Site icon IMLebanon

أيام التعطيل والفراغ ووزراء ملء الفراغ

 

696 يوماً هي ايام الفراغ الحكومي في عهد الرئيس ميشال عون، أي ما يساوي نسبة 40 في المئة من ايام هذا العهد حتى الآن. وإذا أضفنا اليها ايام الفراغ المفروض في موقع الرئاسة من أجل فرضه رئيساً بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، ستفوق ايام التعطيل والفراغ المرتبطة بالرئيس عون، من أجله أو بسببه، ايام ولايته نفسها، وهو ما لم تشهده الجمهورية اللبنانية مُذ قيامها.

 

لا حاجة للدخول في أسباب هذه الظاهرة وأشكال تجليها، فالجميع يعرف، والمعني بالموضوع يعرف ان الجميع يعرف، وحتى الذي لا يعرف يعرف. وليس كافياً القول بالصلاحيات وطموحات الرئيس القوي لتبرير ما جرى او لتفسيره، كما ان الحديث عن حقوق المسيحيين لم يعد يقنع أحداً، هذا اذا اعتبرنا انه كان مقنعاً في يوم من الأيام.

 

لكن الحاجة ضرورية للبحث في نتائج هذه الظاهرة او الممارسة. وفِي طليعة هذه النتائج نسف القاعدة الدستورية التي يقوم عليها النظام السياسي. فعندما يصبح التعطيل شكلاً اساسياً من أشكال العمل السياسي، لا تقف ممارسته عند حدود فئة واحدة. وفِي نظام طوائفي يتغذى قادته من مماحكات ومزايدات بعضه على البعض الآخر، يمكن لهذا التعطيل ان يصبح سلاحاً في يد اي زعيم طائفي يستلّه في اللحظة التي يسعى فيها لتحقيق مشروعه الخاص، او للتفاوض على هذا المشروع. ومثلما تم تعطيل انتخابات الرئاسة مرةً، يمكن تكرار الأمر مرة اخرى، وهو ما جرى في مواقع اخرى كرئاسة الحكومة التي تعرضت لأقسى حملات المناكفة في تسمية شخص، لتوليها يقوم بمهامه التي ينص عليها الدستور تأليفاً ومثولاً للمحاسبة امام المجلس النيابي. وربما وحدها رئاسة المجلس النيابي لا تخضع لمقاييس التعطيل، وهذا يقود، ليس الى فعالية الدستور في ما يتعلق بهذا الموقع، بل الى فعالية الردع المسلح الذي يعيد الانتظام الى العمل البرلماني بقوة سلاح الشارع…

 

يُعيدنا ذلك الى نقطة البداية. فالفراغ المفروض لم يحصل بسبب نقاش الحصص والأفضليات والحقوق. كل تلك العناوين تتحول مجرد ذرائع في يد الردع المسلح، فيوظفها بما يخدم رؤاه ومشاريعه. مسار التعطيل ما قبل الرئاسة يؤكد ذلك، ومسار التكليف والتشكيل اللاحق يثبته. بما في ذلك ظروف ولادة الحكومة الجديدة!

 

ولكن، وهذه كلمة يرددها كثير من اللبنانيين، فلنعط الشباب فرصة! فليكن ولننتظر، لعل هؤلاء يعوضون 696 يوماً من التعطيل القسري، ويقدمون خلال الأيام المقبلة نموذجاً انقلابياً ناجحاً في وجه فئة السياسيين التي جاءت بهم! وهذا لا يستدعي من جانب الوزراء الجدد إلا أمرين: القطع مع السياسات التي اتبعها أولياء وصولهم الى الحكومة والانصراف الى ممارسات مفيدة ومقنعة… وإلا تقديم الاستقالة في أسرع وقت، وقد فعلها أميل البيطار في زمن أفضل من ظروف اليوم بكثير، وفعلها وزراء “القوات اللبنانية” في زمن قريب، وخطا خطوتها نواب لم يسألوا الا عن معنى تمثيلهم ومن يمثلون، والوزراء الجدد يفترض الّا يكونوا اقل شعوراً بالمسؤولية، وإلاّ أكدوا المؤكد في انهم يمثلون المنظومة ومصالحها فقط لا غير.