اغتيال محمد عفيف في مقر البعث
قبل أن يخرج لبنان من نفق الغارات التي بدأت تأخذ منحى تصاعدياً، يبدو أنه دخل في نفق التفاوض. إشارة الانطلاق أعطتها السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون إثر لقائها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما سلّمته الورقة الأميركية، المقبولة إسرائيلياً، والتي دونها ليس هناك وقف لإطلاق النار.
الورقة التي اطّلعت عليها «نداء الوطن»، تتضمَّن، في ما تتضمّنه:
أن تكون لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701، برئاسة جنرال أميركي وعضوية جنرال فرنسي، وليس صحيحاً ما روَّجت له أوساط عين التينة من أن اللجنة ستكون نسخة طبق الأصل عما كانت عليه في القرار 1701، أي من دون جنرال أميركي.
حق إسرائيل في التدخل ليس قابلاً للنقاش، كما روّجت أوساط عين التينة أيضاً، فإسرائيل يمكن لها أن تتدخل بعد أن تكون اللجنة قد حاولت ولم تنجح.
تفكيك البنى العسكرية لـ «حزب اللّه» ليس فقط جنوب الليطاني بل شمال الليطاني أيضاً، وهذا موضوع غير قابل للمساومة أو للتفاوض.
يتمسّك الإسرائيليون بالشروط التي يضعونها، ويعتبرون أن تطبيقها غير خاضع لأي نقاش، فإمّا أن تُطبَّق بالتفاهم والتفاوض، وإمّا أن تطبَّق بالقوة، كما هو حاصل اليوم وتحديداً منذ أيلول الفائت، حين باشرت إسرائيل تنفيذ أجندتها الميدانية، عسكرياً واستخباراتياً .
مصادر سياسية تكشف أن الرئيس نبيه بري الذي تسلّم مساء أمس ردّ «حزب الله»، كان قد استمهل السفيرة الأميركية لأيام قبل أن يعطيها الجواب، ولم تستبعد المصادر أن يكون جواب الرئيس بري هو «لعم» أي في منتصف الطريق بين الـ «لا» والـ «نعم»، لكن هذا الجواب لن يكون شافياً بالنسبة إلى الجانب الأميركي، وبالتأكيد بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، فالجانبان يصرَّان على أن يأتي الجواب اللبناني إيجابياً على الورقة ببنودها الأحد عشر.
أوساط نيابية مواكبة لاتصالات الموفد الأميركي آموس هوكستين كشفت أن الردّ المرتقب الذي سيبلغه بري إلى الجانب الأميركي لا يشير، وفق معلومات هذه الأوساط، إلى أن هناك تبدّلاً في موقف بري وتالياً «حزب اللّه» لجهة الالتزام الواضح بالانسحاب من منطقة عمليات القرار 1701.
وتضيف الأوساط نفسها: حتى لو تمّ التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار، فهناك تعقيدات ستلي القرار، ما يعني أن مرحلة الصعوبات مستمرة وهي ستنعكس في الميدان لجهة استمرار التصعيد سواء في الجنوب حيث العمليات الإسرائيلية شهدت تقدّماً على الأرض، أم في الغارات على الضاحية والتي بلغت أمس بيروت من خلال استهداف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف في مقر حزب البعث.
في المقابل، تنقل أجواء دبلوماسية أن الموفد الأميركي آموس هوكستين سيكون في بيروت غداً الثلثاء، ثم ينتقل إلى تل أبيب الأربعاء لمناقشة الملاحظات، وإذا جرت الأمور وفق موافقة الجميع، فسيتوجّه إلى باريس يوم الخميس حيث سيكون هنالك مؤتمر صحافي برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعلان وقف إطلاق النار في لبنان.
وفي الأجواء من واشنطن، لبنان في نهاية المطاف سيكون مختلفاً من دون «حزب اللّه»، ومع دولة فعلية موجودة تمسك هي زمام الأمور، يكون قرار الحرب والسلم بعهدتها وتمسك أمن حدودها انطلاقاً من القرارات الدولية 1680، 1701، و 1559. وأجواء ترامب «لا تستطيع أن تتخيّل لبنان ما بعد الأزمة مثل ما كان قبله». هذه الأجواء نقلها وفد قوّاتي زار واشنطن والتقى الموفد الأميركي آموس هوكستين كما التقى فريق «حملة ترامب» من بينهم السيّد مسعد بولس .
أما في حدث اغتيال الحاج عفيف، فيعتبر مراقبون خبراء بوضع «حزب اللّه»، أن عفيف كان بمثابة «وزير إعلام «حزب اللّه»، وهو واحد من ثالوث ناطق باسم «الحزب». أما الاثنان الآخران فهما الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، ورئيس لجنة الإعلام النيابية عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية النائب حسن فضل الله». وتلفت مصادر أمنية إلى أن اغتيال عفيف في قلب العاصمة بيروت شبيه إلى حد ما بمحاولة اغتيال رئيس وحدة التنسيق والاتصال في «الحزب» الحاج وفيق صفا، والذي يتكتم «حزب الله» على مصيره.
ومساء، أعلن عن اغتيال المسؤول في «حزب الله» محمود ماضي في محلات ماضي للإلكترونيات الذي يملكه مع أشقائه في شارع مار الياس في بيروت.