“حكومة الصفدي” في خبر كان… وحرب بيانات تنسف “التسوية”
“ثورة ثورة ثورة”… كم كان ثقيلاً هذا الهتاف على مسامع أهل السلطة وهو يصدح عالياً بأصوات المحامين في قصر العدل احتفاءً بفوز ملحم خلف نقيباً للمحامين على حساب مرشحي أحزاب السلطة والتيارات السياسية ولا سيما منها “التيار الوطني الحر” الذي اضطر إلى سحب مرشحه المحامي جورج نخله إثر التيقّن من انعدام حظوظه بالفوز حتى بعضوية انتخابات النقابة. “بين تشرين وتشرين” لم يحمل هذا العام “صيفاً ثانياً” فحسب، إنما جاء نجاح خلف بوصفه مرشح المستقلين في نقابة المحامين في 17 تشرين الثاني ليضيف انتصاراً ثانياً في سجل الثورة بعد نجاحها منذ انطلاقتها في 17 تشرين الأول في إسقاط حكومة الأحزاب… و”حبل الانتصارات على الجرار” تحت وطأة ضغط الثوار واتساع رقعة ساحاتهم مع استحداث ساحات جديدة خلال الساعات الأخيرة لا سيما في موقف مجمع فؤاد شهاب في جونيه الذي انضمّ إلى نقاط تجمع الثوار بديلاً من ساحة الزوق جنباً إلى جنب الساحات الوطنية المنتفضة شرقاً وغرباً وبقاعاً وجنوباً.
وبينما الثورة تواصل مسيرة انتصاراتها بثبات وعزم، تواصل السلطة مسار تخبطها في سياسة المكابرة والمناورة وإنكار ليس فقط الواقع المستجد بعد 17 تشرين الأول بل وتجاهل نداءات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي المتكررة وآخرها بالأمس عظته إلى “السياسيين المسؤولين من شتى المواقع عن تأليف الحكومة الجديدة” بأن يدركوا “مسؤوليتهم التاريخية عن الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي”، منبهاً إياهم: “الانتفاضة الشعبية ستحاسبكم والتاريخ… ثلاثة أسابيع مرت على استقالة الحكومة والمواقف هي هي ومركب الوطن آخذ في الغرق فهل أضحت المسؤولية السياسية للهدم والخراب والتعطيل؟ لا تنسوا تأكيد مقدمة الدستور أنّ الشعب هو مصدر سلطتكم”.
وبالحديث عن المراوحة الحكومية، عاد مؤشر التكليف والتأليف إلى ما دون نقطة الصفر بعدما أضحى مشروع ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي “في خبر كان”، وسط اندلاع حرب بيانات على جبهتي “بيت الوسط” – “ميرنا الشالوحي” تخطت شظاياه “تسوية” الصفدي لتصل إلى حد ملامسة نسف “التسوية” الأم بين الجبهتين بموجب الأسلحة المستخدمة بينهما من مختلف الأعيرة والعبارات اللفظية الثقيلة التي بلغت حدّ الاتهامات المتبادلة بـ”الكذب وانعدام المسؤولية والتسلل إلى التشكيلات الحكومية” و”الافتراءات وتحريف الوقائع على قاعدة ضربني وبكى وسبقني واشتكى”.
وفي تفاصيل انفجار الخلاف بين الحريري وباسيل، والذي دخل الصفدي على خطه منحازاً إلى الثاني في مواجهة الأول، برز في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال وضع الأجواء التي يضخها “التيار الوطني الحر” في خانة “التمادي في طرح وقائع كاذبة وتوجيه اتهامات باطلة” مفنّداً بشكل مسهب وقائع من مسألة ترشيح الصفدي واعتذاره لاحقاً ليكشف أنّ باسيل “هو من اقترح وبإصرار مرتين اسمه” بينما كانت اقتراحات الحريري تتمحور حول “أسماء من المجتمع المدني وعلى رأسها القاضي نواف سلام وقد قوبلت بالرفض المتكرر”، ناصحاً “التيار الوطني الحر” بالإقلاع عن “سياسة المناورة والتسريبات وتسجيل النقاط” باعتبارها “سياسة عديمة المسؤولية”. وفي المقابل، لم يتأخر رد باسيل عبر اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني” ليتهم الحريري بأنّ سياسته “لا تقوم فقط على مبدأ “أنا أو لا أحد” بل زاد عليها مبدأ آخر هو “أنا ولا أحد” غيري على رأس الحكومة بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين”.
وفي غضون هذا الاشتباك الإعلامي، كان “حزب الله” يجدد أمس تحديد مكمن “الداء والدواء” في بنية الأزمة الحكومية. فـ”الحزب لن يسمح بإخراج المقاومة وحلفائها من المعادلة الداخلية وهذا لن يحصل أبداً”. عبارة اختصر “حزب الله” من خلالها المشهد الحكومي على لسان عضو المجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق… هنا جوهر القضية وكل الباقي يدور في فلك “التفاصيل الفولكلورية”.