IMLebanon

السياسة الجديدة في المنطقة: لا للخصم… ولا للحيادي!

لا أحد في المنطقة العربية يستطيع أن يبعد عن الشرّ ويغنّي له في آن! والحالة الخليجية في هذه الآونة هي دليل ساطع في هذا الشأن. وقد صدحت قطر طويلا بالغناء للشرّ الذي صنعته، وتوهّمت انها ستبقى بعيدة عنه، وها هو ينفجر الآن في عقر دارها! وكل الذين تأبطوا شرّ الارهاب وبخاصة في سوريا والعراق، وصلت اليهم ارتداداته، أو هي في الطريق اليهم الآن، بمن في ذلك الذين يتوهّمون أنهم في موقع المبادرة والفعل، وليس في موقع المتلقي وردّ الفعل! وقبل التطوّع لمهمة تحذير الغير من الأشقاء العرب من التنبه لهذا الخطر الداهم أو الآتي، يجدر بنا أن نكون في لبنان في طليعة الذين يحذرون أنفسهم من التطورات اللاحقة، بابتكار دينامية ذاتية، في مواجهة من يصدّر الى العرب ديناميات الاحتراب والخراب من خارج الحدود!

لبنان مدعو اعتبارا من اليوم الى ابتكار دبلوماسية خلاّقة ومبدعة، ولم يسبق لها مثيل في تجاربه السياسية، بحيث تشكّل درع وقاية له، دولة وأرضا وشعبا، من العته الزاحف على الأرض العربية. وفي هذا الزمن المتغيّر، لم يعد يفيد لبنان أو يحميه، لا سياسة الانحياز الى أي محور من محاور الصراع الدولي أو الاقليمي في المنطقة وعليها. كما لن يفيده الاستمرار في وهم الزعم القائل ب النأي بالنفس عن الصراعات الملتهبة والمتناسلة والمتدفقة من المنطقة واليها! وتبقى أية خراسنة مسلحة لبناء الحماية الذاتية عليها، هي أولا وأخيرا تماسك الجبهة الداخلية وتلاحمها بصلابة غير قابلة للكسر، تحت أي ضغط، من أية جهة أتى…

أهم وأخطر ما تغيّر، ليس ما حدث من تغيير شكلي عند قمة هرم السلطة في العالم، وعلى مستوى الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية… هذا مجرد سراب خادع لأن الاستراتيجية الأميركية الصهيونية المخصصة للمنطقة العربية، لا تزال هي نفسها دون تغيير أو تبديل، وأساسها تحديد مراكز القوة لدى العرب، وضربها تباعا الواحد تلو الآخر، بمثابرة وجزم، مهما تطلب ذلك من جهود وسنوات… ولعل أهم وأخطر ما تغيّر هو عقلية الحكم في المنطقة… وما تغير اليوم هو زمن القبول بالآخر المختلف، حتى ولو كان بتوجه سلمي وبصوت خافت! وهو زمن يصرخ أصحاب العقلية الجديدة بالفم الملآن: من ليس معنا فهو ضدّنا… أي انه زمن يفضّل فيه أصحاب العقلية الجديدة الحاكمة تدمير الخصم حتى لو كان حياديا، ولم يكن خصما!

… وهذا يعني أن ما يجب أن يفهمه أهل الحكم في لبنان ان الحياد… أو النأي بالنفس لم يعد سياسة ضامنة أو مفيدة، مثله مثل سياسة المحاور!