Site icon IMLebanon

شماس لـ»الجمهورية»: لا عودة للودائع ما لم تتحمّل الدولة مسؤوليتها المالية

 

كغيره من القطاعات، يشهد القطاع التجاري موجة إقفالات واسعة وتراجعاً في حجم الاعمال، يقدّرها الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، بما بين 80 الى 85%، عدا عن الانهيارات الكبيرة التي اعادت لبنان 11 عاماً الى الوراء، بكلفة تتراوح نسبتها ما بين 20 الى 50% سنوياً. فهل يكفي اوكسيجين السياح والمغتربين لإعادة إنعاش القطاع، وسط غياب كلّي لأي مبادرة واحدة على الأقل منذ عام الى اليوم؟

يقول الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، انّ التجار عوّلوا كثيراً على حركة عيد الأضحى لانتعاش الاسواق، لا سيما بعد مجموعة الصعوبات التي مرّوا فيها، والتي يمكن وصفها بالفترة الجهنمية، من انفجار المرفأ الى إقفالات كورونا الى الانهيارات المتتالية في سعر الصرف وضعف القدرة الشرائية والتضخم المستفحل… كل هذه التحدّيات جعلت القطاع التجاري يصل الى حافة الموت السريري، ولعلّ موجة اقفالات المتاجر اكبر معبّر عن الواقع. إذ بالنظر الى المؤسسات او المحال التجارية الموجودة في السوق اللبنانية منذ 10 سنوات، يمكن القول انّه من اصل مؤسستين تجاريتين، واحدة منهما فقط لا تزال تواصل نشاطها. أما بالنظر الى النشاط التجاري وفق المناطق فتتحول الصورة لتصبح أكثر قتامة وسواداً، من ضمنها مناطق تجارية تقع في جبل لبنان وساحل المتن وحتى قضاء بعبدا، حيث ترتفع النسبة الى 1 من اصل 4 مؤسسات تجارية لا تزال تعمل. أما المناطق التجارية الواقعة في محيط المرفأ فتتراوح نسبة تلك التي لا تزال تعمل ما بين 1 من اصل 5 الى 1 من اصل 6، اما في منطقة الوسط التجاري فمحل تجاري واحد من اصل 7 محلات لا تزال أبوابه مفتوحة. ووصف شماس نسبة الإقفالات هذه بالمخيفة، لافتاً الى انّ من لا يزال يعمل فقد تراجع حجم اعماله ما بين 80 الى 85%.

 

وشدّد شماس على ضرورة الفصل في القطاعات التجارية بين تلك التي يدخل عملها من ضمن السلة الغذائية، لأنّ هذه الأخيرة تتميز بديناميكية مختلفة كونها اعتمدت بفترة من الفترات على الدعم المقدّم من المصرف المركزي. لكن بالنظر الى حجم مبيعات القطاع التجاري ككل، فيمكن القول انّه يعاني من انهيارات كبيرة تتراوح نسبتها ما بين 20 الى 50% على صعيد سنوي، عازياً ذلك الى ضعف القدرة الشرائية.

 

أما في ما خصّ الكماليات والسلع المعمّرة (سيارات، أدوات منزلية، فرش بيوت، أساس للمكاتب مواد البناء والالبسة…) فقد وصلت نسبة التراجع الى ما بين 70 الى 90 %، لافتاً الى انّ هذا النوع من السلع ينتظر مجيء السياح لتنتعش، مشيراً الى انّ للبناني غير المقيم دوراً فاعلاً أيضاً يضاهي السياح. لذا التعويل عليه لخلق حركة في القطاعات كبير جداً.

 

وقال: «نحن نتوقع ان يدخل الى لبنان خلال شهر تموز وآب ومنتصف أيلول حوالى ملياري ونصف المليار دولار الى لبنان كأموال طازجة من الخارج، ومن ضمنها عيد الأضحى، لكن في الوقت عينه حذّرنا من أمور منفّرة للسائح. لذا طلبنا ان لا يكون هناك خلل في أي من هذه المواضيع الأربعة: الكهرباء، المازوت، البنزين، والنفايات، لأنّ الخلل في أي من هذه الأمور قادر ان يطيّر موسم الصيف، بالإضافة الى الخلافات السياسية والمسار الدراماتيكي الذي يسير فيه ملف التحقيقات في انفجار المرفأ، لذا فإنّ صواعق التفجير اكبر من ان تُحصى، لعلّ أبرزها فقدان مادة المازوت. فعندما يتأثر الفندق بانقطاع هذه المادة والمصنع والمطعم والتجار والمراكز التجارية، فذلك كفيل بضرب الموسم السياحي».

 

ورداً على سؤال، اكّد شماس انّ من الملاحظ أخيراً ارتفاع حركة الرواد الى المراكز التجارية والمحلات التجارية، لكن هناك تحفظاً على الشراء، وقد بدا ذلك ملحوظاً من خلال مداخيل التجار التي تراجعت الى النصف.

 

واعتبر انّ لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات واقتصاداً، دخل في ثقب اسود من غير المعلوم بعد كيف سنخرج منه، لا سيما اننا منذ 11 شهراً من دون حكومة، ومدة الفراغ هذه كلّفتنا تراجعاً يوازي 11 عاماً الى الوراء، لأنّ ارقام الخسائر التي تكبّدها الاقتصاد اللبناني أكبر من ان يتقبّلها أي عقل، فهي تقدّر بمئات مليارات الدولارات، بعد تراجع قيمة ممتلكات اللبنانيين ما بين 60 و 90 في المئة في الفترة الممتدة من 2019 الى اليوم. فقد تراجعت قيمة العقارات بحدود 60% كرقم وسطي، كذلك تراجعت قيمة المؤسسات أكثر من 80%، بعدما تراجع حجم اعمالها بحدود 80%، وتراجع حجم الأموال في المصارف اكثر من 90%، وانخفاض قيمة اليوروبوندز 90%، كذلك تراجعت رساميل المصارف التي يملكها المساهمون 100%، أما خسارة كل من اقفل مؤسسته كلياً فتبلغ 100%، ناهيك عن تعويضات نهاية الخدمة للبنانيين المعنونة بالليرة اللبنانية في الضمان الاجتماعي التي خسرت ما بين 85 و 90% من قيمتها. لذا يمكن تقدير التراجع والخسائر بما بين 60 الى 100%. والمحزن انّه إزاء كل هذه التراجعات وكل الخسائر، لم نلحظ أي تحرّك حكومي او أي مبادرة واحدة على الأقل اتُخذت منذ عام الى اليوم.

 

تابع شماس: «المؤسف انّه في غمرة هذه الانزلاقات والخسائر، تُلقى اتهامات بغاية الخطورة على لبنان من دون ان يحرّك احد ساكناً، منها ما سبق وصرّح به الرئيس السوري بشار الأسد، ان ودائع السوريين المحتجزة في لبنان هي وراء الأزمة الاقتصادية في سوريا، بينما العكس هو الصحيح. اذ لولا الحرب في سوريا وتسونامي النزوح لما انهار الاقتصاد اللبناني ومن ضمنه المصارف اللبنانية. كذلك تصريحه الأخير عن انّ موجودات الودائع السورية في لبنان، والتي تتراوح ما بين 40 و 60 مليار دولار، بينما في الحقيقة هي لا تتخطّى الـ 6 الى 7 مليارات دولار. والنقطة الرئيسية هي انّ الازمة أتت من سوريا الى لبنان وليس العكس كما يتهموننا دائماً».

 

«لإعطاء النقدي وإقرار البطاقة التمويلية»

من جهة أخرى، وفي ظلّ تراجع الحركة الاستهلاكية الى حدودها الدنيا، ذكّر شماس انّ جمعية تجار بيروت كانت اول من دعا منذ حوالى العام الى رفع الدعم وإقرار البطاقة التمويلية، خصوصاً بعدما تبين انّ الدعم يُهدر في التهريب وينزف ودائع اللبنانيين. اما اليوم وبعدما أُشبع موضوع البطاقة التمويلية درساً، نتساءل لماذا لم تُقرّ بعد؟ واكّد انّ جزءاً من التمويل متوفر من خلال القروض المقدّمة من البنك الدولي للعائلات الأقل فقراً، ومن خلال تخصيص أموال لها كانت ستذهب باتجاه اهداف أخرى.

 

كما ذكر انّه سبق للجمعية ان طالبت بتخصيص 1000 دولار لكل عائلة لبنانية مقيمة من دون استثناء، «ونحن نقترح راهناً توزيع الأموال التي سترد الى لبنان من صندوق النقد الدولي في شهر أيلول المقبل والمقدّرة بنحو 860 مليون دولار على الأسر اللبنانية نقداً وبالدولار، لأننا بهذه الخطوة نسدّ حاجة اجتماعية هادفة». ورأى انّ «التخاذل الهائل الذي لمسناه من السلطة ما عاد مسموحاً، والتنصّل من تحمّل المسؤوليات الأساسية غير مقبول. فالمطلوب اليوم جرأة سياسية لإقرار موازنة 2021، إقرار البطاقة التمويلية، اجراء التعيينات، ترسيم الحدود البحرية، والأهم إعتراف رسمي بمسؤولية الدولة في الانهيار الحاصل، فهي وعلى مدى 30 عاماً أخطأت في سياساتها وبسوء الإدارة وبخياراتها، منها على سبيل المثال، هل كان من الضروري دعم الليرة اللبنانية طوال 30 عاماً؟ خصوصاً بعدما تبين انّ ثلثي الأموال تبخّر لدعم الليرة اللبنانية. فالدولة اللبنانية مسؤولة عن العجز المالي في مصرف لبنان والتي تسببت بفجوة مالية ما بين 50 الى 60 مليار دولار. وإذا لم تعترف بمسؤوليتها عن ذلك فعبثاً نحاول»، جازماً «ان لا عودة للودائع ما لم تتحمّل الدولة مسؤوليتها المالية».