رياح الحج إلى دمشق تهبّ: مفتي الجمهورية وجنبلاط والحبل على الجرار
اتسع مسرح الأحداث الداخلية ليشمل لبنان وسوريا معاً. وبدا أن تزامن تطبيق وقف إطلاق النار في لبنان في 27 تشرين الثاني الماضي وانطلاق مسار الثورة السورية في اليوم نفسه ما أطاح بطاغية سوريا بشار الأسد، إيذان بتفاعل الأحداث في البلدين معاً. وأتت الأنباء في نهاية الأسبوع الماضي لتعطي نموذجاً عن هذا التفاعل وأبرزها زياراتان مرتقبتان لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط لدمشق للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (الشيخ أبو محمد الجولاني). وهذا التطور يفتح الأفق أمام زيارات أخرى .
أما على الصعيد الداخلي، فما زال استحقاق الانتخابات الرئاسية في التاسع من الشهر المقبل يتصدر الاهتمام من زوايا عدة تفتقد إلى وحدة الرؤية. وأتت إطلالة الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم السبت الماضي لتؤكد أن الهوة ما زالت عميقة بين الموقف السيادي والموقف الممانع على كل الصعد تقريباً.
وتلقت “نداء الوطن” قراءة أوساط بارزة في المعارضة لكلمة قاسم الأخيرة. وأشارت هذه الأوساط أولاً إلى الأمين العام لـ “الحزب” يقول “إن “الحزب” هو من يضع الأجندة السياسية في البلد” من خلال روزنامة العمل التي تتضمن أربعة عناوين وهي: تنفيذ القرار 1701 جنوب الليطاني فقط، إعادة الإعمار، الانتخابات الرئاسية والحوار.
أضافت هذه الأوساط: “على “حزب الله” أن يعلم أنه ليس من يضع الأجندة في لبنان. وعندما كان يضعها سابقاً تسبب بالحروب والكوارث التي كانت وبالاً لا مثيل له على لبنان”.
وتابعت: “من الآن فصاعداً سيضع أجندات العمل الذين يلتزمون تطبيق الدستور وتالياً اتفاق الطائف والقرارات الدولية1701 و 1559 و1680”.
ولفتت إلى أنه منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه “الحزب” لم يعد سلاح الأخير موجوداً. كما لم يعد هناك أي حوار مع “حزب الله”. ومن سيدير الحوار رئيس الجمهورية المقبل لن يكون له أية علاقة بالاستراتجية الدفاعية. فالمرحلة الماضية التي كانت تتطلب هذه الاستراتيجية قد ولّت إلى غير رجعة”.
واعتبرت الأوساط نفسها أن كلمة قاسم هي الأولى بعد سقوط النظام السوري وأتت لكي يقول إن سلاحه باقٍ لكن قاسم يعلم أن اتفاق وقف إطلاق النار ما كان ليوقع لو لم يستسلم “الحزب” وعلى الرغم من معرفة قاسم أن شيئا اسمه مقاومة لم يعد موجوداٍ لكنه مع ذلك يريد الإبقاء على هذا العنوان ولو لفظياً كعنوان قوة له”.
وخلصت هذه الأوساط إلى القول: “إنه منطق خطير بكل خلفيته. وإذا كنا مختلفين على قراءة نص وقف إطلاق النار والـ 1701 واتفاق الطائف فهناك مشكلة. وخطورة المشكلة أننا نذهب إلى انتخابات رئاسية ومن ثم نعود إلى السرديات السابقة نفسها ما يعني أن رئيس الجمهورية المقبل سيكون مكبلاً ومثله رئيس الحكومة الجديد ونعود بعد ذلك إلى دوامة البيانات الوزارية”.
في موازاة ذلك، أطل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد على طرف نقيض لما أعلنه الأمين العام لـ”حزب الله”. فقد استبشر خيراً بالمسار الذي سيفتحه اتفاق وقف إطلاق النار بما يؤدي إلى جعل الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان “سلاماً دائماً وعادلًا وشاملًا”.
ومن لبنان إلى سوريا، فقد علمت “نداء الوطن” من مصادر دار الفتوى “أن القادم من الأيام سيشهد خطوات عملية تجاه ما حصل في سوريا، وستتوج بزيارة المفتي إلى سوريا”.
وعشية هذه المعلومات، أعلن عن اتصال بين جنبلاط والشرع. وهنأ جنبلاط الشرع والشعب السوري “بالانتصار الكبير على نظام القمع وحصوله على حريته بعد 54 عاماً من الطغيان”.
وأعلنت مصادر الاشتراكي أنَّه جرى خلال الاتصال “الاتفاق على زيارة قريبة لجنبلاط إلى دمشق من أجل استكمال التواصل والتنسيق، كما جرى التطرق إلى أهمية إرساء أسس التعاون ورسم مستقبل العلاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل”.
من جهة ثانية قال الشرع لعددٍ من الصِحافيين: “إذا وافقَ اللبنانيونَ على قائدِ الجيش جوزيف عون رئيساً للجُمهورية فسندعمُه”. واعتبر المراقبون أن هذا التصريح يدخل الزعيم السوري في متاهة السياسة اللبنانية وهو بغنى عنها.