IMLebanon

سنة جديدة أميركية – إيرانية؟

انقضى العام الفائت، وبقيت ازمات المنطقة الكبرى من دون ان تجد لها حلولا. فلا العراق استقر ولا سوريا قطعت مع سيل الدماء اليومي، ولا اليمن خرج بشرعية وفاقية، ولا لبنان أنهى معضلة الدولتين والجيشين. وفي مشهدية جامعة، لم يتوقف تمدد المشروع الايراني، وفي المقابل لم يتمخض النظام العربي الرسمي عن سياسة جدية في مواجهته،فيما مضى الرئيس الاميركي في خيار محاباة طهران ومحاولة اجتذابها بأي ثمن، على حساب تحالفات الولايات المتحدة التاريخية مع عرب النظام الرسمي. هذا كله في مرحلة اقتصادية حساسة جدا تراجعت فيها اسعار النفط الى مستويات منخفضة تاريخية يتقاطع فيها المعطى السياسي مع المعطى النفطي،ويتداخل فيها صراع مثلث، أطرافه اميركا، دول الخليج بقيادة السعودية، ومحور ايران وروسيا.

حملت سنة ٢٠١٤ تطوراً اقليميا غير مسبوق بتفجر “ظاهرة” ما يسمى “داعش”، مع سيطرة التنظيم على ثلث العراق في أقل من اسبوعين، وتمدده على ربع مساحة سوريا، وصولاً الى مدينة عين العرب – كوباني الواقعة بين مدينة حلب وتركيا. وفيما قام تحالف غربي – عربي معلن ورسمي، قام تحالف موازٍ له اميركي – ايراني، ولا سيما في العراق مع حالة التساكن المستجدة بين مئات الخبراء العسكريين الاميركيين وعشرات آلاف من عناصر الحرس الثوري الايراني بقيادة قاسم سليماني على الارض، ومع تقاسم طائرات سلاح الجو الاميركي اجواء العراق مع طائرات سلاح الجو الايراني، وشنّهما غارات مكثفة على مواقع تنظيم “داعش”. ويؤشر هذا المعطى الذي تفاقم في المرحلة الأخيرة الى تحولات جذرية في السياسية الاميركية في المنطقة على حساب التحالفات التاريخية للولايات المتحدة.

سنة جديدة بأزمات قديمة ولكن الجديد في المنطقة هو ازدياد اصرار الادارة الاميركية التي يقودها خيار الرئيس باراك اوباما على قلب المشهد من خلال التوصل الى اتفاق مع القيادة الايرانية حول برنامج ايران النووي، قبل انقضاء ولاية اوباما الذي لم يعد يعير تحالفات بلاده التاريخية مع النظام العربي الرسمي بقيادة السعودية ومصر، الاهتمام نفسه الذي يعيره لمستقبل العلاقات مع ايران.

ولا تمانع واشنطن في “تلزيم” العراق لايران من أجل استجلابها، كما انها لن تمانع في اعادة تأهيل نظام بشار الاسد اذا ما رأت انه الثمن الأخير الذي يمكن ان تدفعه لايران من أجل التوصل الى توقيع الاتفاق النووي، وفتح صفحة علاقات جديدة معها، يرى اوباما انها ستكون منعطفاً تاريخياً شبيهاً بمنعطف زيارة الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون الى بيجينغ في مطلع سبعينات القرن الماضي. ولذلك قد لا ينقضي عام ٢٠١٥ إلا وقد تغير المشهد بتوقيع الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن طهران، وليس مستبعداً ان نرى طائرة “آر فورس وان” الرئاسية الاميركية تحط في مطار طهران قبل انقضاء ولاية باراك اوباما.