IMLebanon

نداء الوطن: باسيل إلى دمشق “منزوع الغطاء”… و”الاشتراكي” ينتفض على العهد… عنوان المرحلة… “قلب الطاولة” 

 

“نحن بدولة مش دولة”… عبارة تختصر وتختزن الكثير من المعاني الدالة على عمق الأزمة اللبنانية، سيّما وأنها أتت على لسان وزير المال علي حسن خليل وكادت أن تضيع دلالاتها في خضمّ “المعمعة” السورية التي أثارها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل من على منبر “13 تشرين”. وعلى قاعدة كونها “دولة مش دولة” ساد التراشق والضياع وانعدام التوازن والتناغم بين أفرقاء الحكومة خلال الساعات الأخيرة، فتطايرت شظايا المعركة تحت عنوان “قلب الطاولة” على محورين، الأول يقوده باسيل بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن رئاسة الجمهورية وفريق 8 آذار لإعادة الوصل بين قصري “بعبدا” و”المهاجرين” بمعزل عن قرار جامع في مجلس الوزراء، والثاني محور متعدد الأبعاد اجتمع على ضفته أكثر من طرف رئاسي وسياسي، لصدّ محاولات إعادة تعويم النظام السوري على حساب الدولة اللبنانية وقافلة شهدائها الذين سقطوا على مذبح “وصاية” هذا النظام.

 

فبحزام سيادي مرسوم بـ”الدم”، من كمال جنبلاط إلى رفيق الحريري، تنوعت سلسلة الردود بدرجات متفاوتة على كلام باسيل بدءاً من رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي حرص على نزع الغطاء الحكومي عن أي زيارة يعتزم وزير الخارجية القيام بها إلى دمشق عبر بيان ذكّره فيه بأنّ “دم الرئيس رفيق الحريري” هو الذي أعاد الجيش السوري إلى سوريا، ونبه تالياً إلى أنّ حرف المسار عن معالجة الأزمة الاقتصادية سيؤدي حكماً إلى “قلب الطاولة على رؤوس الجميع”، مروراً بتشديد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على كون باسيل لا يستطيع أن يتخذ موقفاً “بهذا الحجم” من دون العودة إلى مجلس الوزراء، مستغرباً محاولة “استغلال الفرص لتعويم بشار الأسد حتى ولو على حساب لبنان من ناحية العقوبات والمواقف الدولية والعربية إزاء النظام السوري”… وصولاً إلى السقف الأعلى على مقياس الردود، الذي تميّز به “الحزب التقدمي الاشتراكي” على لسان رئيسه وليد جنبلاط الذي توجّه إلى الداعين للتطبيع مع نظام الأسد بالقول: “تذكروا أنهم دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دم رفيق الحريري”، مشبّهاً ما يجري على مستوى الأمن والإدارة في الدولة بأنه يتمّ “على طريقة البعث”، ولافتاً الانتباه إلى أنّ “من أتى به الأجنبي سيذهب به نهر الشعب”، وهو ما بدا رداً مباشراً على عبارة “النهر الجارف” التي توعّد به باسيل مَن “ينتظرون على ضفة النهر”.

 

وكما في السياسة، كذلك في الشارع، حشد “الاشتراكي” قواه الشعبية والحزبية والشبابية في تظاهرة مناهضة لقمع الحريات في البلد لكن سرعان ما اتخذت طابع “التنديد بسياسة العهد الداخلية والخارجية”، بحسب تعبير جنبلاط نفسه في معرض توجيهه التحية إلى “منظمة الشباب” في الحزب. وإذ أعادت التظاهرة الاشتراكية إحياء النبض الاستقلالي السيادي في ساحة الشهداء لا سيما مع انضمام شخصيات قواتية وكتائبية بالإضافة إلى مشاركة النائب السابق فارس سعيد والوزير السابق معين المرعبي، ظهّرت كلمة الوزير وائل أبو فاعور خلالها جملة من المواقف النارية من “ساحة الحرية” في مواجهة “ساحة العبودية” دفاعاً عن “الحرية والديموقراطية التي تتعرض لاعتداءات جديدة، بدءاً من صحيفة “نداء الوطن” وصولاً للاعتداءات والاستدعاءات بحق الناشطين”، ليعبّر في هذا السياق عن رفض تحويل الأجهزة الأمنية إلى “ألعوبة بيد السلطة” خاصاً بالذكر جهاز أمن الدولة، وليوجّه اتهاماً صريحاً إلى العهد الحالي بأنه هو من ينفذ “مؤامرة اقتصادية” على البلد خصوصاً وأنه يتحكم بالقرار السياسي والأمني والاقتصادي “فعلى من ستقلبون الطاولة وأنتم تحتكرون كل مواقع السلطة؟”.

 

وإلى مجلس الوزراء، حيث استكمل أبو فاعور الرد على رئيس “التيار الوطني الحر” مؤازراً من الوزير أكرم شهيب الذي رأى ملامح “انقلاب على الطائف والشرعية والإجماع العربي”، بينما حذر نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني من مغبة “استعمال موضوع النازحين السوريين كشماعة ورفع سقف الخطاب السياسي تجاه فتح العلاقة مع النظام السوري” باعتباره مساراً “يمكن أن يعرّض لبنان لعقوبات ويعرّض الدعم الدولي للخطر”.

 

وفي المقابل، تعاملت مصادر”التيار الوطني الحر” بكثير من البرودة مع الردود التي طاولت كلام رئيس التيار، فوصفت لـ”نداء الوطن” كلام رئيس الحكومة بأنه “كلام موزون ومتزن ويفرض تحدياً على التيار الوطني” لناحية الترحيب بعودة النازحين السوريين إذا تحققت من خلال زيارة باسيل المرتقبة إلى سوريا. بينما وضعت انتقادات رئيس “القوات اللبنانية” في خانة “العقلانية” لا سيما لجهة مطالبته بأن يصار إلى الاحتكام لمجلس الوزراء في مسألة الموقف من العلاقات مع سوريا. أما في تعليقها على كلام جنبلاط والتظاهرة الاشتراكية فاكتفت مصادر “التيار الوطني” باعتبار ذلك ليس أكثر من “حركة استعراضية تبحث عن دور جديد يكاد يتنافس مع دور حركات المجتمع المدني”.

 

وعلى ضفة “الصيفي”، جددت مصادر “الكتائب” التشديد على أنّ “الحل يكمن في رحيل هذه السلطة وما تمثل وقيام سلطة جديدة على أسس وطنية وإدارية ومالية شفافة”، وسألت المصادر القيّمين على “التسوية الرئاسية” ماذا حققوا حتى الآن وعلى ماذا اتفقوا “فهل تفاهموا على سلاح “حزب الله”، والموضوع السيادي وعلى سياسة لبنان الخارجية وعلاقته بأصدقائه التاريخيين؟ وهل تفاهموا على العلاقة مع سوريا وعلى موضوع النازحين؟”، لتذكّر في معرض ردها على طرح باسيل المتفرّد بقرار إعادة التطبيع مع سوريا تحت عنوان “إعادة النازحين” بالمبادرة الروسية لحل أزمة النازحين، وإبداء موسكو استعدادها للعمل كوسيط بين لبنان ونظام الأسد في هذا الملف “بما يحفظ مصالح لبنان ويضمن النأي بالنفس”، وتساءلت: “لماذا لا يسيرون بهذا المخرج ويوفرون على لبنان الالتحاق بسياسة المحاور”؟.