الدولة في عمق الجنوب تحت لافتة تطبيق القرار 1701
تسلّم الجيش اللبناني أمس المواقع العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات. وانتظر لبنان هذا الحدث 35 عاماً. فهل تكفي عبارة “أن يأتي متأخراً خير من الّا يأتي؟”.
في أي حال شهد لبنان تطوراً جديداً في سياق مرحلة تاريخية بدأت لبنانياً وسورياً ما يشير إلى أن إمساك الجيش بزمام السلاح الفلسطيني غير الشرعي هو خطوة إضافية في هذا المسار. وانفتح الأفق تالياً على خطوات أخرى وأهمها تطبيق القرار 1701 وما له صلة بالقرارين 1559 و1680 ما يعني أن الأنظار متجهة إلى تفكيك البنية العسكرية لـ “حزب الله”.
بالرجوع الى اتفاق الطائف الذي أبصر النور عام 1989، ومن هذا الاتفاق ولد الدستور اللبناني المعدل يتبيّن أن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، هو في صلب متطلبات هذه الوثيقة الأم في الكيان اللبناني. ولا يزال اللبنانيون يذكرون جيداً المحاولة التي جرت في أول مؤتمر حوار لبناني بعد الطائف والذي تم عام 2006 كي يتحقق الغاء الوجود المسلح الفلسطيني خارج المخيمات. لكن المحاولة ذهبت أدراج الرياح . وعلى منوال عام 2006، كانت تجربة الحوار التي انتهت إلى اعلان بعبدا عام 2012 ، فكان مصير الإعلان حبراً على ورق.
وأكدت مصادر أمنية لـ “نداء الوطن” أنه وبعد تسلم الجيش اللبناني مركزي قوسايا والناعمة يكون الجيش قد ختم المراكز الفلسطينية خارح المخيمات بـ”الشمع الأحمر”.
وأوضحت المصادر أن المخيمات الفلسطينية تأتي في المرحلة الثانية، علماً أن السلطة الفلسطينية ومنها حركة “فتح”، أبلغت لبنان بـ “تعاونها الكامل بما يحفظ أمن الفلسطينيين واللبنانيين ولا يمس بسيادة دولة لبنان. في حين يستمر الجيش اللبناني باتخاذ إجراءات مشددة خصوصاً في مخيم عين الحلوة”.
وكانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أصدرت مساء أمس بياناً تضمن الإعلان عن “تسلم وحدة من الجيش مركز الناعمة – الشوف التابع سابقاً لـ “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، إضافة إلى الأنفاق العائدة له، وصادرت كمية من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى أعتدة عسكرية”.
كما كانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أصدرت قبل ذلك بياناً استكمالًا لعملية تسلُّم الجيش مركز قوسايا – زحلة التابع سابقًا لـ”الجبهة” نفسها.
في موازاة ذلك، علمت نداء الوطن أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تبلغ أخيراً من عدد من سفراء الدول الغربية “أن العد العكسي لانتهاء الهدنة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بدأ ينفد، والقصة ليست بمزحة، ولا يمكن التذاكي على الاتفاق أو رمي كرة النار في يد قائد الجيش لوحده خصوصاً أن الموقف العربي والدولي داعم للجيش”.
وانطلاقاً من هذه التحذيرات الحازمة انطلق أمس ميقاتي في رحلته الجنوبية ليقول إنه وحكومته يمنحان الغطاء الكامل للجيش لتطبيق القرار 1701 وإنه يدعم الجيش دعماً كاملاً ولا يعرقل عمله.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر متابعة لزيارة قائد الجيش وميقاتي إلى القليعة ومرجعيون أن هذه الجولة تحمل رسائل متعددة الأطراف، وأوضحت لنداء الوطن أن الحكومة اجتمعت سابقاً في صور ومن ثم أتت زيارة مرجعيون والقليعة لتؤكد الجدية في تطبيق القرار 1701 فالجميع ينتظر خطوات عملية. وجاءت الزيارة لتؤكد أن هناك قراراً سياسياً في هذا الشأن ولا تهاون لأن لبنان تحت المجهر والعين الدولية وأي تراخٍ من الحكومة ومحاولة الالتفاف على ما تم الامضاء عليه يعني عودة الحرب والدمار والتهجير لذلك يقوم الجيش بكل ما يلزم لتطبيق القرار وحماية الجنوب وكل لبنان.
ومن جهة ثانية، برزت الاستقبالات الشعبية لقائد الجيش في مرجعيون والقليعة، وأتت هذه التجمعات عفوية وأرسل أهالي البلدات رسالة قوية تؤكد تمسكهم بالشرعية والجيش اللبناني كقوة وحيدة تحمي الجميع، ولتدل على التمسك بالأرض وأن الرهان على الجيش هو من يحمي الأرض ويحفظ البلدات.
وأشار بيان صادر عن قيادة “اليونيفيل”، إلى “أن رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، اجتمع مع الرئيس ميقاتي خلال زيارته للجنوب.
ودعت “اليونيفيل” جميع الأطراف الفاعلة إلى “التوقف عن انتهاك القرار 1701 والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تعرض للخطر وقف الأعمال العدائية والاستقرار الهش السائد حالياً”.
وفي الاطار نفسه، صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، بيان لفت إلى “انتقال بعض المسؤولين في “حزب الله” في الآونة الأخيرة إلى نغمة مفادها أن الفريق السيادي في لبنان لا يحرِّك ساكناً حيال التمادي الإسرائيلي في الجنوب”.
وأكد البيان “أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ ما تبقى تكمن في وقف التذاكي، وتطبيق الترتيبات التي أقرتها الحكومة في 27 تشرين الثاني الماضي، وتسليم السلاح غير الشرعي”.
من جهة ثانية، علمت نداء الوطن أن وفد “تكتل الاعتدال الوطني” المكون من النائبين وليد البعريني وأحمد الخير زار بكفيا والتقى رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل في حضور النائبين الياس حنكش وسليم الصايغ .وتبلغ البعريني والخير من “الكتائب” دعم الحزب لترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية “انطلاقاً من دور الجيش واحترام شخص القائد”. وأبدى الجميل خشيته أمام الوفد من “تحضير بري مفاجأة أو تهريبة لانتخاب رئيس من محوره حيث يؤمن 57 صوتاً ويضغط على “الاعتدال” لانتخابه. فكان جواب الأخير “حازماً بعدم انتخاب مرشح لا يحظى بدعم المعارضة وينتمي إلى المحور الآخر “.
وعن موعد إعلان “الكتائب” رسمياً ترشيح قائد الجيش، علم أن الحزب ينتظر انتهاء المشاورات مع “القوات اللبنانية” والمعارضة السيادية لاتخاذ القرار النهائي.
على صعيد آخر، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال أمس إن لبنان سيتعاون مع طلب الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على مدير المخابرات الجوية السورية اللواء جميل حسن والذي تتهمه السلطات الأميركية بارتكاب جرائم حرب في عهد نظام بشار الأسد المخلوع.
وقالت ثلاثة مصادر قضائية لبنانية لـ”رويترز” إن لبنان تلقى الأسبوع الماضي برقية رسمية من الإنتربول تحث سلطاته على القبض على حسن إذا كان موجوداً على الأراضي اللبنانية أو إذا دخلها وتسليمه إلى الولايات المتحدة. ولا يزال مكان وجود حسن غير معروف.