Site icon IMLebanon

بروباغندا فقط

 

مشهد المجلس النيابي بالأمس سمح بأن يُدرك اللبنانيّون تمام الإدراك أنّ مفاتيح التغيير ليست في أيديهم، وأنّ تركيبة البلد لا تسمح بالتغيير، الحالة اللبنانيّة تفتقد إلى فكر بنّاء، ليس لأنّ لبنان لا يمتلك هذه العقول المفكّرة بل لأنّ هذه العقول نفسها زاهدة في البلد وناسه، ومدركة أنّ هذا الشعب “ما بيحمل غلوة” انقسام وهيجان مذهبي وطائفي وأنّه لا يحتاج إلا لبضعة هتافات حتى تندلع بعدها مشاريع حروب أهلية، لم يرقَ الواقع اللبناني بعد أن يتحوّل إلى ثورة حقيقيّة، إسمحوا لنا، الثورة اللبنانية ما تزال تدور في الفراغ، لا مشروع واضحاً تملكه لبناء دولة واضحة المعالم تقوم على أنقاض هذه الدولة الفاسدة من ساسها إلى رأسها، هي مجرّد ردود فعل سرعان ما تنطفىء، حتى أنّها لم تبلغ أن تكون “فشّة خلق” في مواجهة كلّ ما حدث ويحدث لنا!

 

نحن الآن على عتبة المشهد المشابه للعام 1989 والأفق المسدود عام 1990، دول العالم كلّها أرادت مساعدة لبنان ولم يكن هناك يومها حلم تحقّق ولا رئاسة تمّ نيلها، ولم يكن هناك أيضاً الوريث جبران الذي أعلن بالأمس أنّه لا يريد أن يكون وزيراً وهذه وحدها تثير القلق، اليوم كلّ هذه متوفّرة وأغلب الظنّ أنّ الصّهر سيحاول ولو لمرّة أخيرة الإمساك بالرئاسة والبلاد وإن ادّعى غير ذلك، وحتى الآن لا أحد يستطيع أن يدّعي أنّه يملك تصوراً للأيّام المقبلة مثلما لا أحد في هذا البلد يمتلك حلاً للأزمات حتى المنوطة بهم مسؤولية أن يتفرّغوا لإيجاد الحلول، وإذا أمعنا التفكير في حال الشعب اللبناني ونحن منه نكتشف أنّه ليس في خططنا النزول إلى الشارع أو التظاهر أو سواها إذ يغلب على اللبنانيين الاعتصام بالصبر والالتزام بالصّمت و”بس”!

 

ندخل شهر حزيران على الأقل نملك تحديد ثلاث تواريخ سيتمّ استغلالها كعناوين بارزة في معركة رئاسة الجمهوريّة، أوّلها بعد أسبوعين في ذكرى حادثة إهدن الشّنيعة، وثانيها 12 تموز ومواعيد الحرب والنّصر الإلهي وكلّ دعايات الإعلام الحربي والصواريخ ومواصفات الرّئيس الذي يحمي المقاومة وتُهم التّطبيع والعمالة في وجه كلّ مرشّح رئاسي محتمل عنوان برنامجه سيادة لبنان ورفض بقاء أجندة إيران مسلّطة على لبنان بواسطة سلاح حزب الله، أمّا ثالثها فهو 4 آب المشؤوم ذكرى انفجار المرفأ وتفجير العاصمة والعدالة المعطّلة هذا فقط على سبيل المثال ليس إلا!

 

معركة لبنان الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهوريّة بعدما نجح حزب الله في فرض مرشّحه على رأس البلاد فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، ومن الصّعب أن يرخي قبضته عن الموقع المسيحي الأوّل هذا إن لم يكن يخطّط للسيطرة على الموقعيْن المارونيّين اللذين يأتيان مع رئيس الجمهوريّة ويذهبان بذهابه أليست رغبة جبران باسيل تعيين قائد جديد للجيش وحاكم جديد للبنك المركزي للسيطرة على هذين الموقعين قبل اندلاع معركة الرّئاسة؟!