توجه سياسي لمواجهة التهديدات الاسرائيلية بحزم وصرامة
جمهورية جديدة في دوحة الاستقرار السياسي
واصرار على قانون انتخابي يوحّد المواقف ولا يقسمها
كانوا سبعة من رجالات الحكم السابقين، جمعتهم الغربة في روما، قصدوا مطعما ايطاليا لتناول العشاء. وأمامهم مجموعة صحف، وحفنة من الأقلام.
بادر وزير سابق الى الكلام، وبه خوف على لبنان، وقلق على مصير العرب، في ضوء الأزمة العاصفة سياسيا على الرئيس الأميركي الجديد ترامب.
ردّ وزير آخر، أعيته الحيلة في العثور على مخرج من الورطة المهيمنة على الجميع، ولا أحد منهم يملك تصورا لخلاص لبنان، وهو على أبواب مدة قصيرة تفصله عن الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.
خرج واحد منهم عن صمته، ليقول ان اجراء الانتخابات كاف وكفيل بطيّ صفحات المشكلة الانتخابية. وتساءل: لماذا الخوف من الذهاب الى استفتاء الشعب. وربما يكون الاستفتاء، غير المعمول به في بلادنا، المخرج من الأزمة، والطريق الى تغيير طفيف أو كبير في الطبقة السياسية.
إلاّ أن نائبا شابا، سارع الى القول ان التغيير آت لا محالة بعد الوصول الى آفاق غير معهودة في لبنان، مشددا على ان البلاد رزحت كفاية تحت حكم الوصايات الخارجية، وان ثمة قناعة بأن التغيير الذي شمل للمرة الأولى الرئاسات والوزراء، قد يمهّد للوصول الى التغيير المنشود.
وعقب رجل ثالث من بينهم، على هذه الآراء والأقوال، بقوله ان التنوّع السياسي ظاهرة مميزة في بلد عريق في نظامه الديمقراطي، قد يجعل من الساحة اللبنانية فرصة حقيقية لقلب الأوضاع السائدة رأسا على عقب، لأن الشعب تسوده الآن ظاهرة جديدة، هي الخروج من ماض سحيق الى مستقبل سعيد، في الآمال والطموحات لأن المواطنين قرفوا من التسلّط السياسي والحزبي السائدين، على مدى الأشهر الماضية.
أكل الساهرون وشبعوا طعاما ايطاليا، لكن الرأي الراجح تمثل في شعورهم بأن ايطاليا هي الأخرى شهدت طغيانا سياسيا لأحزاب وقوى تقليدية، ساهمت في رجحان كفّة الطقم السياسي القديم.
وروى أحدهم، وهو وزير سابق انه حضر الى روما مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعائلته لزيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، لكن ذلك الحبر الأعظم القديس بارك ظاهرة التنوّع السياسي، في البلد الذي أضفى عليه صفة القداسة، كما تميّز به، عبر الدهور من الايمان بقيم قد لا تظهر إلاّ عند الشعوب الحيّة، والمؤمنة، والمعروفة بصلابة مشاعرها الانسانية.
ونقل المتحدث اللبناني الى زملائه اللبنانيين، ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري قال ذات يوم أمامه ان الوصاية السورية منعته من الحصول على صلاحيات استثنائية، ليتجاوز عقدة البرلمان اللبناني في التغيير، وان السياسيين في لبنان وجدوا أنفسهم عاجزين عن التغيير المنشود بمعزل عن الارادة الغريبة المهيمنة عليهم، لأن الوصاية لم تكن راضية كفاية عن اتفاق الطائف ايمانا منها بأن ورود فقرات في وثيقة الوفاق الوطني تحدّد موعد الانسحاب السوري بسنتين الى ما بعد ظهر البيدر وصولا الى محافظة البقاع. ولهذا فقد عمدت الوصاية الى اجراء انتخابات نيابية في لبنان، على أساس ان لكل منطقة أسلوبا مختلفا على سواها، ففي الشمال انتخابات على مستوى المحافظة وللمناطق الأخرى حدود مختلفة عن سواها.
ونقل هذا الرجل، الى الحاضرين ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قال أمامه، ان بعض الوجوه التي اجتمعت في لائحة واحدة، كانوا لا يعرفون بعضهم بعضا.
وفي الجلسة النيابية الأولى، وقف النائب محمود طبّو عن دائرة المنية المجاورة لمدينة طرابلس، وارتجل خطابا فاجآ به اللبنانيين، ببلاغته وثقافته، ما جعل سيدة قاطعت انتخابات الثلاثة عشر في المائة، بأنها لو كانت تعرفه، لما أقدمت على مقاطعة الانتخابات.
سؤال واحد ظلّ يشغل اللبنانيين في معظم المناطق: كيف ولماذا رفع نجوم الوصاية عدد النواب في الطائف من ١٠٨ نواب الى ١٢٨ نائبا.
هذا السؤال طرحته أحداث الأسبوع في الأنوار: على النائب السابق ادمون رزق.
وردّ العالم الدستوري بقوله، اننا وضعنا أسسا ومواقع بمساعدة شخصيات فكرية واجتماعية لوضع خريطة طريق نحو المواطنة، والسبل الآيلة لالغاء الطائفية، لأن الابقاء عليها، يعدّ بمثابة شرك بين السياسية والدين، واهانة الدين عند تسييسه.
أما في سياق آخر، فنحن حدّدنا عدد النواب ب ١٠٨ انطلاقا من مبدأ المناصفة، حيث كان هناك ٤٥ نائبا من الطوائف الاسلامية، و٥٤ من الطوائف المسيحية. فأضفنا ٩ نواب أي الفارق الموجود، ليصبح العدد ١٠٨.
وفي ما حصل، خرق لآلية معيّنة، حيث كان الاتفاق يدور على اعادة انتاج السلطة على الوجه الآتي:
أولا، اعادة النظر بالتقسيم الاداري، أي تحويل الأقضية الى محافظات، مع زيادة عددها، وتعديل حدودها، تأمينا للمشاركة الحقيقية.
ثانيا، وضع قانون انتخاب على أساس التقسيمات الادارية الجديدة.
ثالثا، تعيين نواب بدل المتوفين، بالاضافة الى ٩ نواب اضافيين جدد.
رابعا، اجراء الانتخابات سنة ١٩٩٤، أي في وقت يكون قد تمّ انسحاب الاحتلال الاسرائيلي، وأنهت القوات السورية مهامها في لبنان، ليتمكن الشعب اللبناني من اختيار نوابه بحرية، وبأمن.
أما ما حصل، فهو أنه تم خرق هذا الاتفاق المبدئي، من خلال تعيين نواب عام ١٩٩١، ووضع قانون انتخابي معلّب، مخالف لهذه المبادئ كلها، اضافة الى حلّ مجلس النواب، واجراء انتخابات صورية، تمت مقاطعتها من قبل ٩٠% من الشعب اللبناني في جميع المناطق ومن الطوائف كلها، فكان مجلس نواب ٩٢ حصيلة عدم الانتخاب، لا الانتخاب.
ومنذ ذلك الحين، والمجالس تستنسخ نفسها، وتتوالى العهود الفاشلة، والحكومات غير المنتجة، ويتراكم الدين، وتهدر الفرص لاحياء الجمهورية. ونأمل أن تكون اليوم الفرصة ممكنة لاحياء الجمهورية. ونتمنى لرئيس الجمهورية النجاح والخلاص للبلد.
وبهذه المناسبة أقول ان الطائف يعطي الجميع حقّه، وكل ما علينا فعله هو العودة الى مضمونه، وفهمه جيدا، فهو المصالحة، وبسط السيادة، وحقوق الانسان، وهو يؤكد على الانتماء العربي الأصيل، وعلى الحريات العامة والخاصة، كذلك الالتزام بمواثيق الجامعة العربية والأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان. فانه لا يتحدث عن توزيع الحصص، بل عن المشاركة بمشروع واحد والعودة الى ثقافة الوحدة الوطنية.
ما هي أسباب العثرات التي تشيرون اليها؟
– للأسف، هناك جهالة مطلقة بالطائف والدستور، وأنا وضعت مشروع التعديلات الدستورية بصفتي يومئذ وزيرا للعدل وذلك بتكليف من مجلس الوزراء، وقلنا وقتها انه اتفاق المصالحة والوحدة الوطنية والشراكة بالمسؤولية وذلك كلّه انطلاقا من الكفاءة والاختصاص. وبالتالي، فان مؤتمر الطائف لم يكن مطلبا أو خيارا لبنانيا، انما كان مخرجا من مأزق، فكان هناك فراغ رئاسي، وحكومتان غير شرعيتين، وتمرّد وكل أجهزة الدولة ومؤسساتها مشلّعة.
هذا هو الطائف، ولمن لا يعرف مفهومه وأهدافه فليسأل، لكن من غير المقبول التحدث عنه تهويلا أو تلويحا. حيث لا خلاص للبلد إلاّ انطلاقا من تطبيق الطائف نصا وروحا، لأنه يهدف الى احياء الجمهورية اللبنانية والكيان التعدّدي الموحّد، من خلال ما وضع من أحكام، وأدخل من تعديلات وللأسف لم تطبّق.
خيانة للوطن
هل تقولون – صاحب المعالي – بأن من أسباب الفساد، عدم تطبيق الطائف؟!
– بالطبع، خصوصا مع غياب الرقابة. فعندما تنتخب المجالس النيابية على أسس عشائرية، ويقفل مجلس النواب وسط عدم وجود المراقبة أو التشريع، بالاضافة الى الفراغ الرئاسي، وتعديل الدستور، بغية التجديد أو التمديد، فهذا كله مخالف للطائف، وللأخلاق، ويشكّل بحدّ ذاته خيانة وطنية عظمى.
في الماضي، كانوا يقولون بأن الوصاية السورية حالت دون تطبيق الطائف، واليوم زالت هذه الوصاية ولا يزال هذا الاتفاق من دون تطبيق لماذا؟!
– لأن من تسلّم الحكم كان بمثابة مخلفات الوصاية. أو الأزمة. فنحن قلنا بحلّ الميليشيات، هل حصل هذا الأمر؟! كذلك تحدثنا عن ان رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، أين هذه النقاط كلها من التطبيق اليوم؟!
ما المخرج اذا للخلاص قبل حلول موعد الاستحقاق النيابي؟!
– قد يكون التمديد احدى الطرق التي سنصل اليها، ومن يرفض هذا الخيار، فليقر قانونا انتخابيا تجرى الانتخابات النيابية على أساسه، ومن شأنه ان يؤمّن الحرية للمواطن الناخب، وتكافؤ الفرص للمرشح.
أنا لا أريد ان أعطي صورة سوداء أو أن انتقص من قدرة أي شخص، فأنا احترم الجميع ولرئيس الجمهورية تاريخه ونضاله وشعبيته، ما يحتم عليه إلامساك بزمام الأمور.
فالاستفتاء الذي طرحه على سبيل المثال هو كلمة علمية لها مصطلح قانوني وعلمي ومدلول، وعلى الرئيس ان يطلب من رئيس مجلس النواب تعيين جلسة خاصة للاتفاق على موعد محدد، لينزل الى المجلس ويوجّه رسالة الى النواب في هذا الخصوص. فالأمر لا يقتصر فقط على رسالة الاستقلال، أو خطاب القسم… وغيرها من المناسبات.
وفقا لذلك، نحن نريد شيئا عمليا فعليا، وأنا أرى ان أي قانون لا يمكنه ان يعطي الشعب حق اختيار نوابه، طالما ان هناك غيابا لضبط الأمن، ولتوفير الثقة وتكافؤ الفرص والحرية المطلقة.
أتقولون ان لا حلّ إلاّ بالاستفتاء الشعبي؟!
– ان الوضع يحتاج الى صحوة شعبية. وفي ذهننا الاحتكام الى التعددية التوافقية التي تراعي مصالح الجميع لا الطغيان العددي. حيث ان في الاستفتاء، هناك عدد من الأصوات، فاذا لم تضمن المواطنة بأنها ستكون المنطلق، عندها تصبح وكأنك تغلب فئة على أخرى.
انطلاقا من هذا السبب، وضعنا في المادة ٩٥ أساس العبور الى المواطنة.
أمام البلاد ٤٨ ساعة صعبة اذا ما تجاهل السياسيون الواقع، و٢٤ ساعة سهلة اذا ما قرروا الذهاب الى حلّ شامل للأزمة، يقوم على النسبية والابتعاد جزئيا أو كليا عن النظام الأكثري.
ووزير الداخلية تهاد المشنوق قام بواجبه السياسي عندما رفع الى رئيس الجمهورية والى رئيس الحكومة قراره بتحديد موعد لاجراء الانتخابات النيابية.
صحيح ان رئيس الجمهورية، وهو صاحب القرار الأخير، قد أعلن ان قانون العام ١٩٦٠ قد مات، ولن يعود الى الحياة، وان معظم الفئات اللبنانية باتت ميّالة الى القانون المختلط بين النظامين النسبي والأكثري فان هناك تباشير عبّر عنها وزير الاعلام، بامكان انجاز القانون المختلط خلال ثلاثة أسابيع.
والواضح، من مجريات الأحداث ان القانون المختلط آت. وانه يمهّد لتغيير شامل في بعض الدوائر الانتخابية ومحدود في دوائر أخرى، إلاّ أن الأكيد، في رأي مراجع سياسية ان تغييرا ما آتٍ لا محالة.
كان الأسبوع الفائت غنيا بالأحداث والمواقف، أبرزها زيارة رئيس الجمهورية العماد عون لكل من قطر والأردن، ومبادرة رئيس الجمهورية الى الرد على الرسالة الاسرائيلية الى رئاسة مجلس الأمن الدولي، والموقف البارز الذي أعلنه ضد الموقف الاسرائيلي وتحذيره للدولة العبرية من الاقدام على أي مبادرة عدوانية على لبنان.
إلاّ أن المواقف الأساسية تكمن في حرص العماد عون، وكل من الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، على التمسك بمواقف معلنة سابقا من الأحداث، مدرجة في اطار التنوّع في الآراء، وعدم الوقوع في شرك الخلافات الشخصية، مما يمهّد لتفاهم وطني لا للتباعد.
ويؤكد المتابعون للأحداث ان الحكومة منصبّة الآن على انجاز الموازنة العامة للبلاد، خلال ثلاث جلسات نيابية، تمهيدا لمتابعة الحملة على الفساد وانجاز ما يمكن انجازه للوصول الى صيغة ملائمة للتوافق السياسي مهما تنوعت الخلافات في بعض المواقف.
ويؤكد مرجع سياسي، ان عودة العماد عون من زيارتيه لكل من قطر وعمان ومبادرة الرئيس سعد الحريري الى تشديد مواقفه ضد حزب الله، مساهمة واسعة في تعزيز الاستقرار السياسي في البلاد، وتوطيد الأمن على الساحة الداخلية.
ويؤكد الوزير السابق وائل أبو فاعور ان الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط ماض في التفاهم مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وأمل وحزب الله على موقف موحّد من قانون الانتخابات يراعي تطلعات القوى والأحزاب الى رؤية توحيدية، على غرار ما حققته معظم الدول الغربية والشرقية، في الأمور المهمة.
لماذا القانون الجديد
يقول زوار العماد ميشال عون ان رئيس الجمهورية حريص في هذه المرحلة على أمرين أساسيين: تسهيل الأمور في البلاد، من ايحاءات التركيبة السياسية الراهنة، والتمهيد لبدء جمهوريته الجديدة في النصف الثاني من السنة الراهنة، ليحقق أهدافه ومراميه، وفق ماضيه السياسي، وفي ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات النيابية، بحيث لا يكون هناك انفصام بين رؤيته كممثل للشعب اللبناني، ونظرته الجديدة الى الحكم من خلال ما يسعى اليه وفق ما كان يدعو اليه سابقا، وقبل وصوله الى الرئاسة الأولى.
ويقول العماد عون، ان من يتصور الآن، انه صاحب رأي يمثل جميع اللبنانيين، ورجل موقف يجسّد القوى التي آزرته في الحقبة الفاصلة عن ماضيه السياسي وحاضره يجب ان يدركوا ذلك، فلا يعتقدن أحد، ان رئيس الجمهورية له موقفان واحد كنائب وكقائد سياسي، وثان كرئيس جمهورية يجب ان تكون له مواقف وآراء فاصلة بين ماض له ومستقبله السياسي.
وتستغرب أوساطه ما يصدر عن بعض القوى، من ملاحظات هي أقرب من سواها الآن، من المواقف المطلوبة منه، كمثل تقاربه مع حلفائه السابقين والحاضرين في حزب الله وابتعاده عن القوى المؤيدة له بعد وصوله الى الرئاسة الأولى.
وهؤلاء يأملون ان يتفهموا مواقف رئيس الجمهورية الراهنة، ولا سيما اذا ما وجدوا انفصاما سياسيا بين الماضي والحاضر.
وفي التحليلات، يدعو هؤلاء الى الاقتداء بأنصار رئيس الجمهورية، عندما يلتفون حول المواقف التي تصدر عن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، الذي يعبّر في القضايا العامة، عن مواقف شجاعة أو متّزنة لصالح البلد والوطن.
ويعتبر هؤلاء ان الخلاف والتباين بين تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل من الأمور البديهية في القضايا العابرة للطوائف والمواقف .
ويقول الرئيس فؤاد السنيورة، ان للتيار الواحد، أكثر من مواقف من القضايا العابرة للطوائف، وهذا ما تظهره الثغرات الظاهرة أحيانا بين الحمائم والصقور في بعض الأمور الدقيقة في البلاد.
ويستغرب السنيورة الاشارة الى تباينات في بعض مواقف قادة تيار المستقبل من القضايا الأساسية.
ويعتقد السنيورة، في ما أشار اليه، ويشير اليه بعض التحليلات من مواقف متباينة بين الوزير السابق أشرف ريفي، والوزير الحالي نهاد المشنوق.
إلاّ أن المراجع السياسية في الفريق السياسي الواحد، تتزايد بعد التباينات في مواقفها، ولا سيما في أثناء الانتخابات البلدية، التي استطاع وزير العدل السابق ان يربح معظم أعضائها.
أما الموقف الملتبس الآن، فيبدو ظاهرا من التحالف الغامض على الساحة الانتخابية بين الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي.
وكانت مبادرة الوزير السابق أحمد كرامي الى اعلان ترشيح نفسه عن مقعد في طرابلس، استباقا لأي تحالف أو خلاف مع حليفه الميقاتي وامكان تحالفه مع ابن عمّ عضو كتلته نجل الرئيس الراحل عمر كرامي.
غير ان الموقف الأساسي على الساحة الانتخابية، هو موقف حزب الكتائب برئاسة النائب الشيخ سامي الجميّل الذي يتخذ مواقف تقاربية مع حزب الوطنيين الأحرار برئاسة النائب دوري شمعون.
وهذا الموقف أخذ منحى جديدا بعد مطالبة الأستاذ وليد جنبلاط بدائرة انتخابية واحدة في الشوف وعاليه، لأن للوطنيين الأحرار، موقفهم في دير القمر ومن التحالف مع رئيس اللقاء الديمقراطي تحالفا أو اتباعا.
ولعل اللقاء المتوقع غدا في باريس بين الرئيس الفرنسي هولاند والأستاذ وليد جنبلاط يشكّل انعطافة سياسية في معسكر اليسار السياسي خصوصا بعد التريث الفرنسي في التحالف الأميركي – الأوروبي، ولا سيما بعد تسرّب الارهاب الى قلب الساحة الفرنسية، وسقوط عشرات الضحايا الفرنسيين في باريس وسواها، وتمدّد الارهاب الى أماكن ظلّت هادئة عشرات السنين في معظم أنحاء البلدان الغربية.
ويشكّل التحالف ضد السلطة السياسية، بين الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة حنا غريب وحزبي الكتائب والأحرار عنصرا جديدا في المواقف الداخلية، ومنعطفا بارزا بين اليمين واليسار، في ضوء تقارب الكتائب والعماد عون، وتقارب الأحرار مع المستقبل والتباعد مع العماد عون، وان كان من يعتقد ان هذا التقارب أو التباعد من عثرات المواقف الداخلية مع السلطة.