Site icon IMLebanon

جولة جديدة لهوكشتاين تحت النار ومؤشرات على الفشل

 

ما الهدف والمصلحة من الترويج الداخلي لأجواء حرب أهلية؟

 

ما زالت أميركا تسعى لإنقاذ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من نفسه وإنقاذ إسرائيل مما وقعت فيه من أزمات وإثارة الرأي العام العالمي ضدها بعد تصعيد الهجوم البري والجوي غير المسبوق على لبنان، وبعد تكبّدها خسائر كبيرة على كامل المستويات، وذلك عبر ما تم تسريبه عن مسودة اتفاق جديد مع لبنان يوقف الحرب أعدّها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين. وبدأ بعدها ضخ معلومات إيجابية عن وقف الحرب بدءاً من وقف العمليات البرية وتتوقف معها الحرب الجوية، وأن نتنياهو وافق على مسودة الاتفاق قبل وصول هوكشتاين ومستشار الرئيس الأميركي بريت ماكغورك الى فلسطين المحتلة.

ترافقت التسريبات مع إبلاغ هوكشتاين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أن ما توصل إليه أفضل مما سبق. وان الحل ممكن قبل الانتخابات الأميركية في الخامس من الشهر المقبل»، لكن مع «إذا الشرطية» لم ينقلب نتنياهو مرة جديدة على ما يتم التفاهم عليه، إذ أن التجارب السابقة خلال سنة من المفاوضات والمساعي أثبتت ان العبرة في التنفيذ والتزام إسرائيل وصدق الضمانات الأميركية المزعومة.

وظهر ان الواقع ما زال مخالفاً لكل الضخ الإعلامي الإيجابي التضليلي، بعد مواقف نتنياهو إثر لقائه الموفدين هوكشتاين ومستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك أمس، وأكدت القناة 12 الإسرائيلية: «ان مسؤولي القيادة في إسرائيل يستعدون لتوسيع العمليات البرية في لبنان لأن المفاوضات قد تستغرق وقتاً».

كما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤول إسرائيلي قوله: «سنفاوض تحت القصف ولا أحد يوافق على وقف النار للتفاوض على اتفاق، ولبنان وحزب لله لم يقبلا المقترح وقالا إنه يمنح إسرائيل مساحة لمواصلة الهجوم». وقالت الصحيفة: «ان مسودة الاتفاق الأميركي – الإسرائيلي تسمح لإسرائيل بضرب لبنان خلال فترة شهرين انتقالية، ونرجح معارضة حزب لله وحكومة لبنان لمسودة اتفاق إنهاء الحرب بسبب انتهاكها للسيادة».

وفي السياق، كشف مسؤولون لـ«نيويورك تايمز» ان نتنياهو ينتظر الفائز في انتخابات أميركا قبل المضي في مسار تفاوضي. كما ذكرت قناة «سي أن أن» الأميركية: المسؤولون الأميركيون يشكّكون في إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل الانتخابات الرئاسية.

على هذا يترقّب الجميع أسبوعاً مفصلياً جديداً مع انتهاء مهمة هوكشتاين تتظهر فيه نوايا إسرائيل الحقيقية برفض وقف الحرب، ولا سيما ان هناك من لاحظ ان زيارة هوكشتاين هذه المرة سبقتها وترافقت معها أيضاً موجة غارات عنيفة خلال اليومين الماضيين على البقاع وبخاصة مدينة بعلبك، وعلى قرى الجنوب وبخاصة مدينة صور، وطرقات جبل لبنان، وقتل المزيد من المسعفين والمدنيين وتدمير المزيد من الأماكن السكنية ودور العبادة، تماماً كما حصل في الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي، وكما حصل عند صدور المبادرة الأميركية – الفرنسية أواخر أيلول الماضي، وهو ما بدا تناغماً أميركياً – إسرائيلياً في جولة لتفاوض الجديدة تحت النار علّ وعسى يرضخ لبنان والمقاومة للشروط والتعديلات أو الملاحق التي يطلبها الأميركي والإسرائيلي للقرار 1701. ما يعني سلفاً فشل المحاولة الجديدة.

وعلى خطٍ موازٍ ومؤسف من خطوط الحرب على لبنان، ان بعض الأقلام والتصريحات السياسية تروّج منذ فترة لمؤشرات على «احتمال حصول حرب أهلية أو نزاع أهلي نتيجة الانقسامات السياسية والشعبية القائمة»، من دون مراعاة ظروف الحرب القاسية على البلاد والعباد وتأثيرها السلبي على الوحدة الداخلية الثابتة حتى الآن، برغم كل محاولات زعزعتها بخبريات من هنا وتسريبات من هناك، عن أحداث وإشكالات بين النازحين وبين بعض شبان القرى المُضيفة، أكد الرئيس نجيب ميقاتي في حديثه التلفزيوني انها طبيعية وفردية وتعالج في حينه من قبل الجيش وقوى الأمن.

ويترافق ذلك مع ضخ إعلامي فضائي يقدم خدمات مجانية لكيان الاحتلال في حربه على شعب لبنان وليس على المقاومة فيه وحسب، عبر بث أخبار ومعلومات وأحيانا احداثيات ميدانية أسهمت في ارتكاب العدو العديد من المجازر في كثير من المناطق. عدا الشائعات التي تخلق بلبلة كبيرة في المجتمع وتسهم في تحريض اللبنانيين على بعضهم والتي ينساق لها بعض الأشخاص عن دراية أو عن جهل لخطورتها.

وبدت هذه الأجواء مترافقة ايضاً مع «المفاوضات تحت النار» الى أرادها نتنياهو، وهي ليست النار العسكرية فقط، بل النار الإعلامية والنفسية والاستخباراتية التي تضغط أيضاً على لبنان. وهو أمر سبق وحذّر منه مراراً وزير الإعلام زياد مكاري في لبنان، وأمس في الأردن خلال مشاركته في المؤتمر الرئيسي للأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية، حيث دعا «لمكافحة الأخبار الزائفة والمضللة والشائعات والتي تهدّد السلم الأهلي والصحة النفسية المجتمعية في ظل العدوان الإسرائيلي».