المصائب لا تأتي فرادى. «تحالف» الوضع الاقتصادي مع متحور «أوميكرون» ليقضيا عملياً على ليلة رأس السنة بالنسبة للعدد الأكبر من المطاعم والمقاهي والملاهي. أعداد المغتربين القادمين لتمضية الأعياد لم تنشّط القطاع كما أشيع، والمقيمون بغالبيتهم سيسهرون في المنازل، فيما إلغاء الحجوزات يزداد بشكل متسارع
لن تتعدّى نسبة إشغال المطاعم في كل لبنان ليلة رأس السنة الـ 35%. هذا ما يؤكّده رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي. أبرز المناطق التي ستشهد مطاعمها وملاهيها إقبالاً هي مار مخايل وبدارو وبنسبة أقل شارع الحمرا، وبعض أماكن التزلج والبلدات كفاريا وبرمانا واللقلوق والبترون. يؤكد الرامي أن القطاع «لم يستفد من قدوم أكثر من 100 ألف مغترب لقضاء عطلة الأعياد، لأن همّ غالبية المغتربين مساعدة أهاليهم وقضاء الوقت معهم. وأساساً هاجر خلال العامين الماضيين أكثر من 400 ألف شخص غالبيتهم من الطبقة الوسطى التي تعتبر المحرك الأساسي للقطاع، ولا يمكن لـ 100 ألف مغترب أو سائح تعويض هذا الفراغ الكبير». ولفت إلى أن أغلب الفنانين اللبنانيين سيحييون ليلة رأس السنة في الخارج، في وقت خفضت المطاعم الأسعار، و«نحن القطاع الوحيد في لبنان المدولر بنسبة 50% فقط».
يقول ريكي حموضه، صاحب مطعم Rikky’z في فاريا، أن «الحجوزات لليلة رأس السنة ضعيفة، وإقبال المغتربين ضعيف». ويزيد من صعوبة الوضع أن «الفنادق في المنطقة لا تقبل بحجز أقل من 4 ليالي، والليلة الواحدة تكلف بين 200 و250 دولاراً. فمن سيدفع أكثر من 1000 دولار منامة ليقضي سهرة في مطعم في مثل هذه الظروف؟». أضف إلى ذلك أن «منع إقامة الحفلات بقدرة استيعابية تفوق الـ 50% من سعة المكان أضر بنا كمؤسسات كثيراً كوننا نتكل على هذا الأسبوع، وهو ما خفض من مداخيلنا بشكل كبير، في مقابل التكاليف الباهظة».
الأزمة الاقتصاديّة وفيروس «كورونا» فعلا فعلهما حتى في بلدة فقرا المعروفة بملتقى الأثرياء والطبقة المخملية، إذ تشهد مطاعمها ركوداً لم تعتده في تاريخها. أحد أشهر المطاعم العربية في البلدة لن يقيم حفلة ليلة رأس السنة «لأننا لم نتلق أي اتصال حجز». وأحد أعرق المطاعم الغربية يقول صاحبه إن «الإقبال لا يزال خجولاً وهو ما لم نعهده سابقاً. في العادة كانت حجوزات رأس السنة تبدأ في شهري أيلول وتشرين الأول. هذا العام لم تردنا اتصالات إلى ما قبل أسبوع فقط. كما تلقينا اتصالات لإلغاء حجوزات بسبب كورونا». ويلفت إلى «أننا نعمل بالكلفة كي لا نغلق. وأي ربح نحققه يهدر بلمح البصر في حال تعطل أي آلة أو الشوفاج»، مشيراً إلى أن «70% من زبائننا التاريخيين من الميسورين غادروا لبنان نهائياً».
الـ 100 ألف مغترب لا يسدون فراغ 400 ألف مهاجر
قبل انتفاضة 17 تشرين بأربعة أسابيع، فتح مسرح Orpheus أبوابه في جبيل ليغلقها بعد أسابيع. الشهر الماضي، فتح المسرح أبوابه مجدداً «لأنني لا أملك أي خيار آخر. استثمرت الملايين، وليس لدي ما أخسره أكثر»، يقول صاحبه حنا لولو، مؤكداً أن «الحجوزات خجولة وبدأت تزيد منذ يومين فقط. هنالك لا شك تخوف من كورونا على رغم كل إجراءات الوقاية التي نتبعها».
يبدو أثر الأزمة وكورونا واضحاً في بلدة دوما السياحية في قضاء البترون، وهي التي اعتادت أن «تفوّل» مطاعمها ليلة رأس السنة. يقول مالكا مطعم «اسكلابيو» التاريخي في البلدة، نبيل ووديع غانم، إن «الحجوزات في العادة كانت تفوق الـ 500 شخص قبل رأس السنة بأيام، وكنا نضطر لإلغاء كثير من الحجوزات. اليوم، وعلى رغم الحد من أعداد الرواد الذين يسمح لنا باستقبالهم بسبب كورونا فإن المساحة المتوافرة لم تمتلئ بعد. الحجوزات بطيئة وهذه المرة الأولى منذ عقود التي نشهد فيها مثل هذه الأوضاع على رغم أننا خفضنا الأسعار إلى 30 دولاراً للشخص».