IMLebanon

بين نتنياهو والشرع… ماذا يفعل “الحزب”؟

 

سوريا الجديدة لن تتهاون لا مع إيران ولا مع “حزب الله”

 

استفاد “حزب الله” منذ تأسيسه من الخط المفتوح مع مرجعيته في إيران، إن بشكل غير مباشر عن طريق نظام الأسد الحليف الاستراتيجي لـ “الحزب”، أو بشكل مباشر وتحديداً مع سقوط الحاجز العراقي المتمثِّل في صدام حسين، وهذا الخط بوجهَيه كان متنفّسه الوحيد من أجل البقاء على قيد الحياة عسكريّاً، ومن دونه لا يستطيع الحفاظ على وضعيته العسكرية، وكيف بالحريّ إذا كان أصبح محاطاً من بنيامين نتنياهو من جهة، ومن أبو محمد الجولاني من جهة أخرى؟

 

لم تعد المسألة تقتصر على نصّ قرار وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه “حزب الله” وينصّ بوضوح أن لا سلاح سوى سلاح الشرعية، وذلك على أثر حرب أودت بحياة الأمين العام لـ “الحزب” ومعظم كوادره ودمرّت بنيته العسكرية واضطرته للتوقيع على نهايته العسكرية، ظنّاً منه أنه يستطيع التحايل على هذا المعطى، إنما المسألة تجاوزت ذلك كلّه على رغم وضوحه الحاسم، إلى ما هو أكثر استراتيجية وعمقاً ويتعلّق بالمسرح السوري مع قطع طريق إمداده من إيران إلى لبنان.

 

فهناك حالة في سوريا شبيهة بالحالة التي كانت في العراق زمن صدام حسين مع اختلاف البعدَين المدني والديني، والتشابه هو بمعنى العداء السياسي، فأحمد الشرع سوريا هو صدام حسين العراق، والأخير شكّل الحاجز أمام تمدُّد الثورة الإيرانية التي اجتاحت المنطقة بعد إسقاط نظامه، والشرع سيشكل حاجزاً باتجاهَين: أمام الميليشيات الإيرانية في العراق بالدخول إلى سوريا ومنه إلى لبنان ونصرة غزّة، والحاجز أمام “حزب الله” الذي أصبح عالقاً بين نتنياهو إسرائيل والشرع سوريا.

 

ولم يعد بإمكان “حزب الله” ولا مرجعيته الإيرانية تجاهل هذا المعطى الاستراتيجي والذي يُضاف إليه ثلاثة عوامل أساسية:

 

العامل الأول، يتعلّق بحرب نتنياهو التي لن تتوقّف قبل أن يلوي ذراع السيد الخامنئي عسكريّاً ويلزمه على تغيير دوره وإلا إسقاط نظامه، ومدعوماً من إدارة أميركية جديدة لديها القناعة الكاملة بضرورة تغيير إيران لدورها التخريبي في المنطقة، خصوصاً بعد تهديدها الوجودي لدولة إسرائيل في عملية “طوفان الأقصى”.

 

العامل الثاني، يرتبط بدينامية الوضع السوري الجديد والتي ستشكّل عدوى باتجاه العراق وتطورات أخرى ليست في الحسبان، ولكن بالتأكيد الأمور مفتوحة على مفاجآت ولن تنتهي عند هذا الحد.

 

العامل الثالث، يتّصل بالبعد اللبناني في ظل وجود معارضة سيادية جديّة لـ “حزب الله”، رافضةً استمرار دوره العسكري، وتتكئ على الدستور والقرارات الدولية ونصّ قرار وقف إطلاق النار، وتدفع باتجاه تطبيق هذه النصوص فعلاً لا قولاً، ولن تتهاون مع “الحزب” إطلاقاً، خصوصاً أنّ المعطيات المستجدّة تصبّ في خانة مشروعها بناء دولة فعلية.

 

ومعلوم أنّ نتنياهو الذي انتزع مقابل وقف إطلاق النار الحقّ في التدخُّل العسكري في لبنان بموافقة “حزب الله”، لن يسمح لـ “الحزب” بأن يتحرّك عسكريّاً ويعيد بناء قوّته العسكرية، التي أُقفل أساساً أمامها جسر العبور الذي كان يمدها بالخبرات والسلاح والرجال. ومعلوم أيضاً أنّ الجولاني سابقاً والشرع حاليّاً لن يتهاون لا مع إيران ولا مع “حزب الله” الذي ارتكب ما ارتكبه بحقّ الشعب السوري، وبالتالي السؤال الكبير: هل يتجاهل “حزب الله” هذه المعطيات الاستراتيجية الجديدة ويواصل دوره القديم كالمعتاد، أم يعيد النظر مع مرجعيته الإيرانية بهذه السياسة بعدما وصل إلى الطريق المسدود والقاتل؟

 

الفريق الوحيد الذي يستطيع “حزب الله” مدّ الجسور معه لحماية نفسه وشراء بوليصة تأمين لبيئته هو الفريق اللبناني، الذي يريد أن يتقاطع معه على مشروع دولة فعلية، خلافاً لمشروع الممانعة الذي خطف هذه الدولة منذ 34 عاماً، فيما نتنياهو والشرع يريدان رأسه، وبالتالي هل سيحتكم إلى لغّة العقل بعدما وصل إلى الحائط المسدود، أم سيواصل سياسته الانتحارية؟