Site icon IMLebanon

مؤتمر نيويورك: للبنان الكلام المنمّق

لا حلول دولية لقضية النازحين

مؤتمر نيويورك: للبنان الكلام المنمّق

يعلّق المسؤولون اللبنانيون آمالهم على مؤتمر النازحين المرتقب عقده في نيويورك الأسبوع المقبل (19 ايلول). آمال تخفف من وطأة خسارة لبنان للأموال التي كانت مرصودة من قبل الدول المانحة للمساعدة، والتي عادت إلى خزائن أصحابها مع اقتراب السنة المالية للدول المانحة من نهايتها. كذلك تقلل من أهمية تأثيرات الوعد الذي كان لبنان قد حصل عليه في شباط الماضي خلال مؤتمر المانحين في لندن.

لكن حسابات الحقل قد لا تطابق حسابات البيدر بالنسبة للمسؤولين اللبنانيين. إذ كشفت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ«السفير» أنه «لن يتم التطرق لموضوع المساعدات المالية خلال مؤتمر نيويورك لأنه ينعقد بطلب ورعاية من الأمم المتحدة لإطلاق مسار تفاوضي لمدة سنتين»، مستدركا أنه في العام 2018 «يجب أن يتفق المشاركون في المؤتمر على نصّين مختلفين: الأول حول النازحين، والثاني حول اللاجئين (Refugi et migrants). وبما أن لبنان من أكثر البلدان المعنية بهذين الملفين، لا بد أن يكون حاضراً وفعّالاً، وحاملاً معه تصوراً واضحاً وموحداً».

في ورشتي العمل التي نظمتهما «الرابطة المارونية» حول النازحين، بدا وكأن الحكومة اللبنانية منقسمة على نفسها تجاه القضية. ظهر ذلك من خلال التباين بين وزيري الخارجية جبران باسيل، والشؤون الاجتماعية رشيد درباس، على مسامع ممثلة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ. إذ اعتبر باسيل «أن الحكومة ليس لديها قرار واضح في ما يخص النازحين السوريين. وهذا ما يعرقل تنظيم وجودهم»، مشدداً على «أن البداية تكمن في ارساء خطة لعودة البعض منهم الى بلدهم».

أما درباس فقد تحدث عن خطة الحكومة لمنع تدفق اللاجئين والتي تنص على عدم منح تأشيرات جديدة. فكانت وجهة نظر باسيل أن الخطة لم تجد نفعاً «لأنها تمنع تسجيل النازحين لا دخولهم إلى لبنان، وبالتالي لا بد من إجراء مسح شامل للوجود السوري في لبنان ثم التمييز بين النازحين وبين الذين يقيمون ويعملون في لبنان».

وإذ يشير مصدر ديبلوماسي إلى «أن هذه الخطة هي صلب الموضوع». يقول: «طالما أن المجتمع الدولي لا يشجع على عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فلا ينتظرن أحد أن تأخذ الحكومة اللبنانية المبادرة للتحدث بهذا الموضوع مع الحكومة السورية. وقد شكلت هذه النقطة أساس الخلاف الكبير بين أعضاء الحكومة. فباسيل دعا بوضوح إلى التكلم مباشرة مع الحكومة السورية حول عودة النازحين، في الوقت الذي لم يحبذ فيه فريق 14 آذار الحكومي هذه الفكرة»، مشيراً إلى «أن المجتمع الدولي يكتفي بالتغني والإشادة برحابة صدر اللبنانيين وحسن ضيافتهم، من دون أن يبدي أي استعداد لمساعدة النازحين الموجودين فيه للعودة إلى بلدهم».

ويضيف المصدر، الذي واكب الاجتماعات الدولية حول موضوع النازحين: «لا يبدو أن المجتمع الدولي قرر إيجاد حل دائم للنزاع في سوريا، لذلك لا يبدو أنه متحمس لإعادة النازحين إلى بلدهم، خصوصاً عند الحديث عن المناطق الآمنة في الداخل السوري، لأن هذا يرتب عليه بحسب مفاهيم القانون الدولي، مسؤوليات كبيرة ليس أقلها إيجاد قوة ذات مصداقية معترف بها دولياً لحماية المناطق المذكورة. كذلك فإن التسويات والتفاهمات التي حصلت بين النظام السوري ومعارضيه في بعض المناطق، لا تبدو مقنعة للمجتمع الدولي الذي يخشى التشجيع على العودة إلى تلك المدن والقرى، خوفا من حادث أمني طارئ قد يؤدي إلى كارثة إنسانية يجري تحميله مسؤوليتها». ويتابع المصدر نفسه أن «إنشاء مناطق آمنة داخل سوريا يقتضي أحد أمرين: إما الاعتراف بشرعية الجيش السوري ومساعدته في إرساء الأمن، وإما وضع هذه المناطق تحت حماية دولية متفق عليها. والاحتمالان لن يحصلا، إذ يرفض المجتمع الدولي الأول، ويرفض النظام السوري وحلفائه الثاني».

في المحصلة، وبحسب المصدر، «لا يبدو أن ملف النازحين السوريين في لبنان في طريقه إلى الحل على اعتبار أن الظروف الدولية والإقليمية والأوضاع الداخلية لا تسمح بذلك. كذلك فإن المجتمع الدولي لا يريد حلا مستداما في القريب العاجل، وفيما يرفض استقبال المزيد منهم يحبذ بقاءهم في الدول المجاورة، وتحديدا في لبنان حيث الدولة ضعيفة ولا تستطيع فرض قيود فعلية أو اتخاذ إجراءات لرفض دخول النازحين».

ويشدد على أن «كل ما يستطيع المجتمع الدولي فعله هو اعطاء لبنان بعض المال للمساعدات الانسانية والمشاريع الانمائية، لكن الخلافات الداخلية والفساد المتعاظم يشكلان عذراً لكي لا يفي المجتمع الدولي بوعوده».

وعليه فإن أقصى ما يمكن للبنان أن يحصل عليه من نيويورك هو الكلام الجميل المنمّق حول رحابة صدره وحسن ضيافته، والتشديد على أن لا أحد يريد تجنيس النازحين، لكن الأخطر هو أن المجتمع الدولي لا يعارض بقاء النازحين السوريين في لبنان إلى أجل غير مسمّى».