على رغم اعلان اكثر من مرجعية سياسية عن استقرار الواقع العام في مرحلة ما بعد التمديد للمجلس النيابي وعدم حصول اي تحولات نوعية في الاستحقاقات الدستورية المتراكمة امام المجلس كما امام الحكومة، فان خارطة تحالفات جديدة قد بدأت ترتسم على الساحة الداخلية على حد قول اوساط نيابية متابعة لتطور العلاقة ما بين الكتل النيابية في فريقي 8 و14 آذار سواء على مستوى التواصل ما بين الرئيس نبيه بري وكتلة «القوات اللبنانية» او بين تيار «المردة» و«القوات» او بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» من جهة والرئيس بري من جهة اخرى. واعتبرت الاوساط ان صفحة التمديد لم تطوَ بعد من قبل الجهات المنددة به والمعترضة عليه والتي تتجه الى التصعيد السياسي وفي مقدمها «التيار الوطني الحرّ»، لكنها اكدت في المقابل ان معادلة جديدة ظهرت بنتيجة التصويت داخل مجلس النواب يوم الاربعاء الماضي وتنبئ بعودة مشهد التحالف الرباعي الذي سجل منذ سنوات وسبق توقيع التفاهم ما بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحرّ»، مع ما يحمله هذا المشهد من دلالات على الصعيد العام لجهة تعديل الاصطفافات القائمة من خلال استرجاع التفاهمات التي كانت سادت في مرحلة الاستحقاق النيابي الاخير او الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2009.
وركزت الاوساط على التوافق الناشئ وان كان مرحليا ما بين كتلة «المستقبل» وكتلتي «حزب الله» وحركة «امل» بموازاة المهادنة او تقاطع المصالح ما بين كتلتي «القوات» ونواب «المردة» كما لفتت الى التقارب الملحوظ ما بين «القوات» و«امل» بشكل خاص والذي ترجم بوضوح من خلال تنسيق المواقف والحركة والتشاور عشية جلسة التمديد لمجلس النواب. ونقلت هذه الاوساط عن نواب في كتلتي «التحرير والتنمية» و«القوات» ان مناخاً مختلفاً يسود العلاقات في المرحلة الراهنة. علماً ان التعاون ليس مستجداً نظرا الى التقدير الذي تكنه «القوات» للرئيس بري وخصوصاً بالنسبة لدوره السياسي والتشريعي كما الوطني علـى صعيد اطلاق الحوار بين كل القيادات في البلاد بهدف سحب فتيل التوتر والخلافات من الشارع الى طاولة الحوار الوطني التي انعقدت على مدى سنوات في قصر بعبدا.
فالتمديد قد وضع الجميع امام استحقاق تحديد الموقف النهائي والحاسم من الاستحقاق الرئاسي كما كشفت الاوساط النيابية، التي اعتبرت ان كل القوى قد حسمت خيارها بالنسبة للمرشح الذي تدعمه الى الرئاسة وذلك بعد اعلان السيد حسن نصرالله عن دعم الحزب وقوى 8 آذار للعماد ميشال عون كمرشح رسمي، في المقابل فان ابتعاد هذا الفريق عن موقف العماد عون الرافض للتمديد، وان كان مرحلياً، يشكل مؤشراً على وجود عراقيل ولو محدودة، امام التماسك ما بين الكتل النيابية في الثامن من آذار في مقاربة الاستحقاق الرئاسي اذ ان قرار المشاركة في جلسات الانتخاب لم يتخذ بعد على الاقل في الوقت الحالي.
واذ اعتبرت الاوساط نفسها انه من المبكر اطلاق احكام حاسمة على التحالفات المقبلة داخل المجلس النيابي وخارجه، فقد اكدت ان الايام القليلة المقبلة ستحمل اكثر من تطور في المواقف من قبل الرابية كما من قبل بكركي بعد عودة البطريرك بشارة الراعي من جولته في استراليا، وخلصت الى انه بناء على ما سيتضمنه بيان المطارنة الموارنة من قضية التمديد كما طريقة التعاطي من قبل «التيار الوطني الحر» مع مفاعيل التمديد، ستتم عملية خلط للاوراق السياسية الداخلية وتتحدد بموجبها لوحة جديدة ترتسم فيها تحالفات مستجدة ستلقي بظلالها حتما على طريقة مقاربة الاستحقاق الرئاسي.