يبدو أنها، فعلاً، حكومة العهد الأولى. كما يصح القول إن طريقة الرئيس ميشال عون في إدارة الجلسة الأولى (العملية) لهذه الحكومة بدت مختلفة عن إدارة جلسات الحكومات السابقة. وليس بالأمر اليسير أن يكون جدول الأعمال من 103 بنود، وأن تعرض كلها على المجلس فيقر «معظمها» ثم يرجئ بنوداً أخرى. أي أنه لم يجرِ تجاوز أي بندٍ. وهذه سابقة في جدول أعمال بهذا الحجم.
وإلى ذلك ثمة ملاحظات أخرى ذات مدلول:
1- انكبّ مجلس الوزراء فور افتتاح الجلسة على جدول أعمالها… وهذه أيضاً علامة فارقة. في السابق كانت الجلسات تغرق في المناقشات والجدالات، المفيد منها والعقيم. هذه المرّة كانت الأولوية للعمل وليست للحكي. حتى إذا أنجز البحث في جدول الأعمال انتقل الوزراء الى الكلام.
2- طبعاً استأثرت العلاقة اللبنانية – السورية بالنقاش. وهذا كان متوقعاً سلفاً. ولكنه لم يأتِ على حساب جدول الأعمال.
3- لم يسمح الرئيس عون للمداخلات السياسية أن تصرف الاهتمام عن الناحية العملية. لذلك قرّر رفع الجلسة بعدما اعتبر أن الموضوع أشبع درساً.
4- استخدم رئيس الجمهورية كلاماً مباشراً معتمداً حداً من الحزم في إدارة الجلسة. فعندما طالب وزراء بأن يمضوا في الجدال السياسي قال الرئيس: أنا من يقرر. أنا من يقرر المصلحة العليا للبلاد في ضوء القَسَم. ثم أنهى الجدال بالتأكيد على رفع الجلسة فرفعت بعدما كان الجدال قد تجاوز الحدود من حيث الحدة.
5- بعد الجلسة لم يتلُ وزير الإعلام واحداً من بيانات «المطوّلات»، ولم يُفسح في المجال إلاّ لسؤال واحد. وهو تكلّم باللهجة المحكية. وكان هذا كافياً.
6- اللافت أنّ وزراء من أطياف عديدة كانوا يريدون مواصلة الجدال السياسي، ولم يكونوا من لون واحد: بينهم من ينتمي الى القوات اللبنانية، وسواه الى التقدمي الاشتراكي، وسواهما الى تكتل لبنان القوي…
بإختصار إنه «نفس جديد»… هذا ما سمعت مواطنين يردّدونه بعد اطلاعهم على بعض مجريات الجلسة. وهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على الجدّية، واحترام الوقت، والإصرار على العمل.
نحن لا نقول بعدم حق الوزراء في النقاش. ولكن مجلس الوزراء هو السلطة «التنفيذية» أي أنّه سلطة للعمل والانتاج، وليس منتدياً للنقاشات والجدالات وحتى المزايدات في غير مرّة. خصوصاً إذا كانت من النوع الذي حفلت به الجلسة أمس.
وإذا كان المكتوب يُقرأ من عنوانه، فإن الجلسة الأولى هي عنوان لا بأس به. ذلك أنّ «الحكي» الذي أغرقونا به طويلاً، وخصوصاً في الأشهر الطويلة، التي استغرقتها عملية التأليف، لم يؤدّ إلاّ الى تسعير الخلافات وسائر الارتدادات السلبية.
فعلاً، لقد آن الأوان لأن ننتقل الى العمل الجاد. وكم كان الرئيس سعد الحريري موفقاً عندما أطلق تسمية التشكيلة الوزارية بأنها «حكومة الى العمل».
إنها خطوة جيدة فحذار التخاذل.