IMLebanon

موسم عصافير وضفادع

 

 

تلقّى اللبنانيّون حكايات “كليلة ودمنة” التي أغرقهم بها الوزراء الجدد بالتندّر وتبادل النّكات، واحد أتحفنا بتعبيره بالرّمز بخبر الضفدعة التي نجحت في الخروج من البئر لأنّها “طرشا” وكأنّه يبلغ وسائل الإعلام أنّه سيعير اللبنانيين “الدينة الطرشا”، وآخر جلس يروي خبر عصفور “نكشه” من حضارة “الأنكا”، الأنكى من ذلك أنّ اللبنانيّين بدأوا يترحّمون على وزراء حكومة حسّان دياب. تلفّ الأمور والوزارات وتعود إلى دائرة سيّئ الذّكر صهر العهد جبران باسيل، كأنّ “التعتير” قدر اللبنانيّين في زمن قيل فيه بالأمس أن رئيس الجمهوريّة طلب لقاء “مشروع وزير”، وأنّه في ختام اللقاء طلب منه أن يمرّ لزيارة جبران باسيل في مقرّ التيار الوطني الحر، فجاء جواب مشروع الوزير الذي ذكرت الأحرف الأولى من اسمه بـ”لا” فطارت منه الوزارة، ولم يصدر حتى السّاعة نفيٌ للخبر الذي قرأناه بالأمس في صيغة مقال!!

 

قد يكون من المفيد إعادة رواية حكاية ضفدع كليلة ودمنة المتضخم، “كان ضفدعاً ضخماً وكان فخورًا بحجمه، كل الضفادع الأخرى، كانوا يخشونه وكانوا يعاملونه باحترام كبير. كذلك كل المخلوقات الأخرى، واليرقات المضيئة الزرقاء، والتي كانت تحوم طوال اليوم، فكانوا يبتعدون عن لسان الضفدع الكبير اللّزج، وكذلك كلّ البراغيث الصغيرة، كانت ترفرف في سحابة ناعمة في الليل، حتى الأسماك في الجدول كانت تسبح بحذر. في صباح أحد الأيام، كان الثّور يمشي في المرج، وكلّ المخلوقات الصغيرة في الجدول بدأت تحدق فيه باستغراب وخوف، وهرعت الفراشات ترفرف مبتعدة بسرعة، النمل العامل بجهد والنحل المشغول توقفوا جميعًا عن أعمالهم، حين مرّ الثّور بجوارهم ببطء، كلّهم لم يسبق لهم أن رأوا مخلوقاً بهذه الضّخامة، وسمع الضّفدع اليرقات تتحدّث عن الثّور الضخم وتصفه بأنّه وحش ضخم وكبير سيعيش معهم بجوار الجدول، ولم يصدّق الضّفدع أيّ كلمة مما سمع من اليرقات، فقال: كيف يمكن أن يكون هناك أيّ مخلوق أكبر منّي؟ ورأى الضّفدع الثّور الكبير، وسأل نفسه لماذا كلّ هذه الجلبة فهذا الوحش المخيف ليس إلّا ثور كبير، ليس كبيرًا كما يقول الآخرين. صرخ الضّفدع في اليرقات هل هذا هو الوحش الكبير؟ ردّت اليرقات بخوف: نعم، ضحك الضّفدع بسخرية، قال: كبير؟ أنا أستطيع أن أكون ضعف حجمه إن أردت ذلك، شاهدن. أخذ الضّفدع نفسًا كبيرًا وظل ينفخ وينفخ حتى انتفخ، وقال الضّفدع هل رأيتنّ؟ ألست كبيرًا مثله؟ ردّت اليرقات لا يا ضفدع لم تصل بعد إلى حجمه، الوحش أكبر بكثير أنظر له كيف ينام على العشب، ويبدو ضخمًا للغاية.

 

قال الضّفدع: حسناً، سترين،  أخذ الضّفدع نفساً آخر عميقًا، ونفخ مجددًا أكثر من مرّة وقال لا بد وأن أكون أكبر منه الآن، فردّت اليرقات لا ليس بعد، وشعر الضّفدع بالغيظ من اليرقات وبدت بشرته شفافة، وكان الأمر صعبًا لأنه كان يشعر، بأنه سينقلب في أيّ لحظة كما أنّ وجنتيْه كانتا شديدتا الانتفاخ وعيناه تقريبًا كانت مغلقة من شدة الانتفاخ، وقرّر الضّفدع أن يقوم بمحاولة أخيرة، حتى ترى اليرقات أنّه الأكبر، قال الضّفدع: شاهدن  وأخذ نفسًا عميقًا بصعوبة كبيرة وكان النَّفَس بأقصى قوّة يستطيعها الضّفدع، وبدأ ينفخ وينفخ وينفخ وبدأ يكبر ويكبر ويكبر وفجأة علا صوت فرقعة وانفجر الضفدع، نتيجة لكِبَره.