لم يخطئ وليد جنبلاط في كلامه لجريدة الأنباء بأنّ “المطلوب نظام سياسي جديد” قد يكون هذا هو الأمل الوحيد لبقاء لبنان الوطن، فالأزمة الجهنّمية التي تحاصر اللبنانيّين سببها ليس ماليّاً واقتصاديّاً وغير ذلك، الأزمة التي أغرقت لبنان وشعبه وأوصلتنا إلى حضيض الحضيض داخلياً وورّطته عربيّاً ودمّرت علاقاته مع دول الخليج وبات لبنان منبوذاً في محيطه العربي، وكلّ ما يُعانيه البلد وشعبه سببه حزب الله وسلوكه الإرهابي داخليّاً وخارجيّاً، وهو مصرّ على هذا السّلوك وعلى اختطاف لبنان وشعبه رهناً للأجندة الإيرانيّة ومخطّطاتها للمنطقة وورقة مقايضة لتحسين وضعها على طاوله المفاوضات النّوويّة.
حان الوقت ليصارح اللبنانيّون أنفسهم بأنّ التّعايش مع حزب الله أمر مستحيل وثمنه وفاة لبنان الدّولة والكيان، وآخر ما سمعناه جاء على لسان رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين متّهمّاً الرّافضين لسياسات حزبه الإيراني معتبراً أنّ “الفريق الآخر في لبنان الذي يتخلّى عن كرامة وطنه ويريد أن يرهن وطنه للخارج لا يمكن أن يؤتمن على شيء ولا يحقق أي إنجازات ولا يعالج المشاكل الإقتصادية”، كفى الله لبنان وشعبه شرور حزب الله ومن معه لأنّه على أعلى درجة من الخيانة للبنان والتآمر عليه وعلى شعبه وهو وقياداته من الوقاحة بمكان أن يتّهم اللبنانيّين والسياسيّين الذين يقاومون اختطافه للبنان بأنّهم يتخلّون عن “كرامة وطنه”، أيّ وقاحة تلك التي يمارسها حزب الله عندما يتّهم اللبنانيّين بما في الحزب من نقائص وخيانة وارتهان وعمالة لإيران!
فات أوان الحديث عن اتّفاق الطّائف وعدم تطبيقه، في الأساس نجد أن الخلاصة المنطقيّة لما آل إليه حال هذا الاتّفاق بأنّ الطّائف منذ تمّ وضعه وإقراره كان فقط رغبة دوليّة لوقف آلة الحرب فقط حيث تواطأ العالم كلّه في ما بعد بتسليم لبنان لنظام الاحتلال السّوري وغضّ النّظر عن تعطيله لتطبيق الاتّفاق، اختصر جنبلاط كلّ التوصيفات بحاجتنا إلى نظام جديد لأنّنا راهناً في “لبنان آخر حيث يُصادر القرار اللبناني من قبل حزب يمتد من هنا إلى الجمهورية الإسلامية”، المأزق الحقيقي ليس في الإقرار بحاجتنا إلى نظام جديد المأزق الحقيقي أنّه ليس هناك مجتمعان عربي ودولي يطبخان “النّظام الجديد” الذي سينقذ لبنان من زواله دولته وكيانه، خصوصاً وأنّ حزب الله يُراهن على لعبة نظام “غير طائفيّ” يطبقّه الحزب بطائفيّة العدد للسّيطرة على الكيان اللبناني وإقامة نظامه لأنّنا في مواجهة حزب يملك مخطّطاً جاهزاً منذ ثمانينات القرن الماضي وقد نجح في تطبيقه بحذافيره ولم يبقَ إلّا القليل الذي يترقّب لحظة إعلانه جمهوريّة إيران في لبنان!
نعم نحن بحاجة إلى نظام جديد وبقوّة، لكن أوّلاً على المجتمع الدّولي نقل قراريْ مجلس الأمن الدّولي الـ 1559 والـ 1701 إلى مظلّة الفصل السّابع وأن يتولّى مجلس الأمن وضع تطبيق هذيْن القراريْن موضع التّنفيذ وإلّا سيكون الحديث عن نظام سياسي جديد إمعاناً في تسليم لبنان لإيران، فليسحب سلاح حزب الله نهائيّاً من يوميّات لبنان وبعدها سيكون أي بحث عن نظام سياسي جديد إنقاذٌ للبنان من نهايته الحتميّة المؤلمة…
لا محاولات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ستغيّر من الواقع اللبناني ولا انتظار أوهام الإصلاح ومحاربة الفساد وتنفيذ القرارات الدوليّة سينقذ أو يغيّر من الواقع اللبناني، كلّ هذا مضيعة للوقت فالتجربة اللبنانيّة مع ماكرون أوصلتنا إلى حكومة نجيب ميقاتي العاجزة عن عقد جلسة بتهديد من حزب الله وسلاحه، وحتى لا يظنّ البعض أنّ الحلول ممكنة نقول على العكس الحلول مستحيلة إلى أقصى الحدود لأنّ لبنان بحاجة إلى إنقاذ إلهيّ ودوليّ، وغير ذلك مراوغة وتضييع وقت.