أدخل «القيصر الروسي» النكبة السورية في طور جديد، فيما يستمر مستر أوباما في إلقاء المحاضرات «التثقيفية» ناسياً انه رئيس اكبر وأقدر دولة في العالم وليس استاذاً جامعياً!
ما استجد بالأمس لجهة مباشرة الطيران الحربي الروسي «مهامه» الخطيرة باستهدافه مواقع لا علاقة لـ «داعش» بها، يدلّ على ان بوتين يتعامل مع اوباما وكلامياته، على اساس انه فعلاً، ليس سوى ذلك المحاضر الجامعي الذي يحب الثرثرة وكثرة التحليل والشرح، اكثر من كونه أي شيء آخر!
ومع ذلك، فهذه لعبة خطيرة، قد تدفع «المحاضر الجامعي» الى زاوية محرجة وتُعيده غصباً عنه الى تذكّر هويته السياسية ومسؤولياته الدولية وصدقية دولته ومصالحها الاستراتيجية، وتوصل به بالتالي الى النقطة التي جاهد طويلاً للهرب منها!
أي ان مستر أوباما المنسحب من حروب صغيرة، يقترب شيئاً فشيئاً من الانخراط في حرب كبيرة! وفي ساحة لم يخترها! وفي توقيت لم يحدده! ووفق شروط لم يشارك في وضعها!
ظاهر الأمر يقول كذلك، الا اذا تبيّن في لحظة ما، ان ما يفعله بوتين في سوريا يحظى بالفعل بغطاء اميركي! وفي واقع الحال، فإن اي شيء يمكن ان يصدَّق عن ادارة أوباما هذه! خصوصاً انها التي رعت على مدى سنوات عملية رمي العراق في حضن الايرانيين. وتركت السوريين يذوبون في اتون الابادة على مدى اربع سنوات ونصف السنة! وتعاملت مع نكبتهم بجليدية سيبيرية! وتجاهلت كوارثهم بطريقة تذكّر بتجاهل إدارة كلينتون فظاعات مذابح «التوتسي» و «الهوتو» في النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي والتي راح ضحيتها آنذاك نحو 80 الف شخص في غضون ايام معدودات!
يتبين حتى اليوم، ان اوباما يحكي وغيرُه يتصرف. وينكفئ وغيره يتقدّم. ويحلّل وغيره يقاتل! من القرم الى اوكرانيا الى سوريا، مروراً بعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية (من يتذكر؟!) التي شهدت في عهده انتكاسات تكاد ان تطيح تماماً ما تراكم فيها على مدى ربع القرن المنصرم.
ويتبين حتى اليوم، ان شيئاً من سيرة رئيس الوزراء البريطاني تشامبرلين مع هتلر في العام 1938 يتكرر مع مستر اوباما ازاء طموحات الطغاة المعاصرين وسعيهم الى بناء امبراطوريتهم بالدم والجماجم والحديد والنار.
.. دخلت النكبة السورية في طور دموي جديد بالأمس، ولن يطول الوقت قبل ان يتكشّف ان اخطاء اوباما فيها تبقى «معقولة»(!) امام خطايا بوتين.. وان آليات عمل «أم المطاحن» اقوى من كل ما عداها… يا الله!