IMLebanon

عطس وضحك و”شلح”…رؤوس السنة

 

العالم يستعد لاستقبال الـ 2020 بعادات وغرائب وعجائب

 

بين لعب “السبعة ونص”، وانتظار إطلالة ميشال حايك لسماع توقعاته السنوية، أو الإصغاء إلى ما اختزنته ليلى عبد اللطيف من رؤى وعبّ كؤوس الخمر وتجربة الحظ بلعبة ميسر، هكذا يحتفل لبنان برأس السنة اليوم وللعالم طقوسه الغريبة التي تتمثّل بارتداء الملابس الداخلية و”العطس” والضحك ولطالما جذبت طرافة مثل هذه الطقوس السياح والزوار للاستمتاع والمشاركة بممارستها. وبما أنّ وضعنا الاقتصادي لا نُحسد عليه، واحتمالات السفر شبه مستحيلة، نجول معكم حول العالم للتعرّف إلى طقوس تبعد الغم عن القلب.

من المستحيل ألاّ يحتفل اللبنانيون بالسنة الجديدة على طريقتهم رغم أنف الميزانيات المتدهورة. ففي لبنان لنا طقوسنا وعاداتنا الخاصة بهذه المناسبة. فلنبدأ أولاً بلعبة الـ “7 ونص” (لعبة ورق)، التي لا تبدأ هذه العشيّة بل منذ بداية هذا الشهر، وتختم هذا المساء. ورغم ارتباط هذه اللعبة بالمراهنة على المال، الّا أنها لم تتأثر بالوضع الاقتصادي، فاستُبدل المال النقدي بحبات “الحمص”… واستمرت اللعبة. ولا مشكلة بذلك، فالمهم اختبار “الحظ” بالنسبة للسنة الجديدة. ومن الأجواء نفسها، يخطط بعض الذين لم يدخلوا “كازينو لبنان” في حياتهم، لزيارته اليوم في تمام الساعة 12 لتجربة حظهم على الرغم من جهل معظمهم الفرق بين البلاك جاك والروليت. كذلك، يقرر من لا يحتسي الكحول طوال العام، أن يشرب اليوم إلى حد الثمالة والـ “زهزهة”. من أجواء الألعاب والميسر، الى شغف متابعة الأبراج والتوقعات، ولا سيما الثنائي ميشال حايك وليلى عبد اللطيف (بدرجة أقل) الذين ينتظرهما اللبنانيون اليوم على أحر من الجمر، بعدما ثبتت صحّة بعض توقعات السنة الماضية. وفي الكثير من القرى اللبنانية، ينتشر تقليد شائع يعرف باسم “البسترينة”، حيث توزّع القطع النقدية على الأطفال صباح رأس السنة. كما تنتشر عادة إطفاء الضوء وإعادة إنارته، ويعود ذلك إلى الديانات القديمة التي كانت تعتبر ضوء الشمس إلهياً يحمل دفء الحياة، أما الظلام فيعني الموت. لذا يضيء الناس بيوتهم متمنّين أن يبتعد عنهم شبح الموت في السنة الجديدة. ومن تقاليد اللبنانيين أيضاً إلقاء الزجاج من النوافذ ليلة رأس السنة، اعتقاداً منهم بأنهم بذلك يكسرون شرور العام الفائت، واستقبال السنة الجديدة بحظ افضل.

 

ملابس داخلية…وردية

 

وإن كنتم تعتقدون أنّ هذه العادات اللبنانية غريبة، ما عليكم سوى الاطلاع على طقوس وعادات بعض دول العالم، بعيداً عن الاحتفالات والألعاب النارية والامور المعتادة في هذه المناسبة. فلنذهب الى أميركا الجنوبية، حيث يعتقد بعض سكانها أنّ الملابس الداخلية الملونة تواجه الحظ السيئ، وتجلب الحظ والثروة والحب في العام الجديد. لذلك، يرتدي الأرجنتينيون عند الساعة 12 ملابس داخلية جديدة وردية اللون، فضلاً عن قيام كل شخص منهم بتقديم رجله اليمنى خطوة للأمام لاستقبال بداية العام الجديد. ولا تعتبر هذه العادة غريبة عن أهل فنزويلا الذين يرتدون أيضاً ملابس داخلية صفراء لجلب الحظ. وليس هذا فقط، بل يربطون أمتعة سفرهم ويجولون بها حول المنزل ليكون عاماً جديداً حافلاً بالسفر. ويؤمن البرازيليون بارتداء اللون الأبيض لتخويف وإبعاد الأرواح الشريرة وإلقاء الزهور البيضاء في المحيط في ليلة رأس السنة الجديدة كعرض لآلهة البحر، وتحقيق الازدهار للعام الجديد.

 

فرط الرمان في اليونان

 

والى أوروبا، بدءاً من فرنسا حيث يعتقد الفرنسيون أنّ الضيف الأول الذي يقصد منزلهم هو رمز للسعادة أو الشقاء طوال العام، فينتظرونه بفارغ الصبر ويستقبلونه بالماء والحلوى إذا كان مرغوباً فيه أو يلقون عليه البيض اذا كان عكس ذلك. أمّا في اليونان، فتكثر التقاليد المرتبطة بهذه المناسبة، منها لعب الورق لكسب المال، واختبار الحظ. ويقوم اليونانيون أيضاً بفرط الرمان على الأرض وذلك لجلب الحظ الوفير والثروة أيضاً. ومن أهم وأقدم العادات عند اليونانيين، القيام بتكسير قطع الزجاج احتفالاً بالعام الجديد. وعادة “التكسير” موجودة أيضاً في الدنمارك، فعادةً ما يقوم الدنماركيون بتخزين الأطباق القديمة طوال العام لكسرها أمام الباب الأمامي للمنزل لجلب الفأل الحسن، فكلما ازدادت كمية الأطباق المحطمة أمام باب المنزل دل ذلك على كثرة أصدقاء قاطني المنزل.

 

الدب والأرنب..

 

ننتقل الى تركيا، حيث يظن بعض القاطنين بمناطق الأناضول، أنّ أول من يجلب الماء، في صباح اليوم الأول من العام الجديد، يصبح غنياً، كما يقوم البعض بوضع القمح المطحون، على أبواب المنازل، قبل رأس السنة بأربعة أو خمسة أيام، آملين أن تكون فأل خير عليهم، بوفرة الطحين لديهم، فضلاً عن قيامهم برمي الرمان من شرفات المنازل في الشارع بعد منتصف الليل احتفالاً برأس السنة الميلادية الجديدة. واذا كنتم ترغبون أن تضمنوا حظاً سعيداً في العام الجديد على الطريقة الاسبانية، فما عليكم سوى تناول 12 حبة من حبات العنب في منتصف الليل، وفي حال لم تتمكنوا من تناولها كلها فيدل ذلك على الحظ السيئ. واذا اردتم الاحتفال في رومانيا، فعليكم اتقان”رقصة الدب” التي يؤديها الرومانيون ليلة رأس السنة، فيرتدي الراقصون ملابس الدببة التي تنتمي إلى غابات الرومان والغجر، لتمثل موت العام القديم ومجيء الدببة الجديدة. أمّا في بولندا، فتتزيّن الفتيات بملابس على شكل الأرنب، ويأكلن الخضراوات ظنّاً منهن أن ذلك يؤمن السلامة والخير الدائم في السنة الجديدة.

 

كما قرعت الطناجر في ثورة “17 تشرين”، كذلك يفعل الاستراليون اليوم، حيث ينظمون عدداً من المسيرات ويقرعون على وعاء معدني باستخدام ملعقة خشبية لاحداث ضجيج صاخب ومثير في منتصف الليل الفاصل بين سنتين. وتبدو عادة البريطانيين مملة، فهم يحتفلون من خلال مشاهدة البرنامج السنوي ” Jools Holland’s Hootenanny ” الذي تقدمه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، على الرغم من أنه من البرامج المكروهة لدى الجميع هناك. أمّا عبارة “اقفز يا ولد” فتقال لكل طفل في الفليبين عند حلول آخر ساعة من العام، ويطلب من الطفل القفز 10 مرات حتى يكتسب المزيد من الطول.

 

أجواء نارية… مائية

 

في الاكوداور، يصنع الرجال دمية على شكل رجل ويحرقونها، لتشير وتبشر بحرق ما مضى والترحيب بعام جديد. كذلك يحرص جميع سكان هولندا على رمي أشجار الميلاد، في النيران، كطقوس لطرد أرواح السنة الكئيبة الماضية، واستقبال أرواح السنة الجديدة. ويستخدم الناس في اسكتلندا كرات نارية كبيرة لدرء الأرواح الشريرة، ويعود التقليد إلى أكثر من 100 عام، حيث يعتقد الكثيرون أنه يستند إلى طقوس تعود الى فترة ما قبل المسيح والتي تهدف إلى تنقية الأرواح الشريرة وإبعادها. ومن الماء الى النار، فاستعدوا لحرب المياه إذا قررتم قضاء ليلة رأس السنة في تايلاند، حيث يقوم السكان بحمل قوارير المياه وإلقائها على بعضهم البعض، من أجل الحظ.

 

العطس والضحك

 

في الصين، يعتبر طلاء الباب باللون الأحمر علامة على حسن الحظ للسنة المقبلة، باعتبار أن اللون الأحمر هو الأكثر شعبية ورمز السعادة. ويقوم العديد من الأشخاص قبل بدء احتفالات رأس السنة بتنظيف كل زاوية في منازلهم، اعتقاداً منهم، أنهم يطردون الحظ السيئ، فضلاً عن وضع أنواع مختلفة من الزهور، والنباتات الصينية، لجلب الحظ السعيد، والبركة، إضافةً لتوزيع النقود على الأطفال. وفي اليابان تُقرع الأجراس 108 مرات، في احتفالات رأس السنة الجديدة، وفي اعتقادهم أن هذا العدد يخلصهم من شرور العام الماضي ويمنحهم الحظ الجيد. ومن التقاليد اليابانية أيضاً تزيين المنازل بأكاليل الزهور في ليلة رأس السنة، لطرد الأرواح الشريرة. ومع حلول السنة الجديدة يستمر اليابانيون في الضحك لإيمانهم بأنه يجلب الحظ الجيد أيضاً. ومن الضحك الى العطس، حيث يشترط البلغاريون أن يعطس كل ضيف عدة مرات، للحصول على هدية قيمة من المضيف قد تكون خروفاً أو عجلاً أو مهراً صغيراً، ويعود سبب ذلك إلى اعتقاد البلغار أنّه إذا عطس أول ضيف أمام جميع أفراد العائلة المضيفة، فسيجلب ذلك السعادة والسلامة طوال السنة الجديدة. عن أي سلامة يتحدثون في حال كان ضيفهم الأول مصاب بالانفلونزا؟! على أي حال، ومهما كانت طريقتكم بالاحتفال، نتمنى لكم عاماً سعيداً مليئاً بالصحة والنجاح…. والمال.

 

تقول الحكاية، إنه من أرض العراق انطلقت حكاية عيد رأس السنة، كان ذلك منذ 2000 سنة ما قبل الميلاد حين أطلقت مدينة بابل أول مهرجان عرفه التاريخ احتفالاً برأس السنة، في حقبة لم تكن السنة الشمسية قد عرفت بعد، وكانت الدورة الزمنية المعروفة آنذاك تتمثل في الزمن المحصور بين موسمي زرع البذور وجني المحاصيل، ليحتفل البابليون بعيد رأس السنة في الإعتدال الربيعي، أي أواخر شهر آذار. بعدها الفراعنة، حيث شهد معهم عيد رأس السنة لأول مرة «كرنفال الزهور»، الذي ابتدعته كليوباترا ليكون أحد مظاهر العيد خصوصاً أنه تزامن مع الإحتفال بعيد تربعها على العرش. أمّا الرومان فاختاروا «يوم بداية الربيع» أي الخامس والعشرين من آذار للاحتفال بعيد رأس السنة الجديدة، إلا أنّ الأباطرة ورجال الدولة كانوا يحاولون باستمرار التلاعب بطول الأشهر والسنين لكي يطيلوا فترة حكمهم. واستمر الأباطرة بإقامة احتفالات رأس السنة الجديدة حتى بعد اعتناقهم الديانة المسيحية، حيث حضّت الكنيسة الكاثوليكية الناشئة على القضاء على كل المناسبات الوثنية، وأدانت تلك الطقوس وحرمت المسيحيين من المشاركة فيها. ومع انتشارها في العالم أخذت الكنيسة تؤسس تدريجياً لمناسباتها الخاصة بها، معتمدة أسلوب حجب أعياد الوثنيين باعتماد مواعيدها مواعيد جديدة لأعياد مسيحية بدأت تشق طريقها واسعاً بين المؤمنين في كل أنحاء العالم بروحيتها ومفاهيمها، وهكذا، وفي العام 1582 قررت الكنيسة الكاثوليكية في روما اعتماد الأول من كانون الثاني يوم رأس السنة الجديدة، وانطلق ولا زال ويبقى، مترافقاً مع إطلالة كل سنة جديدة بطقوس احتفالية عجيبة وغريبة تختلف باختلاف الحضارات والشعوب. ولا تحدث احتفالات مدن العالم في ليلة رأس السنة في وقت واحد وإنما تنطلق بحسب مواقيت كل دولة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب مروراً بأوروبا والشرق الأوسط، وفيما جزر ككريباتي وساموا تكون أول المحتفلين فإن جزر هاواي هي آخر المناطق احتفالاً بهذه المناسبة. كذلك، يحتفل بعض الشعوب برأس السنة بتوقيتهم الخاص:

 

– تحتفل الإيزيدية برأس السنة في أول أربعاء من نيسان، وهو بحسب عقيدتهم بداية التكوين، عيد ملاك التجدد «طاووس ملك»، حيث تتجدد الأرض.

 

– كانت بغداد تحيي عيد الربيع، رأس السنة الزرادشتية، أو ما عُرف بالنوروز، وموسمه مارس لجبي الخراج. وجعل النوروز 21 آذار رأس سنتهم، وأسموه بشهر البهاء.

 

– تبدأ السنة الإثيوبية يوم 29 من آب للسنة البسيطة، أو 30 من نفس الشهر للكبيسة، وهو ما يوافق 11 و12 من أيلول وفق التقويم الميلادي.

 

– يحتفل شعب التاميل بالسنة الجديدة في اليوم الأول من شهر «شيتيراي» من التقويم التاميلي، والذي يمثل بداية العام الجديد. ويوافق 14 نيسان على التقويم الغريغوري. ويحتفل الهندوس حول العالم بالسنة الجديدة في نفس التاريخ.