المعارضة اليوم في معراب: لا عودة إلى الوراء
انهمرت أمس الصواريخ الإسرائيلية في اليوم السابع لولادة اتفاق وقف النار. وغطت على مدى ساعات النهار والليل مساحات واسعة من الجنوب وصولاً إلى البقاع .وأرفقت إسرائيل غاراتها بتحليق المسيّرات في الأجواء اللبنانية وصولاً إلى بيروت. وتذرّعت إسرائيل لتصعيد عملياتها العسكرية بصاروخَين اطلقهما «حزب الله» في اتجاه مزارع شبعا كي تطلق العنان للآلة الحربية والمواقف السياسية المتشدّدة.
كيف يمكن حل لغز اليوم السابع الذي بدلاً من أن يشهد استراحة للميدان استعاد مجدداً كابوس الحرب الأخيرة؟
تجيب أوساط دبلوماسية قائلة إنه «في ظل ما تقوم به إسرائيل يظهر «حزب الله» في صورة الهزيمة. من هنا أتى إطلاقه الصواريخ مع يقينه بالرد الإسرائيلي. لكنه اعتبر إطلاقه الصاروخَين أمس أنه أقل كلفة عليه من اهتزاز المعنويات لو سلم بالأمر الواقع ، والذي تستند إليه إسرائيل على خلفية اتفاقها مع أميركا والذي حاول «الحزب» دفن رأسه بالرمال وإنكاره لوجود اتفاق الضمانات بين الدولتين».
وفي ضوء هذه التطورات، أكد مصدر أمني لـ»نداء الوطن» أن الوضع في الجنوب «ضبابي جداً وخطير، وكل شيء يحصل يدعو إلى القلق. ولا يملك أحد جواباً ما إذا كانت ستُجدد الحرب».
ولفت المصدر إلى «حركة النزوح الكثيفة الحاصلة جنوباً والتي لم تقتصر على منطقة جنوب الليطاني ما يذكّر بالأيام الأولى لاشتعال الجبهة، وهذه الحركة شملت معظم مناطق الجنوب، فالجنوبيون متخوفون جداً من اشتداد المعارك».
وأوضحت المصادر «أن ما يحصل يعطل خطط انتشار الجيش، حيث لم يفسح له المجال بعد لتطبيق الاتفاق، وبالتالي الوضع قد يتدحرج بسرعة ما لم يتم احترام ما تم الاتفاق عليه».
وأصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري بياناً فنّد فيه «كل ما يروّج له في وسائل الإعلام بأن ما تقوم به إسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار وكأنه من ضمن بنود الاتفاق». أضاف: «إن ما تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة يضاف إليها استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية وسقط خلالها شهداء وجرحى وآخرها ما حصل اليوم (أمس) في حوش السيد علي في الهرمل وجديدة مرجعيون. كل هذه الأعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار وأعلن لبنان التزامه به». وسأل بري عن موقف اللجنة الفنية المكلفة مراقبة تنفيذ هذا الاتفاق، وطالبها بـ «مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام اسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر».
بدوره، أعلن «حزب الله» في بيان أنه «على أثر الخروقات المتكرّرة التي يبادر إليها العدو الإسرائيلي لاتفاق وقف الأعمال العدائية (…) نفّذت المقاومة الإسلامية ردّاً دفاعياً أولياً تحذيرياً مستهدفة موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة».
وفي أعقاب هجوم «حزب الله»، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن إطلاق «الحزب» النار على موقع للجيش الإسرائيلي في مرتفعات كفرشوبا اللبنانية المحتلة يشكل «خرقاً خطيراً لوقف إطلاق النار»، مشدداً على أن إسرائيل «سترد بقوة على هذا الهجوم».
في واشنطن، أعربت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن قلقها من «احتمال انهيار وقف إطلاق النار الهش في لبنان، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والمتواصلة للاتفاق عبر استهداف ومهاجمة مواقع في لبنان»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مسؤولين في البيت الأبيض.
وتعتقد الإدارة أن انهياره قد يدفع إسرائيل إلى توسيع عملياتها البرية في الجنوب اللبناني، ما يهدد بتصعيد الحرب في المنطقة.
وفي العلن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي إن الضربات «المتفرقة» التي حدثت في الأيام الماضية كانت متوقعة. وأضاف: «شهدنا انخفاضاً كبيراً في العنف. آلية المراقبة تعمل بشكل جيد، ووقف إطلاق النار ما زال قائماً بشكل عام».
رغم ذلك، أعربت الإدارة الأميركية سراً عن قلقها للجانب الإسرائيلي، حيث وصف مسؤول أميركي رفيع سلوك إسرائيل بأنه «لعبة خطيرة». وقال مسؤولون أميركيون إن المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، أعرب للإسرائيليين عن قلقه من الضربات المستمرة في لبنان.
وشدد هوكستين على ضرورة إتاحة المجال لآلية مراقبة وقف إطلاق النار للعمل. فيما أقرّ مسؤول إسرائيلي بأن الوضع الحالي قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق، بحسب «أكسيوس»، واعتبر أن الرد سيكون مرتبطاً بتصرفات «حزب الله» المقبلة.
وأبلغ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، نظيره الإسرائيلي، جدعون ساعر، بضرورة التزام كل الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وفق ما أعلنت الوزارة الفرنسية.
سياسياً، يعقد نواب المعارضة اجتماعاً في مقر حزب «القوات اللبنانيّة» في معراب عند الساعة 12,30 من بعد ظهر اليوم للتباحث في التطورات وكل المسائل التي يشهدها لبنان.
وأبلغ مصدر مشارك في الاجتماع لـ»نداء الوطن» أن لجنة التنسيق المنبثقة من المعارضة «ستستأنف عملها بعد توقف بسبب الأوضاع السابقة. ويتضمن جدول الأعمال المرحلة الرئاسية ووضع آلية للتعامل مع التحديات والمخاوف ولتبادل المعلومات بين النواب المجتمعين وتقييمهم للوضع المقبل. وهذا الاجتماع هو للتشاور ، وإشارة واضحة إلى أن المعارضة موحدة وتعمل تحت سقف أن لا عودة إلى المرحلة السابقة في معالجة الأمور الوطنية، وكذلك للتداول بالأسماء التي تلبي شروط المرحلة المقبلة، من دون أن تتعرض هذه الأسماء للحرق أو الاستغلال، والهدف بعد الاجتماع التواصل مع بقية الكتل والقوى للوصول إلى أوسع إجماع تحت سقف دولة السيادة ونقل لبنان إلى مرحلة الاستقرار والازدهار».
في الرياض، بدأ أمس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى المملكة العربية السعودية والتي تستمر ثلاثة أيام، بهدف «تعزيز العلاقات مع المملكة والعمل معاً من أجل الاستقرار الإقليمي»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وبحسب المعلومات سيحضر الملف اللبناني على طاولة المحادثات.