يصل اليوم الى بيروت الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زيارة تستمر يومين، مسبوقة بتوقعات مثيرة للاهتمام. وأفادت مصادر ديبلوماسية فرنسية «نداء الوطن»، أنّ زيارة لودريان «مهمة ويجب عدم تهميشها». ودعت الى مواكبة المحادثات التي سيجريها الموفد الفرنسي، لأنها ستنعكس على جهود اللجنة الخماسية التي انطلقت من أجل الدفع لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وتأتي هذه المعلومات لتناقض التقديرات المتشائمة التي لم تتوقف، منذ الإعلان الأسبوع الماضي عن زيارة لودريان. ووفق هذه الأوساط، فإنّ انطلاقة المبعوث الفرنسي تستند الى معايير مستخلصة من الردود المكتوبة التي تسلّمها من الأطراف كافة سابقاً. وبناءً عليها احتل الموضوع الاقتصادي الصدارة في مقاربات الأطراف المعنية بالاستحقاق، ما انعكس تالياً على المواصفات التي ترتجى في الرئيس المقبل للجمهورية.
وبحسب المعلومات، هناك إجماع داخلي على الخيار الثالث رئاسياً وهو ما سيعمل عليه لودريان في زيارته وبصورة لصيقة مع «الخماسية»، التي نأت بنفسها عن الأسماء التي تنطبق عليها المعايير المطلوبة، على الرغم من الهوامش الديبلوماسية المتاحة لأعضائها، لكن ذلك لا يعني أنّ ما يرتئيه هذا السفير أو ذلك، سيكون موقف اللجنة.
وقالت الأوساط إنّ «أهم المعطيات التي ينطلق منها لودريان اليوم، هو أنّ الخيار الثالث يشمل «حزب الله» الذي يتردّد أنه ما زال عند خياره الاول الذي يتصل بزعيم «تيار المرده» سليمان فرنجية. لكن «الحزب» لن يقف ضد خيار آخر غير فرنجية، شرط ان يحظى هذا الخيار بموافقته». وأضافت: «ما هو مهم أيضاً، أنّ الرئيس المقبل، يجب ان يمتلك الكفاءة في التعامل مع الملف الاقتصادي عندما ينخرط في معالجته داخلياً وخارجياً».
كيف يمكن تظهير هذه المعطيات عملياً؟
أجابت الأوساط الديبلوماسية إنّ الفكرة التي تردّدت حول اقتراح يحمله لودريان وسيعرضه لجهة استضافة باريس حواراً لبنانياً رئاسياً قد نُحّي جانباً، وحلّ محله أن ينعقد ما يسمى تشاوراً في لبنان على أن تكون انطلاقته برعاية لودريان، ومن ثم يمضي قدماً كي ينتهي الى جلسة نيابية مفتوحة على مدى أربع دورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية. ثم ستتكرر لاحقاً في جلسة أخرى اذا لم تنتهِ الى نتائج في المرة الأولى، وهكذا دواليك.
وأبدت هذه الأوساط تفاؤلاً بمستقبل الأوضاع في لبنان، وتوقعت أن يمضي الاقتصاد في لبنان «بسرعة هائلة نحو التعافي»، ما أن تنتهي التوترات في الجنوب.
ومن بيروت الى بروكسل، التي شهدت أمس تظاهرة مميّزة للانتشار اللبناني بمشاركة النائبين بيار بو عاصي والياس اسطفان، أمام قصر العدل في العاصمة البلجيكية لمناسبة انطلاق أعمال مؤتمر بروكسل الثامن على المستوى الوزاري، تحت عنوان «دعم مستقبل سوريا والمنطقة». وطالب المتظاهرون المؤتمر بدعم مطلب عدم إبقاء مئات الألوف من النازحين السوريين المقيمين في لبنان بصورة غير مشروعة. وحمل المتظاهرون لافتات بينها لافتة كتب عليها: «نريد وطننا وليس أموالكم».
وأبلغت أوساط واكبت هذا التحرك الى «نداء الوطن» أنّ مؤتمر بروكسل يأتي «بعد نضج الملف في لبنان عبر خطوات عملية بدأتها الأجهزة الأمنية والبلديات باخراج النازحين السوريين الذين يقيمون في صورة غير شرعية، وكذلك عبر موقف رسمي واضح المعالم». وأضافت: «تبلغت اليوم الدول المعنية، أن لبنان بدأ خطوات جدية، وهو غير معني بأي مواقف لا تنسجم مع هذه الخطوات. فلبنان بلد يحتضر ويئن جوعاً وفي حالة عدم استقرار وغارق في أزمة مالية، ومن غير المسموح نقل أزمة النازحين السوريين عن كاهل المجتمَعين الأوروبي والدولي ورميها على كاهله. فعلى المؤتمر اليوم توفير الأموال لهؤلاء النازحين في بلد غير لبنان بدءاً بسوريا نفسها. أما تحويل هذه الأموال الى لبنان فمرفوض رفضاً باتاً. وستمضي الإجراءات قدماً لإبعاد كل نازح مقيم في صورة غير مشروعة».
وفي السياق نفسه، القى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب كلمة أمام المؤتمر، جاء فيها: «جئنا إليكم اليوم لانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، لوضع أسس لمقاربة مختلفة جذرياً ومستدامة لإعادة النازحين إلى ديارهم، وفصل السياسة عن النزوح قبل فوات الأوان، وانهيار الهيكل علينا وعليكم».
وفي المقابل، تعهد الاتحاد الاوروبي بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة. ورفض الاتحاد «أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم، لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة». وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد: «التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها. وعلى الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، لا بد من أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديمقراطي».