Site icon IMLebanon

وسط عجز دولي وعربي عن وقف الحرب وفرض الحلول.. نتنياهو يُحاول إحياء «مشروع الشرق الأوسط الجديد»

 

حصل ما كان متوقعاً… وخرج الوضع عن السيطرة وفشل المسعى الأميركي الخجول بلجم رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حسب مصدر مطّلع عن قُرب على السياسة الأميركية. وقد ذهب نتنياهو الى حد محاولة تغيير الوضع في كل الشرق الأوسط وليس فقط في قطاع غزة أو في جبهة الجنوب، وهو أعلن قبل أيام: «لقد بدأنا للتو. إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من الحرب، وسنعمل على تغيير خريطة الشرق الأوسط»، ودعوته الى «بناء تحالف شرق أوسطي يشبه حلف شمال الأطلسي». بما يعني عودة فعلية لمشروع «الشرق الأوسط الجديد» مع زيادة ساخنة «للفوضى الخلّاقة» التي بشّرت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس من بيروت خلال حرب تموز 2006.

وإذا نجح نتنياهو في إحياء هذا المشروع وأقنع الإدارة الاميركية الجديدة والدولة الأميركية العميقة به، فهذا يعني محاولة فرض سيطرة إسرائيلية كاملة على الشرق الأوسط ومنه المنطقة العربية بدعم غربي أكيد، وتدخّل دول غربية أخرى في الصراع كروسيا، وتدخّل أكثر فعالية لمحور المقاومة، وتوسّع نطاق المواجهة، وحيث أعلنت إيران انه «لا يمكن السكوت عما يجري»، برغم انشغالها بأمور أخرى مثل الملف النووي. علماً ان إسرائيل تضع إضعاف إيران ضمن أهدافها ومشروعها الشرق أوسطي.

 

وحسب مصادر متابعة لمسار التصعيد الإسرائيلي في لبنان، فإن إدارة نتنياهو السياسية المتطرفة والعسكرية برغم تهالكها، تمكّنت من البدء بتنفيذ مقدمات المشروع بإفراغ غزة ومعظم الجنوب من أهلهما لضمان أمن الكيان واستقراره، وتحقق ذلك بنسبة كبيرة – ولو مؤقتاً- بعد مجازر الأيام الماضية عبر الغارات العشوائية على الأماكن المدنية في كل مناطق غزة، وتوسيع القمع والاغتيال في الضفة الغربية لتهجير أهلها وبناء مستعمرات جديدة، وكذلك في القطاعات الجنوبية وفي أقضية البقاع أيضاً وبعض الجبل وتدمير البنى التحتية والمؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة، وحيث تتركّز البيئة الحاضنة للمقاومة، ولكن قابله إفراغ مستوطنات إسرائيلية جديدة من سكانها وفي عمق الكيان الإسرائيلي، وهو تطور جديد في المواجهة قد يضع حدّاً لمشروع نتنياهو.

 

وفي اعتقاد المتابعين، ان الأردن في خطر حسب خطة نتنياهو، لجهة إعادة إحياء مشروع الدولتين لكن في الأردن، دولة للأردنيين ودولة للفلسطينيين أو عبر اتحاد كونفدرالي كما كان المشروع الأميركي – الصهيوني عام 1990 ورفضه وقتها بشكل قاطع الملك الراحل حسين ومعظم الدول العربية. كما ان مصر ستكون في خطر لو نجح مشروع نتنياهو وتمّت السيطرة العسكرية المباشرة أو غير المباشرة والسيطرة الإدارية على قطاع غزة ومعابرها مع مصر، حيث انها ستشكّل تهديداً استراتيجياً مباشراً لمصر بوجود جيش وإدارة للكيان الإسرائيلي على محاور أخرى غير المحاور التي رسمتها اتفاق كامب ديفيد.

مع كل هذا الذي يجري بالحديد والنار وبالسلاح الأميركي، يبقى الكلام عن مساعٍ لمنع توسّع الحرب كلاماً في الهواء، بعد الدعم المفتوح بالسلاح لجيش الاحتلال الإسرائيلي مكنّه من تنفيذ مئات الغارات في يوم واحد على لبنان، وهو أمر لا طاقة لإسرائيل به ولا تحتمل عبأه المادي وحدها بلا دعم أميركي مفتوح لكل مخازن السلاح، عدا دعم بعض دول أوروبا الغربية.

وللمفارقة يرى المتابعون، أن إسرائيل الآن في أميركا هي أقوى من إدارة الرئيس جو بايدن ونائبه المرشحة للرئاسة كامالا هاريس، وأقوى من المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وهي مؤثرة أكثر في القرار الأميركي في مرحلة الانتخابات الرئاسية، وهو ما ظهر في تأكيد هاريس أو ترامب مراراً في أي مناسبة للحديث عن وضع الشرق الأوسط الدعم الكامل لإسرائيل أمنياً وسياسياً واقتصادياً. ولهذا لن تضغط أميركا على إسرائيل بما يكفي لكبح جنونها وجماحها السياسي والعسكري.

بالتوازي مع العجر الأميركي فإن المجتمع الدولي عاجز أيضاً كما ظهر خلال سنة من بد الحرب على غزة في وقفها أو الحد من فظاعة الارتكابات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سواء في القطاع أو في الضفة الغربية، كما ظهر عجزه عن وقف التصعيد العدواني على لبنان، وقبل ذلك على ما جرى في سوريا وليبيا والعراق واليمن، والآن في أوكرانيا، بسبب «الفيتو» الأميركي أو حتى الروسي والصيني على أي حل لا يرضي الدول العظمى، بينما الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن عاجزة عن تنفيذ أي قرار حتى لو تم إتخاذه.

وحسب المعلومات، لا يبدو ان الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن قريبا لاتخاذ موقف حول لبنان ستصل الى نتيجة. طالما ان إدارة أميركا السياسية تحاول إصدار قرار بإدانة حزب الله، وسط رفض روسي وصيني، ودور وسطي لفرنسا تسعى عبره لإصدار قرار بصيغة مقبولة من الجميع.

أما عجز جامعة الدول العربية وعدم فعالياتها وتأثيرها في فرض إرادتها على المجتمع الدولي، فهو واضح من خلال عدم القدرة على تنفيذ كل الاتفاقات والصيغ التي وضعت لوقف الحرب في غزة، والآن لوقف العدوان الواسع على لبنان، وتعزو مصادر عربية ذلك الى الأزمات التي تعانيها بعض الدول مثل سوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، والى الخلافات غير المنظورة القائمة بين بعض الدول حول كيفية إدارة المرحلة.