Site icon IMLebanon

فرصة مفتوحة للتغيير المرحلي

 

لبنان الذي تليق به الحياة يستحق فرصة. لا مجرد فرصة للتعافي المالي والإقتصادي بل أيضاً فرصة للتعافي الوطني والسياسي. الناخبون أعطوا القوى السيادية وقوى التغيير فرصة للعمل من أجل الإنقاذ عبر تغيير الأكثرية في المجلس النيابي. وهي قوى متعددة، وإن تقاربت في الأهداف، وتضم أهل الخبرة وأهل الإندفاع وتبدو غير متماسكة ولا ممسوكة، مقابل قوى من أهل الدهاء وأهل الثقة تبدو ممسوكة لا متماسكة. التحدي أمام الأكثرية الجديدة ليس فقط أن تبتكر صيغة لنوع من وحدة الصف بل أيضاً أن تتعمق في قراءة الواقع المطلوب تغييره لتحقق وحدة الهدف. والتحدي أمام الفريق الآخر الذي حصل على أقل من نصف المقاعد بقوة “حزب الله” هو النزول من فوق الأشجار العالية التي صعد إليها خلال الحملة الإنتخابية، والكف عن استمرار المكابرة بعد الإنتخابات وإدعاء النصر في مواجهة “حرب كونية”.

 

والبداية هي إعادة الإعتبار الى اللعبة الديمقراطية بعدما طغت عليها لعبة الفرض والرفض عبر نسخة تحريفية خطيرة من “الميثاقية”. فلا حكومات الوحدة الوطنية، في غياب الوحدة الوطنية، كانت أكثر من حيلة لتغطية الهيمنة وتقاسم الحصص والغنائم بين أركان المافيا. ولا حكومات الأكثرية كانت سوى واجهة رديئة للفريق القوي المتحكم. ولا مرة رأينا حكومة تتشكل من أطراف مؤتلفة موافقة سلفاً على برنامج سياسي إقتصادي وإجتماعي قابل للتطبيق، كما هي الحال في حكومات ألمانيا وبلجيكا مثلاً.

 

ذلك أن كل الكلام حالياً هو على جنس الحكومة وشخصية رئيسها وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذا مسار مهم جداً. لكن المهم أيضاً هو تنظيم سياسة العمل على أساس المرحلية وتجنب حرق المراحل عبر ما سماه لينين “مرض الطفولة اليساري” وما عرفناه نحن من مرض الجشع اليميني.

 

والمرحلة الحالية هي لإعادة تكوين السلطة التي تبني الدولة، لا لإعادة تكوين لبنان. فما خرج من صناديق الإقتراع ليس حالياً فرصة للإنتقال الى نظام جديد أفضل، وإن كان فرصة لمنع الإنتقال الى نظام آخر أسوأ. ولسنا على مسافة أسابيع ولا شهور من حل لمشكلة السلاح خارج الشرعية، لكننا في فصل التخلص من التسلط على السلطة وإنحلال الدولة. وفي فصل العمل المنهجي للتعافي المالي والإقتصادي وإجراء الإصلاحات التي تأخرت كثيراً لترتيب الإتفاق مع صندوق النقد الدولي واستقبال المساعدات العربية والدولية.

 

وقمة التحديات هي أن نتوقف عن الأوهام ونتمثل بقول جان فرنسوا ريفيل: “التاريخ لا يضرب مواعيد، موعدنا مع أنفسنا”.