بينما يتحدث المجتمع الدولي مشبّهًا وضع “لبنان الحالي” الذي يغرق بسبب اصطدامه بجبل من الفساد و”متلازمة غطرسة القوة”،قائلًا أن لبنان يغرق بدون موسيقى، وإنما على أصوات أنين اللبنانيين البؤساء الذين لم يعد لديهم لا حول ولا قوة..!! و الذين ينادون بـ”حشرجة الموت” أنقذونا نحن: “نغرق، نغرق، نغرق”، ولا من مجيب من “حكامه الإلغائيين” الذين يعيشون في “كوكب نيبتون” -أبعد كوكب عن “كوكب الأرض”- الذي فيه “لبنان الحالي”..!!
والسبب الثاني أن “لبنان الحالي” الذي اغتاله “حُكّامه الإلغائيين النرجسيين” لم يعد يملك قوارب النجاة السياسية، والاقتصادية – المالية، والاجتماعية. والتي اصلًا كانت قد تدنّت كثيرًا ما بعد ايار ٢٠١٨، وتابعت تدنيها ما بعد ٢٠٢٠/١/٢١، إلى أن وصلت الى حالة الغرق منذ مارس/ آذار ٢٠٢٠..!!
والسبب الثالث أن هؤلاء الحُكّام يصوّرون أن تطبيق “دستور ١٩٩٠” واحترامه، وخصوصًا احترام “المسلّّمات العشر” التي زيّنت مقدمته، وتحديدًا المسلّمات “ألف، وباء، ودال، وطاء، وياء” هو تحجيم لهم ولمن يدعمهم، وبحسبهم هم فقط الذين يحق لهم إعادة كتابة “تاريخ لبنان” لأنهم هم “المنتصرون”..!
أي انهم يريدون إلغاء صيغة “لا غالب ولا مغلوب” المستمدة من الميثاق الوطني ١٩٤٣، والتي طُوّرت بـ”المسلّمات العشر” في “دستور ١٩٩٠”، وأن يجعلوا الصيغة التي تحكم “لبنان الحالي” هي “الغالب والمغلوب”..!! أو سياسة “الأمر الواقع” المفرض بالقوة” -أي “الديكتات”-..!!
وفي هذا السياق، أشير إلى انه في الأمس القريب، وحينما كانت “الحرب القذرة” في أوجها، قدّمت صحيفة الـ”نيويورك تايمز” الأميركية في أوائل تموز/ يوليو ١٩٧٨ نصيحة إلى المتشدّدين في لبنان، تنطبق على “النسخة الجديدة” منهم الآن، بقولها: “إنّ المتشدّدين، قد يجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ قرارات سريعة حاسمة، وأكثر ألمًا لهم، حينما يرون ان أسلوبهم المتشدّد قد أوصلهم إلى طريق مسدود”.
وأضافت تقول: “وقد يكون خلاص لبنان في تحوّل ميزان القوى باتجاه المعتدلين، لأنّ على اللبنانيين أن يوفروا لأنفسهم الإستقرار، لأنه ليس هناك أي فريق في لبنان سيستفيد من الاضطراب الحالي”. وهذا ما تم فعلًا مع “اتفاق الطائف” في ١٩٨٩/٩/٣٠.
هذا الاتفاق الذي رفضه من كان في الحكم غير الشرعي آنذاك قائلًا : “فليذهب إلى الجحيم كل من وافق عليه”.. أي أن تعبير “الجحيم” ليس جديدًا عليهم..
إنّ ما يحدث الآن في “لبنان الحالي” من أحداث جهنمية ذكرني ببعض ما جاء في “أهزوجة” فيلسوف بيروت “عمر الزعني” التي نظمها في عام ١٩٣٨ تحت عنوان “يا ضيعانك يا بيروت”، والتي اخترت منها ما ينطبق على أوضاع “لبنان الحالي” و”اللبنانيون البؤساء” وهو يصوّرهم في وضعهم الحالي -الغرق والذوبان والإختفاء- كـ”عروسين بخشخاشة، مصمودين بالتابوت، والخواطر مكسورة، والنفوس مقهورة، لأنّ الجهّال حاكمين، والأرذال عايمين، والأنذال عايشين والأوادم عما تموت”…
يحيى أحمد الكعكي