IMLebanon

نداء الوطن: السلطة تكشّر عن… شارعها

 

بين جسر الرينغ وجسر الجية وصولاً إلى جسر المشرّفية، تعددت الجسور والهدف واحد: “قلب الطاولة” على الثورة. إنها لعبة الشارع مقابل الشارع وقد أطلت برأسها فجر الاثنين لتكشّر من خلالها السلطة عن ترجمة نواياها ميدانياً بأن تضع اللبنانيين في وجه بعضهم البعض وتعيد نبش خطوط التماس المناطقية والمذهبية والطائفية بينهم. “فرّق تسد” هذا هو ملعب السلطة وهنا مربط خيلها. حاولت على مدى أربعين يوماً التعمية على نزعتها القمعية للناس إلى أن طفح كيلها بعدما استشعرت فوز الثوار بالنقاط عليها، فقررت الانقضاض عليهم لإسقاطهم بضرباتها الشوارعية والطائفية الفتنوية القاضية على سلمية ثورتهم… فكانت موقعة “الرينغ” التي عاثت دماراً وخراباً بأملاك الناس وممتلكاتهم على مرأى ومسمع من القوى الأمنية والعسكرية الرسمية التي سرعان ما ارتسمت علامات استفهام وتعجب حول أدائها المتسامح مع المخرّبين في الرينغ مقابل التعامل بـ”الخبيط واللبيط” مع المتظاهرين السلميين في مناطق أخرى لا تخضع لنفوذ قوى الأمر الواقع… وهو ما بات من علامات وجود “صيف وشتاء تحت سقف واحد” في التعاطي مع التحركات الميدانية في بعض المناطق، حسبما لفتت اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، مستغربةً “إعتقال متظاهرين من دون مسوّغ شرعي وترك معتدين يستدرجون البلد إلى صدام وفتن ويثيرون النعرات الطائفية”.

وعلى إيقاع الهتافات المنددة بالثورة والمتوعدة للثوار سواءً بالتظاهرات المضادة أو بإحراق خيم المعتصمين في صور أو بالعراضات المسيّرة على متن الدراجات النارية بمحاذاة ساحة الشهداء وفي عدد من أحياء ومناطق العاصمة لا سيما في قصقص التي شهدت توتراً مذهبياً ليلاً، يعمل أهل الحكم بدم بارد على استثمار غليان الشارع لفرض الحلول التحاصصية في عملية تشكيل الحكومة العتيدة وسط ضخ أجواء ومعطيات عن قرب تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة مع تكرار لازمة تحميل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تبعات تأخير عملية التكليف والتأليف ربطاً بعدم مضيه قدماً في قبول مهمة تشكيل حكومة سياسية مطعمة بالتكنوقراط.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر سياسي متابع لمساعي حلحلة عقدة تأليف الحكومة لـ”نداء الوطن” أن الثنائي الشيعي يجري اتصالات بحثاً عن شخصية تترأس حكومة تكنو – سياسية، مع الحرص على التنسيق مع الحريري بعدما استبعد خيار توليه هذه المهمة نتيجة إصراره على أن تتشكل من اختصاصيين من دون سياسيين. وتقاطعت معلومات أكثر من مصدر على الإشارة إلى أنّ “حزب الله” يتولى التواصل إما مباشرةً أو غير مباشرة مع عدد من الشخصيات السنّية لاستمزاج رأيها حول إمكانية قبولها بالمهمة، على ألا تكون من قوى 8 آذار حتى لا يتم دمغ الحكومة بأنها من لون واحد نظراً إلى انعكاسات ذلك على الموقف الدولي والإقليمي منها.

وتحدثت المصادر لـ”نداء الوطن” عن صحة الأنباء التي تمحورت حول استمزاج الوزير السابق بهيج طبارة، موضحةً أنه استمهل بعض الوقت عند مفاتحته بالموضوع لكنه عاد فحسم موقفه أول من أمس معتذراً عن تولي المهمة. كما علمت “نداء الوطن” أن اتصالاً آخر جرى مع شقيقه السفير السابق في واشنطن الدكتور رياض طبارة فرفض فوراً العرض الذي قُدّم اليه بتولي سدة الرئاسة الثالثة.

وفي حين كشف مصدر متابع للاتصالات الجارية في الملف الحكومي لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الجمهورية كان اقترح اسم النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة لكن الثنائي الشيعي رفض لتفضيله شخصية من خارج نادي النواب، لفت المصدر إلى أنّ التواصل يجري مع شخصيات لها صفة اختصاص وتتسم بالحياد بحيث يمكن أن تحظى بتأييد الحريري ويتم تكليفها بالاتفاق معه، نظراً إلى الإصرار على الحصول على تغطيته للرئيس المكلف الجديد، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ التوجه القائم هو نحو ضمان ألا تضمّ التشكيلة الحكومية المرتقبة شخصيات خلافية وهو ما يعني حكماً بأنّ الوزير جبران باسيل لن يكون في عداد وزراء الحكومة العتيدة.

وفي الغضون، برزت أمس دعوة مجلس الأمن إلى الحفاظ على “الطابع السلمي للاحتجاجات” في لبنان، مطالباً في بيان أصدره بإجماع أعضاء المجلس “جميع الأطراف الفاعلة بإجراء حوار وطني مكثف والحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات عن طريق تجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي”، مع التأكيد على “أهمية أن تُشكّل في وقت سريع حكومة جديدة قادرة على الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني واستعادة استقرار البلاد ضمن الإطار الدستوري”.