“المستقيل لا يُعوَّم وصلاحيات الرئيس موجودة وأزود”
في ظل عرقلة تشكيل الحكومة بفعل الفيتوات المتبادلة بين قصر بعبدا وبيت الوسط والاتهامات المستمرة بالتعطيل، وبالرغم من رفض الرئيس حسان دياب الدعوات إلى التوسّع في عمل حكومة تصريف الأعمال المستقيلة لمواجهة الأزمات الإقتصادية والمعيشية ومواكبة التطورات، وبعد طلبه الاحتكام الى مجلس النواب في تفسير الصلاحيات، توقفت “نداء الوطن” عند رأي الدكتور في القانون الوزير السابق نقولا فتوش في الجدل الدستوري القائم، علماً انه سبق لفتوش ان تقدّم بدراسات عدة، ومنها دراسة قانونية ودستورية حول التمديد لمجلس النواب لمدة سنتين “حتى لا نقع في الفراغ”.
بداية، شدّد فتوش على ان تعويم حكومة تصريف الاعمال امر غير وارد اطلاقاً ولا يمكن حصوله وهو مخالف للدستور وسابقة لم تحصل. وقال لـ”نداء الوطن”: “التعويم غير جائز لانه اولاً هناك مراسيم صدرت عن رئيس الجمهورية بقبول استقالة الرئيس حسان دياب والتي اعتُبرت نافذة بمجرّد تقديمها حسب المادة 69 من الدستور، وبقبول استقالة الحكومة يوم كُلّف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة.
ثانياً، لا صلاحية لرئيس الجمهورية بتعيين الحكومة بل انّ الصلاحية تعود لمجلس النواب، فهو من سمّاه وصدر مرسوم التكليف.
اذاً، هذه المراسيم أنشأت حقوقاً، فلا يستطيع لا رئيس الجمهورية ولا أي طرف آخر التعويم، هذا الأمر غير جائز لأنّ المادة 17 من الدستور القديمة تختلف كلّياً عن نصّ المادة 17 من اتفاق الطائف والتي تقول إن رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويقيلهم، وحتّى اقالة الوزراء اليوم يجب أن تحصل في مجلس الوزراء، وبالثلثين، كذلك لا يوجد نصّ أو آلية من قريب او بعيد تتكلم عن تعويم، فالمستقيل لا يُعوّم، اذاً التعويم غير وارد اطلاقاً”.
وهل ان استحالة التعويم تنسحب في الظروف الراهنة الطارئة اجاب فتوش: “هناك قول لـ Duverger يقول إنّ حيادية واخلاقية المسؤول هما ضمانة لتنفيذ الدستور”.
وعن امكانية تعديل مهل التأليف كما طرح “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، لفت فتوش الى “أنّ الامر طُرح في الطائف لكنه جوبه باعتراض وتأكيد ان الرئيس المكلف لا يتقيد بمهل، وهكذا تم استبعاد هذا الأمر كلياً، بالاضافة الى انه اذا لم يتقيد الرئيس المكلف بمهلة، يوجد في القانون الدستوري والاداري ما يُدعى delai raisonnable اي المهل المعقولة. ثم اذا شاؤوا إجراء اي تعديل فيجب أن يعدّلوا الدستور، وتعديله يستغرق على الاقل فترة ستة اشهر”.
من جهة ثانية، اشار فتوش الى انه “يتم الحديث عن الثلث المعطل، فيما لا شيء اسمه ثلث معطل أو ثلث ضامن، وعندما يصار الحديث عن حصة لرئيس الجمهورية، فهذا أمر مُنتفٍ كلّياً في الدستور اللبناني وفي الدساتير العالمية لأنّ الوزارة وظيفة للناس وللشعب وليست ملكاً لمسؤول، فطالما ان الدستور لا يعطي حق التصويت في جلسات مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية، فهذا لا يعطيه الحق بالاتيان بوزراء يصوتون لما يريده الرئيس، لأن فاقد الشيء لا يعطيه”.
وقال فتوش: “إنّ رئيس الجمهورية هو رمز لكل البلد لكنه لا يجوز الحديث عن حصة له، وحتى هناك مؤلّف اسمه: “ما هو الرئيس”؟ يشبّه دور الرئيس بدور المايسترو في الفرقة الموسيقية الذي يتقن العزف على كل الآلات الموسيقية لكنه لا يعزف على اي آلة منها”.
وعن صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الطائف شدد فتوش على ان “صلاحيات رئيس الجمهورية ما زالت موجودة و”أزوَد”، شرط أن تُستعمل وفقاً للدستور ولمصلحة الناس وليس لمصلحة فئة معينة، فنظامنا برلماني، والكتاب هو الفاصل”.
وعن امكانية تمديد المجلس النيابي الحالي لرئيس الجمهورية بفعل تعذّر اجراء الانتخابات النيابية العامة وقبلها الانتخابات الفرعية كما تشي المؤشرات اجاب فتوش: “على رئيس الجمهورية ان يترك قصر بعبدا عند نهاية ولايته، واذا بقي يوماً واحداً في سدّة الرئاسة يُحاكم بجرم جزائي، اغتصاب السلطة، وذلك لان الدستور ينص على انه عند انتهاء ولاية الرئيس تُناط السلطة بمجلس الوزراء ويُعتبر مجلس النواب منعقداً بصورة دائمة حتى انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، وهذا دليل على عدم وجود فراغ ويؤكّد نظرية عدم البقاء في سدّة الرئاسة”.
واعتبر فتوش “ان النواب الذين استقالوا من المجلس النيابي قد اخطأوا في خطوتهم، فلو استمروا في المجلس لكان اعتُمد عليهم اقلّه بتقديم طعون امام المجلس الدستوري”. وأكد “أن الحديث عن التمديد هو غير جائز لأنه لا يجوز لمن خلق الوضع أن يستفيد منه، وعلى كلّ، الامور مرهونة بالظروف والمستجدات”.