في تقديرنا أنه لن يمر طويل وقت قبل أن تتجه الصحف اللبنانية الى الصدور فقط خمسة أيام في الأسبوع. فالمبادرة التي أقدمت عليها «النهار» وأعلنت عنها، أمس، في صفحتها الأولى تكاد أن تكون طبيعية في ضوء الأوضاع العامة ووضع الصحافة بالذات. ونقدّر أن هكذا قراراً اتخذته إدارة الجريدة في عامها الحادي والتسعين جاء بعد دراسة معمقة في وقت يعاني الإعلام اللبناني أزماتٍ خانقةً، وهو في صراع يومي مع البقاء، لا سيما أمام تراجع سوق الإعلانات التي انحسرت الى حد كبير. إضافة الى تدني مبيع صحيفة الورق بنسبة فائقة التقدير لعلها توازي نسبة انهيار العملة الوطنية في لبنان، في وقت تأتي مساعدة الدولة، إذا أتت، غير ذات فعالية.
ومن الضروري الإشارة الى أن أسواق العالم العربي باتت على اكتفاء ذاتي، بالصحف الورقية والالكترونية على أنواعها. فقد ولّى زمن «اجتياح»
( بالمعنى الإيجابي) صحفِنا القراءَ العرب. وأذكر أيام ترؤسي تحرير مجلة «الأسبوع العربي» أن مبيعها كان في حدود المئة والخمسين ألفاً من النسخة الواحدة بينها أربعون ألفاً في العراق واثنا عشر ألفاً في السعودية وثمانية آلاف في الكويت وأحد عشر ألفاً في ليبيا وأربعة آلاف في سوريا وثلاثة آلاف في اليمن الخ… إضافة الى القراء العرب في لندن وباريس وبروكسل. كما يحضرني أن اليمن منعت المجلة لثلاثة أسابيع متتالية ولمّا لم أجد سبباً لهذا الإجراء اتصلتُ بوزير الإعلام اليمني معاتباً ومستفسراً، وكان جوابه وساماً للصحافة اللبنانية كلها وليس لِـ«الاسبوع العربي» وحدها، اذ قال لي ما حرفيته: ولو يا أستاذ، وهل يفوتك انه عندما لا يرد أي شيء عن اليمن في مجلتكم فهذا يعني أن اليمن غير موجود على الخريطة!
وثمة ملاحظة ذات صلة بقرار «النهار»: في العالم، بما فيه البلدان العربية، ليس ثمة عطلة للصحافة لا في نهاية الأسبوع ولا في الأعياد والمناسبات، فقط هناك عطلة للصحافيين، بمعنى أن هناك فريقاً لإصدار الصحف في أيام التعطيل مستقلاً كلياً عن الفريق العامل في الأيام العادية.
ومع أطيب الأماني للرصيفة «النهار» بالتوفيق، وهي الرائدة دائماً.