Site icon IMLebanon

نداء الوطن: النظام يريد إسقاط الشعب

 

موفد بريطاني إلى بيروت… و”الثورة” في تقرير الـ1701 اليوم

 

 

الأزمة تجاوزت أبعادها الإقتصادية والنقدية، لتصبح صراعاً وجودياً يخوضه المواطن لتأمين قوت يومه. هي سياسة ممنهجة تنتهجها السلطة لتركيع الشعب وتجويع أبنائه المنتفضين، هذا الشعب الذي خرج إلى الشارع لأنه يريد إسقاط النظام التحاصصي الفاسد بات هو نفسه في مرمى مخطط جهنمي يعمل عليه النظام لإسقاطه في فخ الاستنزاف القاتل وصولاً إلى الانهيار الشامل بغية دفع الناس إلى تحمّل تبعات ثورتها والانقلاب على مطالبها تحت وطأة الجوع والعوز وتآكل قدراتها الشرائية التي دخلت مربّع الخطر… فارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات بنسب تراوحت بين 20 و 30 في المئة، مضافاً على تقنين في الرواتب بمقدار النصف، امتص أكثر من 70 في المئة من القدرة الشرائية لغالبية العاملين في القطاع الخاص. ورهان أركان النظام على أنّ المؤسسات التي لا يزال باستطاعتها تقنين مصروفها اليوم، ستجد نفسها في الغد القريب مضطرة الى صرف أكبر قدر ممكن من العمال أو الإقفال، وفي كلتي الحالتين سترتفع معدلات البطالة الى نسب غير مسبوقة. وليس أدل على ذلك إلا التحذير من أن نسبة الصرف من القطاع الصناعي ستصل الى 25 في المئة (أي حوالى 40 ألف موظف من أصل 160 ألفاً يعملون في القطاع) إذا استمر الوضع على حاله من المرواحة. أما اولئك الموظفون في القطاع العام فليسوا أفضل حالاً، إذ إنهم، وعدا عن تآكل قيمة رواتبهم المقدّمة بالليرة اللبنانية، يعيشون حالة قلق حقيقية من عجز الدولة عن تأمين رواتبهم ابتداءً من مطلع العام المقبل. واجهات المتاجر الكبيرة تسجل نفاد الكثير من الأصناف، وما يسهل اليوم استبداله بعلامات تجارية أخرى، سيصبح في الغد مستحيلاً مع عجز التجار عن تأمين تمويلها، وعندها لن تبقى المعضلة تتمحور حول تحسين مستوى عيش المواطنين، إنما حول مدى قدرتهم على تأمين قوتهم اليومي.

 

ولأنّ الجبناء وحدهم هم من يفتقدون شجاعة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، تواصل السلطة استنزاف البلد وأبنائه في لعبة الهروب إلى الأمام نحو حافة الهاوية، بينما الناس تواصل مسيرتها وثورتها بشجاعة موصوفة لمنع إعادة عقارب الساعة الوطنية إلى ما قبل 17 تشرين المجيد متسلحين بصلابة الساحات واتساع رقعتها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً لفرض التغيير السلمي على رأس جدول الأولويات… “هؤلاء من كل المناطق اللبنانية والطوائف والمذاهب والأحزاب، من دون أن يعرفوا بعضهم بعضاً، التقوا، أخذوا قرارهم الشجاع والحر، فطالبوا بإجراء الاستشارات النيابية وفقاً للدستور وتشكيل حكومة جديدة بأسرع ما يمكن توحي بالثقة وتباشر الإصلاح ومكافحة الفساد وإدانة الفاسدين واستعادة المال العام المسلوب إلى خزينة الدولة، وإيقاف الهدر والسرقات”، حسبما وصفهم البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في معرض تثمينه عالياً “هذه الشجاعة عند شعبنا بكباره وشبانه وصباياه في انتفاضتهم السلمية والحضارية منذ سبعة وثلاثين يوماً”، مقابل تسجيله افتقاد “الشجاعة عند أصحاب القرار السياسي غير القادرين على اتخاذ القرار الشجاع لصالح لبنان وشعبه، لأنهم ما زالوا أسرى مصالحهم ومواقفهم المتحجرة وارتباطاتهم الخارجية وحساباتهم”.

 

وتأكيداً على استمرار المراوحة القائمة في عملية التكليف والتأليف، نفت مصادر مقربة من قصر بعبدا لـ”نداء الوطن” حصول أي تطورات في الموضوع الحكومي، معيدةً رمي الكرة في ملعب “بيت الوسط” عبر حديثها عن انتظار رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لحسم موقفه إما بالاعتذار عن عدم قبوله التكليف بتشكيل حكومة “تكنو – سياسية” أو عبر تسمية شخصية تحظى بموافقة الأفرقاء لتولي هذه المهمة مع ترجمة دعمه للشخصية التي سيسميها لرئاسة الحكومة بالمشاركة في التشكيلة المرتقبة.

 

وبينما ترفض مصادر القصر الجمهوري التعليق على مسألة انعقاد مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس باعتبار أنّ “دوائر القصر لم تتبلغ أي شيء حاسم ورسمي من هذا القبيل”، كشفت مصادر رفيعة لـ”نداء الوطن” عن زيارة مرتقبة سيقوم بها موفد بريطاني إلى بيروت خلال الساعات المقبلة للقاء المسؤولين اللبنانيين، موضحةً أنّ هذه الزيارة تأتي بهدف “الاطلاع عن كثب على مجريات الأحداث لرسم صورة أوضح حول الملف اللبناني ومساعدة لندن على تحديد موقفها إزاء المشاورات الدولية الجارية لبحث إمكانية عقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان”.

 

واليوم، تتجه الأنظار إلى نيويورك حيث سيكون لبنان حاضراً على طاولة مجلس الأمن من زاوية استعراض التقرير الدوري لتطبيقات القرار 1701، لا سيما وأنّ مصادر دبلوماسية مطلعة نقلت لـ”نداء الوطن” أنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إضافةً إلى تضمين بيانه الخروقات التي سُجلت لتطبيقات الـ1701 وموضوع تواجد السلاح غير الشرعي في مناطق عمل قوات اليونيفل والخروقات الحدودية من الجانبين والتحديات التي تعترض آلية عمل هذه القوات، فإنه سيتطرق كذلك في إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن إلى الثورة المطلبية القائمة في لبنان منذ 17 تشرين الأول الفائت مستعرضاً أسبابها الشعبية وتعاطي السلطات معها وانعكاسات ذلك على أجواء البلد واستقراره.