Site icon IMLebanon

نداء الوطن: كلّنا علاء

قصر بعبدا مطوّق بالأسلاك
متظاهرون خلال تجمهرهم أمام القصر الجمهوري وسط تدابير عسكرية وأمنية مشددة وفي الإطار مسيرة تشييع رمزية للشهيد أبو فخر في رياض الصلح أمس (فضل عيتاني)

خلال مسيرة تشييع رمزية للشهيد علاء أبو فخر في ساحة رياض الصلح مساءً (فضل عيتاني)

متظاهرون خلال تجمهرهم أمام القصر الجمهوري وسط تدابير عسكرية وأمنية مشددة وفي الإطار مسيرة تشييع رمزية للشهيد أبو فخر في رياض الصلح أمس (فضل عيتاني)

خلال مسيرة تشييع رمزية للشهيد علاء أبو فخر في ساحة رياض الصلح مساءً (فضل عيتاني)
Next1
2

بعكس سير الشارع تسير السلطة متخبطة منفصمة عن الواقع والوقائع تتعالى على الناس وتتجاهل انتفاضتهم العابرة للمناطق والطوائف، وإن قارب أركان الحكم الحقيقة وأقروا بوجود ثورة فمن باب الازدراء والتهكم على افتقارها إلى “Leader” بينما الدولة برمتها باتت على ما يبدو مفتقرة إلى وجود “Leader” فعلي قادر على انتشال البلاد من عنق زجاجة الأزمة التي أخذت خلال الساعات الأخيرة منحى دموياً مع سقوط علاء أبو فخر شهيداً على مذبح الثورة التي كلما تنكروا لها وحاولوا إطفاء وهجها كلما وجدوها أكثر صلابةً وصموداً وتألقاً من أقصى لبنان إلى أقصاه… وما مشهد الالتحام الإسلامي – المسيحي وقرع أجراس الكنائس وإضاءة الشموع ورفع الجداريات والصور للشهيد أبو فخر، من طرابلس مروراً بنهر الكلب وجل الديب والشفروليه وبعبدا وصولاً إلى وسط بيروت سوى رسالة صارخة بوجه صنّاع الفتن وأرباب مدرسة “فرّق تسد” بأنّ زمن الهزائم ولى ولا انكسار للشعب بعد اليوم طالما أنّ نبض الثورة حيّ يُرزق في عروق كل من هتف بالأمس وسيهتف بالغد… كلنا علاء.

سالت الدماء في الشويفات وكادت تسيل بالأمس في جل الديب، ولا يزال حبر التكليف جافاً بانتظار انتهاء بازار التفاوض المفتوح على مصراعيه توخياً لمحاصصة سياسية يبصم عليها الرئيس المكلف سلفاً في تركيبة الحكومة المرتقبة. حتى قصر بعبدا بات مطوقاً بالناس يحتمي بالأسلاك الشائكة في مشهد شكّل منعطفاً محورياً في شارع الثورة بعدما قارب الثوار للمرة الأولى المطالبة برحيل رئيس الجمهورية ميشال عون كردة فعل شعبية غاضبة على مضامين مقابلته المتلفزة. لم تسعف الرئيس كل التوضيحات والتعميمات في تهدئة الشارع المنتفض في العاصمة والمناطق وصولاً إلى مداخل القصر من دون أن ينجح القيمون في الرئاسة الأولى بمحاولة امتصاص نقمة الناس إثر الاصطدام برفض الثوار تشكيل وفد منهم لمقابلة رئيس الجمهورية لاعتباره بنظرهم أضحى الخصم والحكم في آن.وفي المعطيات الحكومية، تواصل كرة النار تدحرجها، يرميها رئيس الجمهورية ومعه “حزب الله” في ملعب رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وسرعان ما ترتد إلى ملعبهما من “بيت الوسط” رفضاً من الحريري لحشره في زاوية الاعتذار قبل التكليف ومنعاً لإخضاعه لشروط التأليف قبل التكليف بخلاف منطوق الدستور ومنطق الناس المنتفضين. وفي المحصلة، الكل لا يزال على سلاحه، عون إصبعه على زناد الاستشارات متسلّحاً كما “حزب الله” برفض أي حكومة تكنوقراط منزوعة الصبغة السياسية، والحريري قبضته مستحكمة لا تلين أمام الضغوطات التي يتعرض لها للتراجع عن شرطه تأليف حكومة متخصصين إذا رسا التكليف على تسميته.

وأمام هذا الواقع المتأرجح، باتت قوى الثامن من آذار أقرب من أي وقت مضى إلى نقطة المضيّ قدماً نحو الخطة البديلة عن تسمية الحريري، لكنّ أزمتها عادت لتصب في حضن الحريري نفسه باعتبارها تريده ضامناً داعماً للرئيس المكلف البديل عنه تجنباً لاحتراقه وحكومته سنّياً وعربياً ودولياً. وعلى هذا انتقلت خلال الساعات الأخيرة لعبة “الأجوبة والأجوبة المضادة” بين جبهة قصر بعبدا وحارة حريك من جهة، وجبهة بيت الوسط من جهة أخرى، لتشمل رصد رسائل متطايرة على الجبهتين مفادها أنّ الحريري يختار التنحي بشروطه على البقاء بشروط غيره، بينما المطلعون على أجواء الجبهة المقابلة لا يستبعدون ذهاب “حزب الله” مدعوماً من رئيس الجمهورية نحو الإبقاء على خيار استنزاف الشارع في المرحلة الراهنة والتريث في الخوض بغمار تأليف “حكومة مواجهة” إذا تعذر التوصل إلى اتفاق تسووي مبرم مع الحريري حول الشخصية المنوي تكليفها.

في الغضون، غابت زيارة الموفد الفرنسي كريستوف فارنو إلى بيروت عن دائرة الضوء والاهتمام الإعلامي تحت وطأة تسارع التطورات الميدانية فضلاً عن كونه جال على اللبنانيين خالي الوفاض إلا من مهمة استطلاعية تجاوزتها الأحداث بعدما لم يعد خافياً على القاصي والداني تأزم المشهد اللبناني بين من يصارع للبقاء على أنقاض السلطة المهشّمة وبين من يكافح للصمود في ساحات الثورة ضد الفاسدين والمفسدين على كراسي الحكم.