في أيلول الماضي وفي إطار «ابتكار» ضرائب جديدة تلبي جوع الخزينة إلى دولارات الأرملة، ورد إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اقتراح من وزارة البيئة قضى باستيفاء رسم جمركي يشمل “جميع السلع المستوردة بما فيها النعوش الآتية من الخارج والتي تحتوي جثثاً بشرية” يومها قال وزير البيئة «النشيط» ناصر ياسين إن موضوع فرض الضرائب على الجثث الآتية من الخارج وُضع عن طريق الخطأ في الصياغة وأوضح أن المقصود من هذا الأمر الضريبة على الصندوق الخشبي الذي يحمل الجثة (النعش). أساساً لا يسافر الميت قاعداً مع رجال الأعمال أو محشوراً في صفوف المقاعد الإقتصادية. ينتقل من أفريقيا وأستراليا وأوروبا وكندا إلى مطار رفيق الحريري الدولي بنعش خشبي. يدوخ الميت بالبحر. هنا لا فرق إن وضعت الضريبة على الجثة بحد ذاتها أو على الصندوق. أما إذا كان الرسم يستهدف مستوردي التوابيت حصراً، أصحاب مؤسسات خدمة دفن الموتى والراحة الأبدية فهذا أمر مختلف. الصندوق المرتّب الذي يبيض الوجه «بالميتة» بـ 500 دولار فلا بأس من رسم رمزي على نية المراحيم.
الميت بالميت يُذكر، لن تترك الحكومة مرحوماً يرتاح بقبره. إن لم تنل منه شخصياً ستتلقط بالورثة وهذا ما كانت ستفعله من خلال هذه المادة السامة:
«يتوجب على المصارف عدم تسليم مبالغ مودعة لديها باسم متوفٍّ إلى ورثته، إلّا بعد اقتطاع نسبة 3% من تلك المبالغ عند تقدّم الورثة لقبضها…».
وفي متن المادة عينها الحاملة الرقم 31، حرص وزير المال الدكتور يوسف خليل على أن تكون المبالغ المقتطعة «بنفس عملة الحساب». دولار الورثة بـ15 الفاً ودولار الخزينة عليه صورة جورج واشنطن.
كيف فعلتها يا يوسف؟
كيف طاوعك قلبك؟
ألم يخطر في بالك أن هناك من مات لأنه نام على مائتي ألف دولار واستيقظ على ألفين؟ في الواقع لم يستيقظ. طبّ ولم يقم.
أبعدما شلّح ثلاثي الدولة، المصرف المركزي، المصارف المواطنين ما ادّخروه جايين تشلّحوا الموتى؟
إنها أسئلة بمفعول رجعي دكتور يوسف. عذراً على الإزعاج. وماذا لو لم تتصدّ لجنة المال والموازنة إلى مواد كهذه مفخخة، وألغتها أو نسفتها أو لطّفتها ؟
كان المتوفون سينزلون، جماجم جماجم، ويتوجهون مع عزرائيل للإعتصام امام مدخل السراي. قطوع ومرق. موازنة ومرقت.