Site icon IMLebanon

نداء الوطن: السلطة تهوّل بـ”الحرب الأهلية”…

 

 

من طهران إلى لبنان، لغة تهويلية واحدة تضع الثوار اللبنانيين أمام خيارين لا ثالث لهما: الانكفاء طوعاً أو قسراً عن الشارع تحت طائل التلويح باستنساخ “الحرب الأهلية”. فبين حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن “السعي إلى حرب أهلية في لبنان” وبين إضفاء “حزب الله” على مشهد الثورة اللبنانية الطابع المؤامراتي حسبما جاء على لسان نائب الأمين العام لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم من العاصمة الإيرانية، مروراً بترويج إعلام الممانعة أنباء وشائعات ممنهجة تضخ أجواء الذعر والخوف في النفوس وتدق ناقوس الاقتتال الداخلي بين اللبنانيين، وصولاً إلى عودة وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس بو صعب بالذاكرة إلى “الحرب الأهلية وما حصل العام 1975” في معرض توصيفه مشهد قطع الطرق من قبل اللبنانيين المنتفضين في المناطق، كلها تصريحات ومؤشرات تؤكد ان السلطة الحاكمة لجأت إلى سلاح التخويف من الحرب الأهلية للتعمية على سياسة التسويف في مقاربة الحلول المطلوبة منها على قاعدة: قمع التحركات الشعبية الميدانية لا بد أن يسبق أي مخرج سياسي للأزمة كي لا يتم تحت ضغط الشارع.

 

وعلى هذه القاعدة جاء تحذير بو صعب من أنّ “الأجهزة الامنية لم يعد بوسعها مراعاة ظروف أي شخص”، في وقت كانت التوقيفات تتوالى في صفوف المتظاهرين مع توثيق آثار الضرب الذي تعرضوا له، وليس الناشط خلدون جابر بكدماته الظاهرة على وجهه وظهره بعد إطلاق سراحه إثر توقيفه أمام قصر بعبدا واقتياده إلى وزارة الدفاع، سوى دليل حسّي على التوجه القمعي للسلطة في مواجهة المتظاهرين وصولاً إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة لفضّ عقد المعتصمين على الطرقات العامة في مختلف المناطق وأبرزها ليلاً في منطقة جل الديب حيث لقي عدد من المتظاهرين نصيبهم من الضرب الدموي على أيدي عناصر عسكريين لإجبارهم على مغادرة وسط الطريق.

 

وفي المعلومات المتوافرة، أنّ قراراً حاسماً اتخذه رئيس الجمهورية ميشال عون بالتنسيق مع “حزب الله” ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقضى بوجوب فتح الطرقات المقطوعة وفض الاعتصامات عنها في مختلف المناطق ولو بالقوة، سيّما وأنّ “حزب الله” كان قد أبلغ المعنيين خلال الساعات الأخيرة رسالة حازمة بأنه في حال عدم إقدام الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية على فتح الطرقات فإنه سيضطر إلى حل الموضوع “على طريقته”، حتى أنّ مصادر مطلعة نقلت لـ”نداء الوطن” أنّ هذا الموضوع كان قد طُرح على مسامع الموفد الفرنسي كريستوف فارنو من زاوية تأكيد عزم السلطة على إعادة فتح الطرق والانتظام إلى الحياة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة.

 

غير أنّ مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا أكدت لـ”نداء الوطن” أن “إيلاء الرئيس عون أهمية كبرى خلال ساعات الأمس لموضوع إقفال الطرقات لا يعني أنّ مطالب الحراك الشعبي قد وضعت جانباً إنما ذلك أتى من منطلق تشديده على ضرورة عودة العجلة الاقتصادية إلى البلد في القريب العاجل”.

 

في الغضون، تستمر لعبة “الكرّ والفرّ” لتحسين الشروط الحكومية بين قوى الثامن من آذار ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري في سياق بات يشبه المطاردة السياسية والإعلامية تأكيداً على تمسك الثنائي الشيعي بتولي الحريري شخصياً الحكومة المنوي تأليفها دون سواه وإقفال كافة المنافذ التي يمكن أن ينفذ منها للتملص من مسؤولية تشكيل حكومة ذات طابع سياسي مطعّمة بالتكنوقراط، برئاسته أو برئاسة من يزكّيه لخلافته في سدة الرئاسة الثالثة. وفي هذا الإطار، تمخّض لقاء “الخليلين” مساءً مع الحريري في “بيت الوسط” عن تصاعد دخان أبيض قضى بتسمية الوزير السابق محمد الصفدي لتكليفه تشكيل حكومة “تكنو- سياسية”، وسرعان ما توالت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في طرابلس إثر شيوع الخبر للتظاهر اليوم أمام مكتب الصفدي القريب من ساحة النور رفضاً للاتفاق السياسي الذي حصل على تسميته.

 

وكانت دوائر قصر بعبدا و”التيار الوطني الحر” قد حرصت طيلة نهار أمس على ضخ أجواء تفاؤلية بقرب تذليل عقبات التكليف والتأليف، وسط تشديد المصادر المطلعة على أجواء القصر على أنّ “التأخير في التكليف هو لحماية عملية التأليف وإزالة الإلغام من أمام الحكومة العتيدة”، مع تأكيدها في الوقت نفسه أنّ “الوقت ليس وقت وضع شروط وشروط مضادة إذ لم يعد هناك من ترف لذلك في ظل الظرف الاستثنائي الراهن الذي يتطلب حكومة استثنائية”.