إحالة “ملغومة” على “المطبوعات”… وحرب يدقّ ناقوس “الديكتاتورية”
إذاً، قُضي الأمر القضائي بإحالة “نداء الوطن” إلى محكمة المطبوعات… وتكشفت معه معالم قطبة سلطوية مخفية تختزن في طياتها “تعليمة” ملغومة تبتغي تفخيخ نصّ الإحالة القضائية لإبقاء سيف “السلطة” مصلتاً فوق رقبة الصحافة وحرية الرأي والتعبير في البلد. نعم إحالة الملف إلى موئله القضائي الطبيعي في محكمة المطبوعات بدت في الشكل انكساراً للنزعة “الجزائية” التسلطية على الإعلام، لكنها في المضمون بدت مفخخة بـ”صاعق” جزائي يسعى إلى تزنير قضية الحريات الإعلامية بحزام ناسف للسلطة الرابعة يتهددها بحبس الأنفاس وكمّ الأفواه تحت طائل وضع “الأغلال” في أقلامها الحرة.
هي المادة 23 المتعلقة بـ”المسّ بكرامة الرؤساء” التي عُطف عليها الادعاء على “نداء الوطن”، تلك “القطبة المخفية” في الإحالة باعتبارها تتيح للقضاء المختص أن يقضي “بالحبس من شهرين إلى سنتين” على المدعى عليهم أمامه، لكنّ “نداء الوطن” الملتزمة سقف القانون ستبقى كما عهدها قراؤها منذ “نعومة أقلامها” عصيّة على “الأغلال” و”التدجين”، تواجه السوط السلطوي بالصوت الحر… رافعةً راية السيادة والحرية والإعلام حتى آخر “قطرة حبر” في عروقها.
وإثر ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت على رئيس تحرير الصحيفة بشارة شربل ومديرها المسؤول جورج برباري بجرم “المسّ بكرامة الرؤساء”، أعرب وكيل “نداء الوطن” الوزير السابق بطرس حرب عن أسفه لهذا القرار سيّما وأنّ فعل المدعى عليهما اقتصر على “انتقاد موقف أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله، والدفاع عن موقع رئاسة الجمهورية وصلاحيات رئيس الجمهورية”.
وفي ضوء “توجيهات السلطة السياسية” التي بدا من متن الإدعاء أنها قررت على ما يبدو “ضرب مبادئ النظام الديموقراطي الذي يقوم على حرية الرأي وحرية انتقاد السلطة”، شدد حرب على أنّ في ذلك “مخالفة فاضحة لأحكام الدستور” تستوجب دق ناقوس الخطر والتحذير من مغبة تحويل “الجمهورية الديموقراطية البرلمانية” في لبنان إلى جمهورية تلاحق معارضي ومنتقدي سياساتها وفق ما تعتمده عادةً “الأنظمة التوتاليتارية الديكتاتورية”. ليختم في معرض إبداء العزم على عدم السكوت عن “انحراف السلطة” بالتأكيد على أنّ “لبنان والحرية توأمان، يموت الواحد يموت الآخر”.