إستثمارات الإمارات “خارج نطاق نفوذ حزب الله”
وسط حقل من “الصواعق” المطلبية، يسير أركان الحكم بخطوات تتحسّس خطر الانفجار عند أي “دعسة ناقصة” غير محسوبة العواقب، وهم إن فشلوا في تقديم الحلول الجذرية المطلوبة حتى الساعة إزاء مجمل المشكلات الحيوية البنيوية في البلد من كهرباء وماء واتصالات ونفايات وغيرها من ملفات الأزمات المستدامة، غير أنه يسجل لهم نجاحهم في امتهان “حرفة” تفكيك أي صاعق يستشعرون أنه بلغ مداه على مقياس التأزم فيسارعون إلى تبريد أرضيته بما يحول دون بلوغه ذروة الغليان والاشتعال حتى لا تطاول شراراته “منظومة النظام” وتتهدد بانهيار سقف الهيكل على حرّاسه، كما حصل في نهاية الأسبوع مع قطاعي المحروقات والصيارفة. وإذا كان أهل السلطة يقرون بحجم الأزمات وجدية خطورتها ويتداعون تحت وطأة الضغط إلى اجتراح الحلول والمسكنات المرحلية لها، غير أنهم يأبون في الوقت عينه إضاءة الإعلام على أي من هذه الأزمات بل وأضحوا يطاردون كل من يتطرق إليها بتهمة “التآمر” في محاولة ردعية تبتغي قمع الحريات وكمّ الأفواه وتدجين الأقلام الصحافية في البلد… في مشهد ذكّر رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بحقبة الوصاية على لبنان “الذي فقد استقلاله وخيرة مثقفيه وساسته ومناضليه من خلال القبضة الحديدية للنظام السوري”، وصولاً إلى يومنا هذا “وكأنّ شيئاً لم يتغيّر” حيث باتت “الصحافة في خطر وحرية الرأي شبه ممنوعة”.
وإلى جنبلاط، مروحة تصاريح نهاية الأسبوع حفلت بمواقف دالة على عمق هوّة التأزم الراهن في لبنان، بدءاً من تشديد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي صراحةً على أنّ البلد أصبح “بحاجة إلى مسؤولين جدد من نوع آخر”، مروراً بـ”الخطرين الداهمين” اللذين حذر منهما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من كندا، “الخطر الأول أمني عسكري استراتيجي باعتبار أنّ لبنان حالياً هو كحافلة من دون سائق، من يقودها هو غير الجالس خلف المقود ولا نعرف إلى أين سيوصلنا”، في إشارة إلى استئثار “حزب الله” بقرار الحرب والسلم، أما “الثاني فهو خطر مالي – اقتصادي جدي للغاية”. في حين كان على المقلب الآخر “حزب الله” يمنّن اللبنانيين بـ”الاستقرار” الراهن الذي يعيشه البلد على اعتبار أنّ ديمومة هذا الاستقرار مرهونة بـ”حكمة” “الحزب” حسبما عبّر رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد متوعداً في المقابل “المتآمرين” والبعض الذين يعمل على أن يخرّب البلد بأنه “سينال حظه من هذا الخراب”.
في الغضون، وفي سياق متطابق مع ما كانت “نداء الوطن” قد تفردت بالكشف عنه الأسبوع الفائت، بدأ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس زيارة رسمية إلى أبو ظبي للقاء المسؤولين الإماراتيين والمشاركة في مؤتمر الاستثمار الإماراتي الذي يعقد اليوم، وسط تعويل كبير من الجانب اللبناني على دعم مأمول من دولة الإمارات العربية المتحدة سواءً على مستوى رفد الخزينة اللبنانية أو على مستوى تزخيم عجلة الاستثمار في لبنان.
وإذ يترأس الحريري وفداً وزارياً إلى المؤتمر ويرافقه كذلك حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وحشد من رجال المال والأعمال والاقتصاد اللبنانيين، استرعى الانتباه غياب وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس عن الوفد الوزاري السداسي إلى المؤتمر الإماراتي بعدما كان إسمه مدرجاً على لائحة الوزراء المرافقين لرئيس الحكومة. وفي هذا الإطار كشفت مصادر رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ غياب فنيانوس مردّه إلى عدم الموافقة الإماراتية على مشاركته في مؤتمر أبو ظبي بسبب العلاقة القوية التي تربطه بـ”حزب الله”، سيما وأنّ مصدراً ديبلوماسياً تحدث لـ”نداء الوطن” عن كون استراتيجية الإمارات للاستثمار في لبنان تأتي بتشجيع أميركي على أن يكون الاستثمار المرتقب في مرافق ومناطق خارجة عن نطاق نفوذ “حزب الله”، مع الإضاءة في هذا السياق على أنّ عملية تطوير الموانئ إنما تتصل بمناطق شمالية تحديداً وسط معطيات على سبيل المثال عن إعداد دراسات لتشغيل مطار القليعات، من زاوية أنّ الموانئ الشمالية هي بعيدة عن مناطق نفوذ “الحزب”، ومن زاوية أخرى أنها قد تشكل مستقبلاً منصة انطلاق من شمال لبنان لإعادة إعمار سوريا.