قوات بشير الجميل وزمن الميليشيا، قوات البزة الزيتية وشعارات «الصدم»، قوات التحدي و«الصمود في السجن». بهذه الموروثات، اضافة الى «محاربة» السلاح غير الشرعي اليوم، تحاول القوات اللبنانية استقطاب الجيل الجديد
لا يُخفي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تأثره في صغره بصورة الامام المُغيب موسى الصدر. الصورة المُعلقة على حائط الدكان الذي كان يقصده «السيّد» ساعدت، في مكانٍ ما، في تشكيل جزء من هويته كـ «قائد». هي الصورة التي تُساهم في رفع السياسي أو لاعب كرة القدم أو الفنان الى مرتبة أسمى لدى جمهوره. بشير الجميّل كان أحد هؤلاء.
صورته عُلّقت على مدخل المنزل في القرية الكسروانية الصغيرة، وداخل غرفة الفتى في منزله العكاريّ، وخلف مكتب الراهبة المسؤولة عن إحدى المدارس حتى اعتقد التلامذة أنه أحد القديسين. نجحت الصورة في استقطاب المؤيدين وتحويلهم إلى حساب الوريث «الشرعي» لـ «البشير». لكن قوات سمير جعجع لم تكتف بذلك: سوّقت لـ «الثائر» على الاقطاع في منطقته ثم «القائد» الذي سُجن «زوراً» وأخيراً احترامه «الوجدان المسيحي» في تحديده بوصلة القوات. من هنا يبدأ فهم سبب انخراط «الجيل الطالع» في صفوف «القوات» أو على الأقل تأييد الحزب من دون الالتزام فيه.
تذكر القوات
شبابها في كل مناسبة أنهم «أبناء المقاومة اللبنانية التاريخية»
تعتمد الاحزاب أساساً على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً. يُعتبر الفرد في هذه المرحلة «متهورا» نوعا ما وتسهل «قولبته» في الاطار الذي تبغاه قيادة الحزب. وهي تعتقد أن التنشئة والتربية التي يتلقاها الشخص في هذه المرحلة سيلتزم بها لسنين عديدة. القوات اللبنانية جزء من هذه الاحزاب التي تولي اهتماماً كبيراً للشباب. تزرع في عقولهم فكرة «حماية الوجود» وحمل لواء «القضية» التي لم تنته مفاعيلها بعد. تشدّ عصبهم المسيحي وتذكرهم في كل مناسبة أنهم «أبناء المقاومة اللبنانية التاريخية». حين ترتفع نبرة جعجع وهو يقول: «نحن للمقاومة جاهزون» أو «نحن عند الخطر حراس وقوات… حين يتقاعس الجيش نعلم كيف نحمي أنفسنا» تزيد حماستهم وكأنهم ينتظرون اعادة تشكيل «الجناح العسكري». هذه النقطة تؤكدها وجهة نظر أحد القواتيين الذي يقول «لم أعد أتحمس كثيرا مثل الماضي، ولكن عند الشدة نحن قوات».
حين يُطرح السؤال: لماذا أنتم قوات لبنانية؟ يُسرع العدد الأكبر من الشباب الى الايضاح: «لست منتسبا ولكنني أجد نفسي أقرب الى هذا الخط منه الى التيار الوطني الحر». بالنسبة لهم جعجع «أزبط من (العماد ميشال) عون. فهو يتحدث بأمور تهمنا كشباب. وفي الملف المسيحي رؤيته هي الاصح». صحيح أنه «قد نختلف واياه على مقاربات سياسية، ولكن يجمعنا الكيان اللبناني والقضية وهذا هو المهم». العمل الحزبي في لبنان «تشوبه علات عديدة»، ولكن هؤلاء الشباب يؤمنون أنهم كأفراد «لا يمكن أن نحقق ذاتنا الا داخل الجماعة. على الصعيد الشخصي لا تؤمن لنا القوات الخدمات وهو أمر معروف ولكنها تعمل على الوطن، في النهاية نحن نريد الدولة». ومن الواضح أن السياسة هي المحرك، لا الخدمات أو الهموم الحياتية أو القضايا المطلبية. فالحزبيون يقولون صراحة إن «القوات» لن تؤمن لهم الخدمات الشخصية «وهو ما نتلقاه في المحاضرات وهي ثابتة أساسية. التوظيفات وفكرة تقديم بدل انتساب بعيدة عن مبادئنا». رغم أن «أغلبية الاحزاب اللبنانية مبنية على أساس الخدمات. الفرق بيننا وبينهم أننا ننتخب أشخاصا يُساهمون في ربط الجماعة بالنظام». والواضح أن ما يلهب قلوب الشباب هو أن: «القوات ثورة، على السيئ ومفهوم اللادولة».