Site icon IMLebanon

خطة المجلس تتقدّم… ماذا عن الصندوق؟

 

بدأت السودان بتلقّي أموال من الدول المانحة، بعد ان توصلت خلال اسبوعين فقط من المفاوضات، الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول الاصلاحات الهيكلية لنمو الاقتصاد. إلاّ انّ لبنان، الذي احتل المرتبة الثالثة ضمن أكبر نِسب ارتفاع في معدلات التضخم السنوية (انهيار الليرة) في العالم بعد فنزويلا وزمبابوي، ما زال منذ 13 ايار يعقد اجتماعاته مع الصندوق ويتخبّط بأرقام متناقضة.

بعد استقالة هنري شاوول من منصبه كمستشار لوزير المال وأحد اعضاء فريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، جاءت استقالة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني، وهو المسؤول الثاني في هذا الفريق الذي يترك مهامه، لتؤكّد انّ خطة الحكومة، بما فيها تقديرات خسائر القطاع المصرفي ومصرف لبنان، قد يتمّ الاستغناء عنها، علماً انّ صندوق النقد الدولي أعلن انّه أقرب الى أرقام الحكومة من الأرقام التي توصلت اليها لجنة المال النيابية، ويصرّ الصندوق على انّ حجم الخسائر التي تكبّدها مصرف لبنان يبلغ 49 مليار دولار، وهو الرقم المقدّر ضمن خطة الحكومة، والذي يرفضه البنك المركزي.

 

في المقابل، يهدّد استمرار الانقسامات بين أرقام الحكومة ومصرف لبنان ولجنة المال، بعرقلة محادثات الإنقاذ الحيوية مع صندوق النقد الدولي، حيث انّه لغاية اليوم لا يزال الفريق اللبناني المفاوض لا يملك أرقاماً موحّدة بين الاطراف الثلاثة لمناقشتها رسمياً مع الجهات المانحة.

 

وفي وقت لم تحسم الحكومة بعد قرارها بتعديل ارقام خطتها الانقاذية او نسفها كلياً، أنهت لجنة المال عملها في تقصّي حقيقة تلك الارقام، وسلّمت تقريرها امس الى رئيس مجلس النواب. فهل ستأخذ الحكومة بالاعتبار أرقام لجنة المال وهل ستستغني عن خطتها؟

 

في هذا الاطار، اعتبر النائب نقولا نحاس، انّ ما قامت به لجنة المال النيابية هو المسار الطبيعي الذي كان يجب ان تسلكه الحكومة، «لأنّ أي حكومة تطرح فكرة أو مشروعاً أو خطة تتناول كافة أطراف المجتمع، من الطبيعي ان تتناقش بها مع الاطراف المعنيّة، وهو الامر الذي لم يحصل خلال اعداد خطة الحكومة».

 

وقال لـ«الجمهورية»، انّ الحكومة استعجلت التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وبدأت اجتماعاتها مع الخارج قبل مناقشة خطتها في الداخل، «وهي اليوم باتت مضطرة لإعادة النظر بها بطلب من مجلس النواب، وعلى أسس مختلفة، تحظى بتوافق كافة المعنيين بالخطة».

 

واكّد نحاس انّ رئيس مجلس النواب تسلّم تقرير لجنة المال وسيقوم بتسليمه لرئيس الحكومة، الذي بدوره سيطّلع عليه ويبادر الى اتخاذ الاجراءات المناسبة. معتبراً انّ على الحكومة تحمّل مسؤوليتها والقيام بما يقنع مجلس النواب وكافة القطاعات المعنيّة، من خلال الاخذ بالاعتبار النقاش الذي حصل على صعيد الوطن حول خطتها.

 

وشدّد نحاس على انّ لجنة المال لم تحدّد ارقاماً خاصة لحجم الخسائر، بل انّها اعتمدت مقاربات مختلفة عن مقاربات الحكومة، وذلك بعد التشاور مع كافة الاطراف المعنيّة، علماً انّ بعض المقاربات تمّ الاتفاق عليها مع وزارة المالية.

 

وقال: «المسألة ليست أرقامنا مقابل أرقام الحكومة، بل مقاربة موحّدة تقنع كافة الاطراف المعنيّة». لافتاً الى انّ صندوق النقد الدولي ليس متمسكاً بمقاربة واحدة، ويمكن من خلال التفاوض معه التوصّل الى أرضية مشتركة، «وهذه هي استراتيجية المفاوضات، وإلّا لماذا نخوضها؟».

 

وختم نحاس مؤكّداً انّ حلّ الأزمة يبدأ حين تتوحّد السلطة السياسية لتنفيذ الاصلاحات الاساسية والجوهرية، وليست عندما تتوحّد الارقام او المقاربات او الخيارات. قائلاً: «أسوأ ما حصل هو تصوير الوضع على انّه منافسة بين ارقام الحكومة وارقام المجلس النيابي لمعرفة من الفائز في النهاية».