لسنا ندري لماذا يتعذّر إيجاد حلّ للأزمة الحكومية المتمثلة، حالياً، في عدم اجتماع مجلس الوزراء، وكأنه كُتِبَ على هذا الوطن الصغير المعذّب ألّا يرتاح، يوماً واحداً من الأزمات… ولأن أزماتنا من دون حلول، بل إنها تتراكم ليُضافَ، اليها، يومياً، كَمٌّ جديد من المشاكل والعقد التي سرعان ما يتحوّر كلٌّ منها ليصبحَ مأزقاً، فيقع الوطن والمواطن، تحت ضغوط لا يحملها جبل صنين، فكم بالحري كاهل هذا الوطن المُثقَل بالمشاكل وأوجاع الرأس التي تُدخل البلاد والعباد في دوّيخة لا قرار لها…
لقد كنّا في غنى عن الأزمة التي استجدّت ونجمت عن تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي التي حمل فيها على المملكة العربية السعودية… وفي منأى عن القال والقيل، والرأي والرأي الآخر، وحتى عن موعد إطلاق الكلام قبل التوزير (…) فإننا نرى أن القرداحي أخطأ إلى حد الإساءة إلى نفسه قدر إساءته إلى المرجعية التي رشحته للوزارة في الداخل، علماً أن قرار ترشيحه اتُخذ في الخارج القريب، وتجاوب معه الداخل.
نقول إن الرجل أخطأ، ونحن الذين تفرّدنا بالترحيب به وزيراً، ها هنا، وذهبنا إلى حد القول بانصراف سائر الوزراء إلى الاهتمام بأشغالهم وحصر التصريحات الرسمية بدولة رئيس الحكومة (الميقاتي) وبه (القرداحي). ولكننا نعرف أن الرجل كان موعوداً بالمقعد النيابي، وكان يأمل أن ينال موافقة غير طرف وجهة، من ذوي الحضور الوازن في دائرة كسروان، على ترشحه ودعمه. لهذا نقول إنه أخطأ في حق نفسه، إذ بات تبني ترشيحه مستبعداً.
أما خطؤه بحق المرجعية (الداخلية) التي حُسِبَ عليها فهو واضح جدّاً… ونعني هنا رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية الذي يُعتبر أبرز المرشحين الرئاسيين، والذي يُظهر الواقع أنه في حال أُجريت الانتخابات الرئاسية اليوم، أو في ظروف وأوضاع مماثلة لما هي عليه اليوم، فالفوز سيكون مضموناً له. وبالتالي فإن فرنجية كان في غنى عن هكذا تحرُج يمتد من الداخل إلى الخليج، وبالعكس. ويزيد التحرج تعقيداً أن فرنجية معروف بالكثير من المزايا التي تجعله يلتزم، ولو على حساب مصلحته، حتى بما لا يجدر الالتزام به…
لهذا، ولدواعيَ عديدةٍ، نرى أن المرحلة تقتضي حلاً سريعاً بإنقاذ الحكومة من خلال تعيين وزير جديد للإعلام … فالبلد لا يحتمل المزيد من الفراغ الحكومي. وهذه مهمة غير مستحيلة.