يغيب ويعود الى الواجهة مجدداً. موضوع التنقيب عن النفط في لبنان على أهميته لا تزال الخلافات السياسية والشلل في الحياة العامة يتحكمان به، في وقت باتت اسرائيل على مشارف انتاج النفط، وتداخل الحقول النفطية معها يجعل لبنان في موقع المتفرج على سرقة ثروته.
استحصلت هيئة ادارة قطاع البترول أخيراً على معلومات عن مسوحات «سايزميّه» أجرتها احدى الشركات الاجنبية في لبنان عام 2002، وبناء على هذه المعطيات أعدت الهيئة تقريراً تتوفر فيه معلومات عن المسوحات الجيولوجية في لبنان والتي تفيد بأن مكامن النفط فيه واعدة سيما في المنطقة الجنوبية، خصوصاً في البلوكين 8 و 9.
وأكدت مصادر في هيئة ادارة البترول لـ»الجمهورية» أن هذه المعطيات الجديدة جاءت بناء على مسوحات حصلت عليها الهيئة، حللتها وقدّمتها في تقرير رفعته الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة تمام سلام، ووزير الطاقة والمياه ارتيور نظريان.
وأشارت المصادر الى ان هذا التقرير كشف معطيات جديدة وباتت مثبته عن وجود النفط في البحر ولا سيما معلومات عن البلوك الثامن الذي لم تكن تملك الهيئة اية معطيات عنه.
ولفتت المصادر الى ان الشركة التي أجرت مسوحات منذ حوالي الثلاث سنوات لم تتمكن من عبور النقطة رقم واحد لأن شركات التأمين لا تغطي البواخر، وتالياً هذا التقرير الذي استند الى مسوحات اجريت عام 2002 يقدم معطيات جديدة عن بلوكات عدة منها البلوك 2 الذي يظهر ايضاً مكامن واعدة.
وتالياً يمكن القول اليوم ان الثروة النفطية في لبنان لم تعد مبنية على فرضيات انما على مسوحات تمكنا من تحليلها وتحديد اشكال واحجام البلوكات وكيفية تداخلها مع اسرائيل.
وأفاد التقرير، وفق المصادر، ان حقل «كاريش» لا يبعد عن لبنان 1 كلم كما كان سائداً انما 5 كلم عن الحدود اللبنانية بما يحتم الاسراع في التنقيب عن النفط في المناطق الجنوبية خصوصاً.
بناء على هذه المعطيات، جددت المصادر مخاوفها من ان تستفيد اسرائيل من هذه الثروة سيما المواقع المتداخلة مع لبنان، في ظل التراخي السياسي في معالجة هذا الملف. لذا دعت الى الاسراع في بت هذا الملف والبدء في عملية الاستكشاف والاستخراج.
وعمّا اذا كان هذا التقرير، وهو الاول من نوعه، عامل جذب للمستثمرين، أوضحت المصادر ان هذا التقرير يعطي فكرة أولا عن المكامن النفطية في مياه لبنان، ونرجو ان يكون محفزاً للسياسيين لتسريع الملف. لكن في المرحلة المقبلة سيكون هذا التقرير جاذباً للشركات المهتمة بالتنقيب عن النفط في لبنان، وستسرع لشراء الـ «داتا» المتوفرة في التقرير.
اسواق المنطقة
رداً على سؤال، أكدت المصادر ان القول ان النفط الغميق لم يعد جاذباً للمستثمرين غير صحيح والدليل ان شركات عدة موجودة في قبرص للمشاركة في دورة التراخيص، وهناك شركات موجودة في اسرائيل لتطوير حقولها وتالياً هناك جدوى اقتصادية في هذا المجال. اما المشكلة الكبرى في استخراج الغاز فتكمن في ايجاد الاسواق لبيعه وكيفية بناء البنى التحتية.
وأكدت ان تأخر لبنان في استخراج النفط يخسّره بعض الاسواق، فالسوق التركي اليوم سوق واعد، كذلك السوق الاوروبي، وكلما تأخرنا كلما سبقتنا اسرائيل في امداد هذه الاسواق.
وشددت المصادر الى ضرورة التعاون الاقليمي مع دول عدة مثل مصر قبرص، لافتاً الى أن التعاون ينبع من الكلفة الكبيرة التي يحتمها استخراج الغاز وتالياً هناك ضرورة للتشارّك في بناء البنى التحتية مع الدول، وعليه فإن التأخّر في اقرار المراسيم يفقدنا دورنا في هذا السياق ويخسرنا الاسواق المحيطة.
عن الجدوى الاقتصادية من استخراج النفط في ظل تراجع اسعاره عالمياً، أكدت المصادر ان اسعار النفط والغاز متغيرة وتالياً لا يزال هناك جدوى من الاستثمار في هذا المجال.
أضافت: ان عملية الاستكشافات تتطلب أقله 4 الى 5 سنوات، كما ان عمل شركات النفط يتمحور اولاً حول ايجاد موارد واسواق جديدة. وهذا ما يحصل في العالم اذ ان بعض الشركات اوقفت تطوير الحقول المكلفة لكنها كلها تفتش على اكتشافات جديدة.
واوضحت ان الحقول المكلفة هي مثل حقول الغاز لأن انتاجه مكلف اكثر من النفط، إذ ان استخراج الغاز يتطلب بنى تحتية انابيب امدادات وانشاء معمل لانتاج الغاز، عدا عن ايجاد اسواق لتصريفة وهنا الصعوبة، على عكس النفط.
النفط في البر
عن المسوحات في البر، أشارت المصادر الى ان الهيئة أعدت أخيراً مسودة عن قانون النفط في البر ورفعتها الى رئاسة مجلس الوزراء، كما اجريت في فترة سابقة مسوحات جزئية ولكنها لم تستكمل. وستطلق الهيئة قريباً بعض الامور المرتبطة بالتقييم البيئي الاستراتيجي، لكن الوضع الامني في بعض المناطق في البقاع خصوصاً يحول دول تمكننا من اجراء بعض المسوحات.
ولفت رداً على سؤال، ان التنقيب في البحر اليوم أسهل من التنقيب في البر لأن في البر هناك تفاصيل كثيرة يجب حلها مثل الاستملاكات، اصدار القانون، والموضوع الامني…