة الصراع الاقليمي ومن الصعب جدا استردادها، معتبرة ان عوامل عديدة لعبت دورها في التسريع بعقد اللقاء ، لعل من ابرزها الكلام الذي سمعه الاطراف بالواسطة من قبل الفاتيكان اكثر من مرة ، كما من قبل الموفدين الدوليين ،والابرز نتائج لاستطلاعات الرأي المعبرة حول حوارهما، مشيرة الى ان ترددات اللقاء على الشارع المسيحي ستكون اكبر منه على الشارع الوطني ، خصوصا فيما لو نجح الفريقان في اعادة احياء جبهة لبنانية جديدة ، تفترض فك التحالفات الحالية وارتباطات الفريقين لمصلحة وحدة الصف المسيحي، ملاحظة ان صياغة «الاعلان» تسمح لكل طرف بتفسيره كما يشاء، الا ان العبرة تبقى اخيرا في التنفيذ بعيدا عن النيات والتاويلات والاجتهادات.

قيادي بارز تابع الملف اشار الى ان الجانبين تعرضا لضغط متنام من الشارع المسيحي وفاعليات الطائفة وقياداتها لعقد اللقاء، رغم حرص الطرفين الشديد على ان تأخذ كل خطوة في مسار الحوار حقها من النقاش والبحث المعمق لتأتي النتائج على قدر الآمال وتجنب الدعسات الناقصة ، وهي سمة حكمت مسيرة «اعلان النيات» منذ انطلاقه في كانون الثاني الفائت، والذي خضع لمعاينات ميدانية عدة من رئيس التكتل النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع ، علما ان لجان متابعة من الطرفين ستشكل بهدف متابعة بنوده وكيفية تنفيذها عمليا، لتأمين ارضية صالحة تكفل فرص نجاحه وتحقيق الغاية منه، مشيرة الى ان الساحة المسيحية باتت تواقة الى رؤية صورة الزعيمين المسيحيين معا لما لها من انعكاسات ايجابية على مستوى الشارع الذي يرى فيها مؤشرا في اتجاه تسهيل الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية وتجلى هذا التوق بوضوح خلال اجتماع بكركي الثلثاء الماضي في ذكرى السنة على الشغور، اذ طلب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من النواب المسيحيين بذل الممكن من اجل استعجال لقاء عون – جعجع. وتقول الاوساط ان انعكاسات الحوار الايجابية برزت في اكثر من محطة ،في الجامعات بين الطلاب في الانتخابات النقابية،و في سحب الدعاوى القضائية بين الجانبين وبات الجميع في انتظار المشهد الجامع تحت شعار «المصارحة والمصالحة والمسامحة»، معتبرا بان اهمية اعلان النيات تكمن في انه يوصد الباب نهائيا على مرحلة الخلافات المزمنة بين التيار والحزب ويفتح اخر صفحة من التعاون المشترك على الساحة المسيحية، بدءا من آداب الخطاب السياسي وصولا الى اللامركزية الادارية، استنادا الى ورقة سياسية شاملة تتناول الحقوق المسيحية وكيفية تعزيز وجود المسيحيين في لبنان والمنطقة وتقارب ملف رئاسة الجمهورية بجوانبه كافة.

بعيدا من مشهدية الصورة ورمزيتها، يطرح ما شهدته الرابية الكثير من الاسئلة ، استنادا الى التجارب التاريخية بين الطرفين. فهل يعني اللقاء واعلان النيات فتح صفحة جديدة على الصعيد المسيحي؟ وما تأثير ذلك على الواقع اللبناني ككل؟ وبالتالي هل لقاء القوات – التيار على مستوى القمة سيظهر مشهدا سياسيا مختلفا ويؤدي بشكل أو بآخر الى تفعيل عملية استعادة المسيحيين دورهم السياسي.