دعوة متجددة لتنظيم النزوح السوري
موجات التفجير الإرهابية الجديدة.. واردة جداً؟
لم تكن موجات التفجير الإرهابي في بلدة القاع مفاجئة على المستويين السياسي والعسكري، كون المعلومات التي تجمّعت لدى الأجهزة العسكرية والأمنية والمستقاة من التحقيقات مع الموقوفين الإرهابيين ومن قنوات متعددة تشير الى وجود نيات بتنفيذ عمليات إرهابية في لبنان، والى أن لبنان «قد يكون عرضة لهجوم إرهابي يهزّ كيانه».
كل أهل الدولة كانوا على بيّنة من هذه المعطيات، وعلى هذا الأساس، نفذت عمليات نوعية ومداهمات أمنية محكمة، وكان أهمها وضع اليد على «خلية خربة داود» التي كشفت التحقيقات مع عناصرها الموقوفين عن وجود مخطط إرهابي لـ «داعش» في شمال لبنان، واتخذت كل الإجراءات اللازمة، لان الموقوفين الملقى القبض عليهم لم يكن لديهم معلومات عن الأماكن المنوي استهدافها لأن المخطط كان في طور التحضير.
ومع وقوع موجتي التفجير الإرهابيتين في بلدة القاع، توضّحت الصورة أكثر عن وجود وجهة لتحويل لبنان من ساحة نصرة الى ساحة جهاد، وأن الهدف هو الاستيلاء على أرض تؤمن منفذا الى البحر، لذلك، كان الطلب من أبناء القاع والمحيط بوجوب اعتماد الحيطة والحذر، وهذا ما قلل عدد الشهداء والجرحى، لا سيما في موجة التفجير المسائية، خصوصا أن أغلب الإرهابيين كانوا مطاردين من مخابرات الجيش.
لماذا القاع؟
الجواب البديهي ليس لأنها بلدة مسيحية بل لأنها كما أخواتها من عرسال الى رأس بعلبك الى القاع هي من البلدات الأمامية وخط دفاع أول عن لبنان في مواجهة الإرهاب.
هل الوضع الأمني صعب؟
توضح المراجع المعنية أن الوضع الامني لا يزال صعبا وهو سيزداد صعوبة كلما اشتدت الحملة على الإرهاب في المنطقة، في ظل معطيات عن اعتماد التنظيمات الإرهابية أسلوبا جديدا باستقدام إرهابيين من خارج لبنان، «وهنا مكمن الخطورة كون معظم الخلايا النائمة في الداخل اللبناني قيد الرصد، وثمة «داتا» عنها تساعد في رصدها وتوقيفها ومعرفة هويتها، بدليل أن سبعة من الانتحاريين الثمانية في القاع هم من حاملي الجنسية السورية وغير معروفين مسبقا، وعندما عرضت صورهم على موقوفين إرهابيين كل ما قاله هؤلاء انهم التقوا بهم في مراكز تدريب ولفترات وجيزة ولا يعرفون أسماءهم».
وبقدر صعوبة الوضع الأمني، إلا أن ذلك لا يبرر على الإطلاق الاتجاه الى اعتماد الأمن الذاتي، وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر عسكري ان الامن الذاتي «مرفوض تحت أي اعتبار، والجيش اتخذ كل الإجراءات والتدابير ولديه القدرة على القيام بكل المهام، وما حصل في القاع من ظهور مسلح كان ظرفيا نتيجة الصدمة التي ولّدتها موجات التفجير لدى الأهالي».
طرحت موجات التفجير الإرهابي قضية التعاطي مع النزوح السوري مجددا، ويجزم مصدر وزاري معني «بأن النزوح السوري يحتاج الى إعادة تنظيم واتخاذ قرارات جدية بهذا الشأن، لان الإرهابيين اذا حضروا من الخارج لا يمنع أن تتحول مخيمات النزوح السوري الى حاضنة لهم».
ويضيف أن القرار السياسي الحاسم والحازم بضبط النزوح «يجب ألا يتأخر بعد الآن، فالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية يوقفون يوميا عشرات السوريين ممن لا يحملون أوراقا قانونية، وهؤلاء مرشحون ليكونوا أدوات بيد داعش وأخواتها من التنظيمات الإرهابية، فهناك جهد يبذل لضبط المخيمات ولتوقيف الذين يدخلون خلسة وبلا أوراق قانونية وحجز السيارات والدراجات النارية التي لا أوراق قانونية لها ويحال هؤلاء الى المرجع المختص، ولأنه ممنوع ترحيلهم الى سوريا يطلق سراحهم بعد فترة، والكثير منهم يعاد توقيفه لاحقا للأسباب ذاتها».
يحذر المصدر الوزاري من أن «كثافة النزوح السوري تسمح بتغلغل الإرهاب في صفوفه في ظل حرية الحركة، وطالما ان أحدا من القوى العسكرية والامنية لا يهمل واجباته أو يتراخى، فهناك حاجة لقرار سياسي حاسم، في ظل كم كبير من المعلومات الأمنية عن مخيمات النازحين السوريين، ويجب حسم مسألة أساسية ان عددا لا بأس به من النازحين يذهبون الى سوريا لتفقد أملاكهم وأرزاقهم ويعودون الى مخيمات النزوح في لبنان، فلماذا لا يحسم وضع هؤلاء بعودتهم الى سوريا ما داموا يســتطيعون الذهاب والعودة».
يرى المصدر نفسه أنه صار لزاما على الحكومة اللبنانية التواصل مع الحكومة السورية بموازاة القنوات الأمنية المفتوحة، وبالتالي مغادرة أسلوب المعاندة. وحذر من استسهال الخطر «لان مخيمات النزوح تحولت الى قنابل موقوتة، ومداهمات الجيش للمخيمات وتوقيف مشتبه فيهم مؤشر واضح على الخطر، واحتمالات موجات تفجير إرهابية جديدة واردة».